أسامة مهدي من لندن: استانفت المحكمة الجنائية العراقية في جلستها الرابعة عشرة اليوم محاكمة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين وستة من كبار مساعديه السابقين المتهمين بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 وذلك للاستماع الى اقوال مزيد من المشتكين الذين وصل عددهم الى 44 مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي .
وفي بداية الجلسة طلب المدعي العام منقذ ال فرعون تشكيل لجنة طبية لفحص المشتكين المصابين بالاسلحة الكيمياوية فقرر قاضي المحكمة محمد العريبي الخليفة مفاتحة وزارة الصحة بتشكيل هذه اللجنة من ثلاثة خبراء. كما اعترض القاضي على محاولة صدام الكلام غير ان هذا الاخير قال انه لاشيء لديه سوى طلب اوراق وقلم لتسجيل ملاحظات فاستجاب الخليفة لطلبه.
المشتكية الاولى
وقالت المشتكية الاولى وهي من محافظة السليمانية من وراء ستار ومن دون ذكر اسمها موضحة ان قريتها تعرضت لهجوم القوات العراقية ليلا ربيع عام 1988 مما دفع السكان الى الهرب الى الجبال والبقاء ليلتين هناك الى ان حضرت القوات واقتادت الجميع بسيارات عسكرية ثم فصلت النساء عن الرجال وكان بينهم زوجها واولادها حيث ارسلوا الى محتجز نقرة السلمان في صحراء السماوة الجنوبية.
المشتكون في جلسة امس واعتراضات صدام
وروى اربعة مشتكين امس هما رجلان وامراتين تفاصيل عن قصف القوات العراقية لقراهم ربيع عام 1988 ثم دخولها واحراقها وتدميرها واقتياد سكانها الى الاحتجاز القسري في منطقة نقرة السلمان بصحراء السماورة الجنوبية لمدة سبعة اشهر توفي خلالها العديد منهم . كما تحدث المشتكون عن فقدان العديد من افراد عوائلهم منذ ذلك الوقت حيث تاكد قتلهم فيما ابرز رئيس الادعاء العام منقذ ال فرعون وثائق تؤكد صحة ماقاله المشتكون من خلال ابراز هويات المفقودين وقد عثر عليها في مقابر جماعية وخطابات رسمية اصدرها النظام انذاك وعرضها على المحكمة.
وقد استؤنفت الجلسة التي بدات بالاستماع الى اقوال مشتكية جديدة صباح اليوم بحضور جميع المتهمين ووكلاء الدفاع الذين انتدبتهم المحكمة ومقاطعة هيئة الدفاع الاساسية للمحاكمة. وكان خليل الدليمي المحامي الرئيسي في فريق الدفاع اعلن الاحد الماضي ان صدام طلب من الفريق خلال لقائه معه مطلع الشهر الحالي مقاطعة جلسات محكمة الانفال بسبب ما اسماه بتدخل الحكومة العراقية.
ومن المنتظر ان تستمع المحكمة في جلساتها المقبلة الى 30 شاهداً قبل البدء بالاستماع الى شهود النفي الذين لم تقدم هيئة الدفاع قائمة بأسمائهم الى هيئة المحكمة بعد باستثناء عدد قليل من المسؤولين في الحكومة السابقة ومنهم طارق عزيز نائب رئيس الوزراء السابق.
وفي جلسة امس اعترض صدام حسين الذي بدا هادئا امس بعد ان كان طرد من قاعة المحكمة في جلسات سابقة على طريقة توجيه المترجم من اللغة الكردية الى العربية اسئلة القاضي الى المشتكين وقال انها ايحائية تقود المشتكين الى الادلاء باقوال لم يكونوا يريدون قولها .. وقد ايد ذلك القاضي محمد الخليفة وكذلك المدعي العام منذر ال فرعون . كما شكك مدير الإستخبارات العسكرية في النظام السابق المتهم صابر الدوري في وجود معتقل quot;نقرة السلمانquot; الذي قال المشتكون انهم اعتقلوا فيه وتعرضوا للتعذيب.
المتهمون والتهم في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنانquot;.
التعليقات