أعلنت قوات الدعم السريع سيطرتها على مناطق واسعة في ولاية سنار الواقعة جنوب شرق السودان من بينها عاصمة الولاية مدينة سنجة والدندر والسوكي، وقالت إنها تحاصر مدينة سنار المدينة التاريخية المعروفة، وفيما لم يؤكد الجيش السوداني سقوط هذه المناطق في يد الدعم السريع، إلا أنه أكد أنه "لا يزال يقاتل بثبات ومعنويات عالية".
فما الأهمية الاستراتيجية لولاية سنار؟
"موقع جغرافي ممتاز"
تقع ولاية سنار في جنوب شرق السودان، وتحدها من الشمال ولاية الجزيرة، ومن الشرق ولاية القضارف ومن الغرب ولاية النيل الأبيض ومن الجنوب ولاية النيل الأزرق.
ويقول الخبير في شؤون المنطقة عبد الجليل سليمان إن موقع الولاية وخاصة مدينتي سنار وسنجة تجعلها تتحكم في الطرق البرية الرابطة بين شرق البلاد وجنوبها وغربها.
وكان السكان يستخدمون الطرق البرية المارة بولاية سنار في الوصول الي المناطق الشرقية مثل القضارف وكسلا وصولا إلى بورتسودان ولكن هذا الأمر توقف الآن بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع علي منطقة جبل موية الواقعة في الأجزاء الغربية من الولاية نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي.
ويرى سليمان أن سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة في وقت سابق وأجزاء من ولاية النيل الأبيض جعلته يتحكم في هذه الطرق البرية "الأمر لا يتوقف عند التحكم على هذه الطرق الرئيسية، ولكن أيضا قطع الإمداد العسكري والتموين عن الفرق والحاميات العسكرية في المناطق الشرقية في البلاد".
أهمية موقع سنار لا تنبع كونها منطقة استراتيجية داخلية، وإنما لها بعد استراتيجي إقليمي في ظل وقوع بعض مدنها بالقرب من الحدود المشتركة مع أثيوبيا.
فمثلا مدينة مثل الدندر تبعد نحو 116 كيلومترا فقط من الحدود مع اثيوبيا من الجهة الجنوبية الشرقية.
ويقول سليمان إن وصول قوات الدعم السريع إلى المنطقة الحدودية قد يدفع النزاع المسلح مع الجيش ألي اتجاهات جديدة.
ويوضح فكرته بالقول: "ربما يحصل نوع من الاتفاق بين الجيش الاثيوبي وقوات الدعم السريع لتطويق قوات فانو الأثيوبية المعارضة المنتشرة في الحدود، مقابل حصولها على إمداد وسلاح من الجيش الاثيوبي.. أو ربما ستسمح القوات الاثيوبية بالالتفاف من داخل الحدود الاثيوبية في منطقة الفشقة وتضييق علي الجيش السوداني في منطقة القضارف".
"أهمية اقتصادية وتجارية"
تضم ولاية سنار العديد من المشاريع الزراعية الكبري والتي يتم ريها بواسطة خزان سنار وهو أحد أكبر السدود المائية في السودان التي تقع على النيل الأزرق.
وتمتاز سنار بالكثافة السكانية العالية لمجموعات سكانية مختلفة تعيش في عشرات القري المنتشرة على ضفتي النيل الأزرق والمدن الكبيرة.
ويعتقد سليمان أن هذه الكثافة السكانية والتنوع يجعل من ولاية سنار والمناطق المحيطة بها ذات أهمية اقتصادية وتجارية كبرى.
- بي بي سي تكشف تضرّر مستشفيات الفاشر الرئيسية ومنظمة أطباء بلا حدود تصف الوضع بـ"الكارثي"
- بعد مرور عام على تهجيرهم من قريتهم غربي دارفور، أطفال الجنينة يكافحون من أجل المستقبل
"سقوط مفاجئ"
بالرغم من أن مدينة سنجة بها عدد كبير من القواعد والحاميات العسكرية، والأجهزة الأمنية الأخرى مثل جهاز المخابرات والمستنفرين إلا أنها سقطت بكل سهولة في يد قوات الدعم السريع.
