وسط ترقب كبير، شهد إقليم كردستان انتخابات برلمانية محورية، مع مشاركة نسائية وشبابية بارزة في ظل هيمنة لعقود طويلة لحزبين رئيسيين. ويأمل الناخبون بإحداث تغيير حقيقي في المشهد السياسي.


إيلاف من بغداد: شهد إقليم كردستان العراق، يوم الأحد، انطلاق عملية التصويت لاختيار برلمان جديد لولاية تمتد لأربع سنوات، مع مشاركة حوالى 2.6 مليون ناخب من المدن الكردية الأربع: أربيل، السليمانية، دهوك، وحلبجة.

النساء قلب المنافسة
ويأتي ذلك وسط تطلعات كبيرة من قبل النساء والشباب الذين يسعون إلى إحداث تأثير سياسي أكبر في الإقليم. حيث تنافس 1191 مرشحاً على مقاعد البرلمان، منهم 368 امرأة، وهو ما يمثل 30% من إجمالي المرشحين.

وفقاً للنظام الانتخابي في الإقليم، تضمن النساء 30 مقعداً من أصل 100 نائب، وهو تمثيل مشابه للدورات السابقة. إلا أن الناشطات في مجال حقوق المرأة، مثل آفان الجاف، يؤكدن أن الطموحات تتجاوز مجرد دخول البرلمان، بل تشمل تسلم مناصب تنفيذية مؤثرة.
الجاف صرحت بأن النساء يسعين إلى تمكين أكبر في مواقع صنع القرار السياسي والإداري في الإقليم، مما يعزز مشاركتهن الحقيقية في السلطة.

الشباب ركيزة التغيير
إلى جانب النساء، كان للشباب دور بارز في هذه الانتخابات، حيث شكلوا ركيزة أساسية في الحملات الانتخابية. منظمات مدنية أكدت أن إشراك الشباب في الحياة السياسية يساهم في ترسيخ قيم الديمقراطية في الإقليم. هوشيار مالو، عضو منظمة شمس لمراقبة الانتخابات، أشار إلى أن الشباب يمثلون قوة حيوية لفهم مشاكل جيلهم والتعبير عنها بفعالية داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما قد يكون عاملاً محوريًا في تحديد ملامح البرلمان القادم.

مقاطعة مسيحية
في هذه الانتخابات، سجلت الأحزاب المسيحية مقاطعة احتجاجاً على تقليص عدد مقاعدها إلى ثلاثة فقط، مما أوجد فراغاً تحاول بعض الأحزاب الكردية ملؤه عبر تحالفات مع شخصيات مسيحية. ويُتوقع أن تؤدي هذه المقاطعة إلى تغييرات في التحالفات السياسية داخل البرلمان الجديد.

مراقبة دولية
الانتخابات لم تمر دون رقابة دولية، حيث شاركت بعثة مراقبين دولية تضمنت 75 مراقباً دولياً و13 ألف وكيل عن الأحزاب المتنافسة. كما حضرت البعثة الأميركية لمراقبة الانتخابات، حيث صرحت السفيرة الأميركية ألينا رومانوسكي بأن "التصويت هو العمود الفقري للديمقراطية"، وحثت الناخبين على الإدلاء بأصواتهم.

صراع بين القديم والجديد
لأكثر من عقود، شهد إقليم كردستان العراق تنافساً محموماً بين الحزبين التقليديين: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، واللذان يتقاسمان السلطة منذ عقود. ومع ذلك، يتوقع بعض المراقبين أن تتغير ملامح المشهد السياسي مع صعود أحزاب جديدة مثل "الجيل الجديد"، التي تستغل تراجع ثقة الشارع في الأحزاب التقليدية.

إعادة توزيع للخريطة السياسية
يتوقع المراقبون أن تؤدي هذه الانتخابات إلى إعادة توزيع الأصوات والمقاعد، مع إمكانية محافظة الحزب الديمقراطي الكردستاني على هيمنته بفضل تماسكه الداخلي وقاعدته الجماهيرية القوية. إلا أن صعود القوى الجديدة قد يكون بمثابة المفاجأة التي تهدد هذه الهيمنة وتعيد تشكيل الخارطة السياسية في الإقليم.

إغلاق صناديق الاقتراع
ومع إغلاق صناديق الاقتراع مساء يوم الأحد، بدأت المفوضية العليا للانتخابات في إقليم كردستان بالإعلان عن نسب المشاركة. وقد أظهرت الإحصاءات حتى الساعة 12 ظهراً أن نسبة المشاركة بلغت 31% موزعة على مدن الإقليم الأربع: أربيل بنسبة 34%، السليمانية 29%، دهوك 31%، وحلبجة 33%.

ومن المتوقع أن تعلن النتائج النهائية خلال الأيام القليلة المقبلة. بينما يتطلع الناخبون إلى تشكيل حكومة جديدة، يُرجح أن تستمر هيمنة الحزبين التقليديين، لكن مع دور متزايد للقوى الجديدة التي نجحت في استقطاب قطاع كبير من الشباب والنساء. البرلمان المنتخب سيقوم لاحقاً باختيار رئيس للإقليم ورئيس لحكومته، وهي خطوة ينتظرها الكثيرون باعتبارها خطوة نحو تجديد العملية السياسية في كردستان.