اثر تسجيل الخسائر الاميركية في العراق ارتفاعا قياسيا
الاميركيون لمراجعة استراتيجيتهم والبريطانيون للخروج
ولاحظت مصادرعراقية تحدثت مع quot;ايلافquot; اليوم الجمعة ان هذين التطورين في مراجعة الستراتيجية الاميركية العسكرية في العراق والدعوة البريطانية لانسحاب سريع منه تأتي بعد يومين من تفجير اكبر مستودعات للاسلحة والذخيرة في اكبر قاعدة للقوات الاميركية في العراقمساء الاربعاء واثر الارتفاع المتزايد لقتلى هذه القوات. واكدت ان هذه القاعدة التي اطلق عليها (قاعدة الصقر) التي تم البدء ببنائها في ضواحي بغداد الجنوبية الغربية بعد ثلاثة اشهر من دخول القوات الاميركية الى العراق قد كلفت حوالي مليار دولار واستمر العمل فيها لستة اشهر مما شكل النجاح في تفجير مستودعاتها نقلة نوعية في نشاط المسلحين استدعت من الاميركيين مراجعة خططهم الحالية في مواجهة المسلحين.
فقد اضاء حريق القاعدة سماء العاصمة العراقية التي سمع ساكنيها أصوات أكثر من 50 من الانفجارات بدأت في حوالي الساعة الحادية عشرة مساء واستمرت حتي الفجر بعد ان أخذت تتكاثر وتزداد قوتها مع اتساع دائرة السنة النار في القاعدة . وقد أعلنت جماعة الجيش الإسلامي في العراق مسؤوليتها عن الهجوم وقالت في بيان لها quot; قامت مفارز الاسناد الناري للصواريخ والهاونات في الجيش الاسلامي بقصف قاعدة للجيش الأميركي المحتلquot;. لكن جماعة اخرى يبدو انها تنتمي لجيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر قالت في منشور وزع في بعض مناطق بغداد اان افرادها قاموا بقصف القاعدة بالهاونات من منطقة ابو دشير الشيعية والتي ينتشر فيها جيش المهدي والذي هاجمته القوات الاميركية قبل أيام واعتقلت العشرات من عناصره .
الاميركيون يراجعون ستراتيجيتهم في العراق
واليوم اعترف رئيس هيئة الأركان في الجيش الأميركي الجنرال بيتر بايس بأن إستراتيجية الولايات المتحدة في العراق تخضع حاليا للمراجعة حيث يشهد الشهر الحالي رتفاعا متزايدا لعدد قتلى القوات الأميركية العاملة في العراق حيث بلغ في أقل من أسبوعين 45 قتيلا مما يجعل شهر تشرين الاول (اكتوبر) الحالي الأكثر دموية للقوات الأميركية منذ عامين. وقال بايس إن مجمل الاستراتيجية الأميركية للعراق تخضع لمراجعة عامة بما في ذلك الاستراتيجية المتعلقة بخطط الانسحاب وتسليم المهام للقوات العراقية كما ابلغ شبكة quot;سي ان انquot; الاميركية اليوم حيث تأتي تصريحات رئيس هيئة الأركان هذه تأتي في أعقاب يوم على اجتماع عقده الرئيس الأميركي جورج بوش مع الجنرال الأميركي جورج كايسي قائد القوات المتعددة الجنسية في العراق وسط تساؤلات طرحها أعضاء في الحزب الجمهوري الحاكم على الرئيس إزاء السياسات المعتمدة في العراق . وقال بوش في أعقاب لقاء كايسي أنه مستعد لإعادة النظر في هذه السياسات مؤكدا quot;إذا كانت الخطة غير فعالة حاليا .. الخطة الموضوعة قيد التنفيذ غير فاعلة على أميركا تعديلها..إنني موافق على ذلك كليا.quot;
وقال بايس إنه سيقوم إلى جانب مسؤولين عسكريين آخرين بإيجاز القادة الميدانيين عن هذه السياسات. أما السياسات الإستراتيجية الأخرى لدى الإدارة الأميركية فتتعلق بجمع الشيعة والسنّة من أجل سياسة موحدة وسط احتدام الجدل بين القادة العراقيين إزاء موافقة مجلس النواب العراقي الاسبوع الحالي على مشروع الاقاليم الذي يسمح بتشكيل كيانات فيدرالية تتمتع بشبه حكم ذاتي وسط مقاطعة قوى سياسية رئيسية تخشى أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم البلاد.