وخلال ساعات ظهر العديد من قادتها البارزين وهم داخل المقار العسكرية والمؤسسات الحكومية، ويقوم عناصره بالتجول في انحاء المدينة وهم يستعرضون المغانم العسكرية.
وفي تفسير لهذا الأمر، قال الناطق باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله لبي بي سي إن قيادة الجيش قررت سحب القوات من سنجة إلى سنار لتجنب المدنيين خطر العمليات العسكرية: " قررنا سحب القوات من سنجة حفاظا على المدنيين الذين يكثرون في المدينة وحفاظا علي سلامتهم".
غير أن الخبير العسكري اللواء متقاعد محمد المجذوب يرى أن سبب سقوط حامية سنجة لعسكرية يعود بما وصفه بسوء تقدير الموقف من قبل الجيش لتحركات قوات الدعم السريع "الدعم السريع كان يناوش في مدينة سنار لكن عينه كانت على مدينة سنجة، واستغل انشغال زيارة الجيش بزيارة قائده الفريق عبد الفتاح البرهان الي سنار ونفذ الهجوم على سنجة واستولى عليها".
وأضاف "قوات الدعم السريع كانت تخطط جيدا وتحسبت لهذا الأمر بدليل ظهور كبار قادتها كيكل والبوشي في قيادة فرقة الجيش من اللحظة الأولى وهو ما يعني أنهم كانوا يقودون العمليات العسكرية بأنفسهم".
وخلال استعراضها للغنائم العسكرية عبر الفيديو الذي نشرته قوات الدعم السريع ظهرت صور لآليات عسكرية وصناديق ذخيرة ومدافع وغيرها من العتاد العسكري.
وقال المتحدث باسمها النقيب الفاتح القرشي خلال بيان مصور إنهم غنموا العشرات من السيارات والآليات العسكرية وعدد كبير من الذخائر.
ويقول المجذوب الذي عمل سابقا في قيادة المنطقة العسكرية إن هذه الغنائم العسكرية ستساعد قوات الدعم السريع خلال تحركاتها المستقبلية "إذا ارادت قوات الدعم السريع مهاجمة مناطق أخرى فإنها لن تجد صعوبات في توفير الذخيرة لمقاتليها بعد أن حصلوا عليها من الجيش بعد هجومهم الأخير".
"تضييق الخناق على بورتسودان"
إذا تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على ولاية سنار، فإنها ستكون على بعد نحو 200 كيلومتر من مدينة القضارف ذات البعد الاستراتيجي والكثافة السكانية العالية.
والقضارف هي المدينة الأولى في الشريط المؤدي إلى مدينة بورتسودان التي حوّلها قادة الجيش إلى عاصمة إدارية مؤقتة للبلاد منذ أن سيطرت قوات الدعم السريع على الخرطوم العاصمة بعد أيام قلائل من بدء الحرب في أبريل/ نيسان من العام الماضي.
وتبعد القضارف عن بورتسودان بنحو 700 كيلومتر وتفصلها مدن مثل كسلا وخشم القرية وحلفا الحديدة. وكثيرا ما صرح قادة الدعم السريع بأنهم ينوون الوصول الي بورتسودان والسيطرة عليها.
غير أن رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان قد أكد خلال لقاء بقادة وجنود بقاعدة وادي سيدنا العسكرية في ام درمان بأن خسارة المعركة لا يعني خسارة الحرب "سننتصر على المتمردين – يعني قوات الدعم السريع – في كل جبهات القتال".
وفي هذا الصدد يقول المجذوب قد يبدو هذا السيناريو بعيد المنال وغير متحقق لدى البعض، ولكن بالنظر إلى الوقائع على الأرض واستمرار قوات الدعم السريع في السيطرة على مناطق تلو الأخرى، فإني أرى هذا السيناريو أمر ممكن الحدوث".
التعليقات