أفادت منظمة الصحة العالمية بخروج مجموعة من المصابين والمرضى من غزة، للعلاج في الإمارات. وهذه أكبر دفعة تخرج من القطاع لأسباب صحية، منذ بداية الحرب.
وقالت الصحة العالمية الثلاثاء، إن 85 مريضا ومصابا بحالات خطيرة، خرجوا من غزة إلى أبو ظبي.
فقد دمرت العمليات العسكرية الإسرئيلية الشاملة المنظومة الصحية، في القطاع المحاصر برا وبحرا وجوا منذ 2007.
وبعد سيطرة القوات الإسرائيلية على معبر رفح بين قطاع غزة ومصر، في مطلع مايو/ أيار، أغلق المنفذ الرئيسي لخروج المرضى والمصابين.
وأوضحت المنظمة الدولية أن 5 آلاف فلسطيني تلقوا العلاج، خارج بلادهم، حتى الآن، ولكن 10 آلاف آخرين بحاجة إلى الإجلاء لأسباب صحية.
وبدأ تجميع هذه الدفعة من أجل إجلائها الأحد. وكانت الحافلة في وسط دير البلح مكتظة بالمرضى والمصابين وعائلاتهم، قبل الرحيل.
تقول شذى أبو سليم، وهي تدفع ابنتها لميس على الكرسي المتحرك: "أدعو العالم كله إلى أن ينظروا إلينا بعين الرأفة". وتحتاج الطفلة الصغيرة، المصابة بالجنف، إلى عملية جراحية، وقد تأخرت عن موعدها لمدة ستة أشهر، وكانت تدير وجهها الدامع المرهق بصعوبة.
وأضافت: "لم أصدق، عندما أخبروني أن ابنتي على قائمة الذين سيخرجون من غزة من أجل العلاج. لا أعرف متى ستنتهي الحرب. عسى الله أن يسهل شفاء الجميع".
وكان مرضى غزة، حتى قبل هذه الحرب، بحاجة إلى العلاج في الخارج. فمستشفيات القطاع لا تتوافر فيها التجهيزات والمعدات الطبية المطلوبة في علاج الكثير من الحالات الخطيرة، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي.
وتمنع السلطات الإسرائيلية، منذ 2007، دخول وخروج أي سلع ومعدات، من قطاع غزة، بما في ذلك المواد الطبية والأدوية، إلا بترخيص. وتراقب إسرائيل حركة الناس أيضا، فلا يخرج المرضى من غزة للعلاج إلا بموافقتها.
ولكن الغارات الإسرائيلية أغلقت المستشفيات، وقتلت الأطباء، ومنعت دخول الأدوية، وأغرقت المصحات المتبقية بالمرضى والمصابين.
وتتلخص مأساة أهل غزة في قصة نسيمة التي تقول: "تعرضنا للقصف، فقتل أبني الأكبر، ووالدي، وفقد ابني الأصغر آسر بصره".
تجلس نسيمة ممسكة بالصغير آسر، وهو يضع عصابة على محجر عينه الفارغة، وساقها ملفوفة في الضماد.
وقالت: "عينه تفجرت وأصيب بكسر في الجمجمة. ويعاني ابني الأوسط من إصابة وتشوهات في الساق. وأعاني أنا من كسر في الجمجمة، وفقدان البصر في العين اليسرى، وكسر في الكتف والأضلاع".
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشف وجود مقاتلين من حماس وتجهيزاتهم في المستشفيات والمصحات، ولكن الحركة تنفي ذلك.
ويتهم الناشطون في حقوق الإنسان إسرائيل بإعاقة خروج المرضى والمصابين من قطاع غزة.
ورفعت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان ومنظمات أخرى، في مطلع يونيو/ حزيران، شكوى إلى المحكمة العليا في إسرائيل، بعد غلق معبر رفح.
ومنذ أن سيطرت القوات الإسرائيلية على المنطقة الحدودية، في بداية حملتها العسكرية، قبل شهرين، ترفض مصر فتح المعبر، وهو المنفذ الوحيد من غزة الذي لا يؤدي إلى إسرائيل. وكان الطريق الرئيسي لخروج المدنيين ودخول المساعدات إلى القطاع.
ويلح المسؤولون المصريون على ضرورة أن تعود السيطرة على الجانب الآخر من المعبر إلى الفلسطينيين.
وبقرار من المحكمة، التزمت الحكومة الإسرائيلية بوضع آلية دائمة تسمح بخروج منتظم للمرضى والمصابين.
ولكنها لم تفعل ما التزمت به، حتى الآن. وقالت الأحد إنها قررت إلغاء عملية الإجلاء المتوقعة، دون ذكر السبب.
وجاء في قناة "كان" الرسمية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، اتخذ القرار بنفسه، عقب القصف الصاروخي على مرتفعات الجولان السورية، التي تحتلها إسرائيل.
واتهمت إسرائيل حزب الله بنتفيذ الهجوم، الذي أدى إلى مقتل 12 طفلا، ولكن حزب الله نفى مسؤوليته عن الحادث.
ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية تراجعت عن قرارها. وقالت عزة أحمد الكفارنة، وهي أم وجدة، عمرها 57 سنة، مصابة بالسرطان، لبي بي سي، إن المرضى جهزوا أنفسهم للعودة إلى بيوتهم، بعدما سمعوا الخبر. ولكن طلب منهم الانتظار "لأن هناك إمكانية كبيرة ليوافقوا لكم بالخروج".
لا شيء مؤكد في هذه الحرب. وبالنسبة للذين حالفهم الحظ في أن يخرجوا، فإن الوداع مر أيضا.
وكانت سارة مرزوق، البالغة من العمر 12 سنة، وفقدت رجلها عندما قصف بيت جارهم، تمسح دموعها الأحد في محطة الحافلات.
"أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن يأتي معي جميع الأطفال في مثل حالتي للحصول على الأطراف الاصطناعية، والعلاج في الخارج".
وأضافت: "أتمنى أن أعود وأجد والدي في سلام".
وقالت عزة كفارنة إنها لم تكن لتخرج لولا أن المرض اشتد عليها. فهي لم تسمع عن أي مريض أو مصاب خرج من غزة ثم عاد.
"أنا مشتة بين مغادرة عائلتي، والخروج للعلاج". وأضافت: "ربما أخذت الأمور وقتا أطول. وربما طالت الحرب وسارت الأمور إلى ما هو أسوأ. لا أحد يعرف".
التعليقات