ارتفاع الخسائر وانتهاء وجود المتعددة الجنسيات
ولاحظت المصادر العراقية التي مازالت تتحدث مع quot;ايلافquot; ان حديث القائد الاميركي ياتي بالاضافة الى ازدياد الخسائر الاميركية مع اقتراب انتهاء ولاية القوات المتعددة الجنسيات في العراق نهاية العام الحالي وسط دعوة قوى سياسية عراقية تصدرها 140 نائبا رفعوا طلبا الى الحكومة يدعونها فيه الى ضرورة وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية . لكن الحكومة تشير الى انها ستطلب من مجلس الامن تمديد بقاء هذه القوات في العراق لسببين الاول حاجة القوات العراقية لمزيد من التدريب والتسليح الذي تقوم به المتعددة الجنسيات اضافة الى الحاجة لها لمساعدة العراقيين على الحفاظ على الامن في مناطق العراق المضطربة وخاصة في العاصمة بغداد كما شار مؤخرا وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري .
اما بالنسبة للخسائر الاميركية فانها قد تزايدت خلال الايام القليلة الماضية بشكل ملحوظ نتيجة تصاعد اعمال العنف التي تواجهها حيث قتل 45 جنديا اميركيا منذ بداية الشهر الحالي واذا استمر المعدل الحالي فانه سيكون الشهر الاكثر دموية للقوات الاميركية منذ كانون الثاني (يناير) عام 2005. كما ارتفع عدد المصابين في صفوف القوات الاميركية جراء القتال ليصل الي أكثر من 770 مصابا الشهر الماضي وهو اعلى عدد منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2004 عندما شنت القوات الاميركية عملية للقضاء على المسلحين في مدينة الفلوجة الغربية المضطربة .
وعزا الميجر جنرال وليام كالدويل بالجيش الامريكي في لقاء صحفي في بغداد امس الخميس ارتفاع الخسائر البشرية الى العنف المسلح الذي يتزامن مع شهر رمضان اضافة الى عمليات تتسم بمزيد من العدوانية في بغداد. وقال quot;نفترض ان الامور ستسير نحو الاسوأ قبل أن يطرأ عليها تحسن. نتوقع استمرار العنف وتفاقمه على مدى الاسبوعين القادمين حتى نهاية رمضان.quot; واضاف ان 15 ألف جندي اميركي في بغداد يركزون جهودهم على تقييد نشاط فرق الموت وغيرهم ممن يتحملون مسؤولية العنف الطائفي بين السنة والشيعة والذي يعتقد القادة الاميركيون انه قد يؤدي الى حرب اهلية اذا لم يتم ردعه .
كما اعترف الجنرال جورج كيسي امس ان مستوى العنف في الاسابيع الماضية كان الاعلى منذ بدء الحرب في العراق حيث يوجد 141 الف جندي اميركي هناك قتل منهم لحد الان 2757 جنديا منذ بدء الحرب في اذار (مارس) عام 2003 اضافة الى اصابة 20895 جنديا في القتال تعرض الكثير منهم لتشوهات من جراء جروح نجمت عن انفجارات قاتلة لقنابل زرعها مسلحون على الطرق وهو السبب الرئيسي للاصابات في صفوف القوات الاميركية بالعراق في حين اصيب حوالي 6000 اخرين في حوادث غير قتالية.
.. والبريطانيون يتحدثون عن رحيل سريع
وبالتزامن مع هذا القلق الاميركي من فداحة الخسائر المتكبدة في العراق فقد دعا رئيس أركان الجيش البريطاني اليوم الجمعة وبشكل غير معهود في تصريحات العسكريين إلى ضرورة سحب القوات البريطانية من العراق وفي أقرب وقت قائلا إن خطط الحرب التي سبقت الغزو افتقرت الدقة وكانت quot;ضعيفة واستندت على الأرجح على التفاؤل أكثر من التخطيط السليم.quot;
وفي مقابلة مع صحيفة quot;ديلي ميلquot; البريطانية قال الجنرال ريتشارد دانات إنه أكثر تفاؤلا بنجاح الأمور في أفغانستان لكنه شدد على الحكومة البريطانية الخروج من العراق بأقرب وقت quot;لأن وجودنا يفاقم المشاكل الأمنية quot; حيث يوجد هناك سبعة الاف عسكري بريطاني يتمركزون في محافظات جنوب العراق ويتعرضون لعمليات عسكرية مناهضة من مسلحين يقال انهم من عناصر جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي تتهمه القوات الربريطانية بتلقي اسلحة من ايران وخاصة العبوات الناسفة لاستخدامها ضدها .
