إيلاف من أنقرة: ذكرت منظمة "سنوقف قتل النساء" أن 34 امرأة قُتلن على أيدي رجال في تركيا، وتوفيت 20 امرأة أخرى في ظروف مريبة في شهر أيلول (سبتمبر)، وبلغ عدد النساء القتيلات 300 في عام 2024، وسط تساؤلات لا تتوقف عن أسباب العنف ضد المرأة، وكيفية التصدي له.
فقد أثارت سلسلة من جرائم القتل المروعة للنساء غضبا وطنيا في تركيا، مما أجبر الرئيس رجب طيب أردوغان على التعهد بتشديد القانون الجنائي في البلاد، ويبدو أنه على رأس الأسباب لظاهرة قتل النساء في تركيا تفشي العنف عموماً، وحينها تصبح المرأة هي الطرف الأضعف، كما أن القوانين لا تحمي المرأة بصورة كافية، فضلاً عن أن هناك مخاوف سياسية من جانب الحزب الحاكم من منح المرأة المزيد من الحقوق، أو هي ليست من أولوياته، مما تسبب في تفشي هذا الكابوس.
العنف ضد المرأة جريمة واسعة النطاق في تركيا - حيث قُتلت ما يقرب من 300 امرأة حتى الآن هذا العام - لكن المحتجين شعروا منذ فترة طويلة أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم لا ينظر إلى سلامة المرأة كأولوية سياسية.
لكن ثلاث جرائم قتل دفعت الموضوع إلى قمة جدول الأعمال، مع خروج مئات المتظاهرين في مسيرات في مدن مختلفة، مطالبين الحكومة بإنهاء إفلات الجناة من العقاب واتخاذ المزيد من الإجراءات ضد موجة العنف.
قطع رأسها ثم انتحر
في قضية أحدثت صدمة في أنحاء البلاد، أقدم سميح تشيليك ـ وهو جزار يبلغ من العمر 19 عاماً ـ الأسبوع الماضي على قتل امرأة تدعى إقبال أوزونر وقطع رأسها، قبل أن ينتحر.
وألقى القاتل رأس أوزونر من فوق أسوار مدينة إسطنبول التاريخية في حضور والدتها.
كما قتل تشيليك امرأة شابة أخرى تدعى آيشنور خليل بقطع حلقها في نفس اليوم.
وتأتي هذه الوفيات في أعقاب جريمة قتل شرطية تبلغ من العمر 26 عامًا في أيلول (سبتمبر)، والتي قُتلت أيضًا على يد مشتبه به لديه سجل إجرامي طويل.
أردوغان يخرج عن صمته
ردا على الغضب الشعبي المتزايد، قال أردوغان يوم الأربعاء أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم: "إن سلسلة من الأحداث الأخيرة، من استشهاد شرطية إلى القتل الوحشي لفتياتنا الشابات، أثارت رد فعل مبرر داخل أمتنا".
وأضاف "يزعجنا، كما يزعج أي شخص آخر، أن نرى أنواعًا من المجرمين لديهم عشرات القضايا في سجلاتهم الجنائية، يتجولون بحرية"، ووعد بتشديد نظام تنفيذ الأحكام ووقف الإفراج المبكر.
لكن العديد من النساء يشككن في وعد أردوغان الأخير، حيث قرر الرئيس من جانب واحد الانسحاب من اتفاقية إسطنبول - التي تهدف إلى منع ومكافحة العنف ضد المرأة - في عام 2021، بحجة أن بعض بنودها ضارة بالهياكل الأسرية التقليدية. وتهدف الاتفاقية أيضًا إلى حماية مجتمعات المثليين في البلاد.
416 قتيلة في 2023
وبحسب موقع "The Monument Counter" ، وهي منصة رقمية تقوم بتحديث الأعداد غير الرسمية للنساء اللاتي قُتلن في البلاد، قُتلت 297 امرأة حتى الآن في عام 2024. وبلغ عدد القتلى 416 في عام 2023.
قالت هوليا جولبهار، وهي ناشطة بارزة في مجال حقوق المرأة ومحامية، إن القانون التركي رقم 6284، الذي يوفر الحماية من العنف الأسري، قوي بما فيه الكفاية في حد ذاته، لكنه لا يتم تنفيذه بشكل صحيح.
الإفلات من العقاب.. سياسة ممنهجة
وأضافت أنه "لو تم تنفيذ القرار 6284، لكان من الممكن إنقاذ حياة آلاف النساء... ولكن الإفلات من العقاب هو سياسة دولة منهجية".
لقد وصل الغضب في تركيا إلى كل مستويات المجتمع لدرجة أن المشاهير والسياسيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أصبحوا متورطين بشكل نشط.
قال وزير العدل التركي يلماز تونتش، الأربعاء، إن محكمة في أنقرة قررت حظر الوصول إلى منصة الرسائل الفورية ديسكورد للاشتباه في استخدامها في جرائم "الاعتداء الجنسي على الأطفال والفحش".
وقالت سيرين كالاي إيكين، المحامية في مجال حقوق المرأة من أنقرة، إنها تعتقد أن تركيا انجرفت إلى دوامة من العنف ذات العواقب الوخيمة، وأن إلغاء اتفاقية اسطنبول جعل الأمور أسوأ بكثير.
وأضافت "بعد 22 عاما من حكم حزب العدالة والتنمية، لدينا الآن شباب يتحولون إلى ضحايا أو قتلة، والدولة لا تستطيع حماية المرأة والطفل."
التعليقات