واضاف دانات quot;لا أقول إن الصعوبات التي نتعرض لها في شتى أنحاء العالم سببها وجودنا في العراق، لكن لا شك في أن وجودنا في العراق أدى إلى تفاقمها.quot; واعرب عن تشاؤمه من إحلال نظام ديمقراطي في العراق يكون قدوة لدول المنطقة. وقال إن خطة التحالف بقيادة الولايات المتحدة من أجل قيام ديمقراطية في العراق يمكن أن تكون مثالا للمنطقة من المستبعد تحقيقها. وأضاف quot;ذلك كان أملا، سواء كان منطقيا أو ساذجا..التاريخ سيحكم..quot; وشدد على أن استراتيجية تشكيل نظام ديمقراطي في العراق تفتقر للتخطيط السليم.
وأضاف quot;نحن في بلد مسلم ورأي المسلمين في وجود الأجانب في بلادهم واضح تماما فالأجنبي يمكن أن يكون محل ترحيب عند دعوته إلى بلد ما لكننا لم نُدع بالتأكيد من جانب من هم في العراق في ذلك الوقت.quot; وقال أن quot;الحملة العسكرية التي خضناها في عام 2003 دخلت البلاد عنوة في واقع الأمر..quot;
واشارت المصادر العراقية الى أن تصريحات أرفع مسؤول عسكري بريطاني هذه تاتي متناقضة مع موقف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أبرز حلفاء الرئيس بوش في خطط غزو العراق حيث يصران على ضرورة بقاء القوات الأجنبية في العراق إلى حين استتباب الأمن. الا انها وقالت ان ما يعطي تصريح دانات بعدا اكثر اهمية هو نفيه وجود أي خلاف بينه وبين بلير ووزير الدفاع ديز براون حول إدارة الحرب في العراق مايعني ان تصريحه لم يكن عسكريا فحسب وانما سياسيا ايضا ..خاصة وانه اوضح بعد ذلك أن حديثه مع الصحيفة تناول عدة مسائل إلا أنه لم يقصد فيه الدعوة لانسحاب فوري من العراق إنما الحث على التفكير في جدول زمني لإنهاء المهمة هناك.
وبعد ساعات من تداول الوكالات مقتطفات من المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة اللندنية أوضح دانات لمحطة quot; بي بي سيquot; البريطانية أنه دعا إلى أن تكون مهمة الجنود البريطانيين في العراق متواضعة وحددها ببضعة نقاط بينها الحفاظ على وحدة وتماسك العراق وتمكين الحكومة العراقية من فرض الأمن في البلاد .
واضاف أنه كان يقصد أن القوات البريطانية بقيت في العراق ثلاث سنوات ونصف quot;ويجب ان نفكر الآن في الاستعداد لجدول زمني للانسحاب فقد كنا في أربع محافظات في العراق سلمنا منها محافظتين للعراقيين ويجب أن نؤمن المحافظتين الآخرتين ثم نفكر في الخروجquot;.
واشارت المصادر العراقية الى انه يبدو ان القائد العسكري البريطاني الذي فقدت قواته 115 قتيلا في العراق لحد الان قد قال مايعتقده صحيحا في تصريحاته لصحيفة quot;ديلي ميلquot; لكنه يبدو ان ضغوطا سياسية قد مورست عليه للتخفيف من حدتها الامر الذي ارغمه على ابداء توضيحاته هذه وسط جدل احتدم بين الحكومة والمعارضة التي استغلتها للتاكيد على خطأ سياسات بلير .
وقد جاءت تصريحات دانيت متزامنة مع ما ذكرته صحيفة quot;التايمزquot; البريطانية اليوم الجمعة بان تسعة جنود بريطانيين من الذين خدموا في العراق اتهموا بتهريب المخدرات وهم مهددون بالاحالة امام محكمة ميدانية. وقالت الصحيفة ان العسكريين الذين ينتمون الى الفوج الثالث في كتيبة يوركشاير، متهمون بشراء مادة الكوكايين من عصابات في المانيا حيث مقر كتيبتهم. واشارت الى فتح تحقيق عسكري لتحديد ما اذا كانت المخدرات قد بيعت لعسكريين بريطانيين اخرين يخدمون ايضا في العراق. واكد متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية ان السلطات القضائية العسكرية البريطانية وجهت اتهامات الى تسعة عسكريين في الفوج بتهريب الاسلحة والمخدرات.
التعليقات