اندريه مهاوج من باريس: يروى ان راعيا كان يعمد كلما اراد الترفيه عن نفسه الى خداع اهل قريته فيلجأ الى الاستنجاد بهم لمساعدته على حماية قطيع اغنامه من الذئب بعدما يوهمهم بان الذئب يريد مهاجمته. وبعد تكرار هذه الخدعة فقد الراعي مصداقيته فلما جاءه الذئب فعلا لم يهب احد لنجدته. بصراحة هذه هي حال الصحافيين العرب والفرنسييين في باريس منذ بداية الاسبوع مع زهير الصديق الذي كان اعتقل خلال الصيف في فرنسا في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الاسبق رفيق الحريري وافرج عنه الشهر الماضي.

فمنذ بداية هذا الاسبوع تتكرر الاشاعات وتتوالى ومفادها واحد : الصديق سيعقد مؤتمرا صحافيا . هذه الصحيفة او تلك نشرت الخبر. وفي لحظة لا يعد بامكانك الاتصال باي صحافي عربي في باريس . خطوط هواتفهم جميعا او معظمهم مشغولة . بماذا ؟ بسؤال واحد : في أي ساعة وفي أي مكان ؟ واذا كان المكان المزعوم احد المطاعم اللبنانية في الدائرة الخامسة من باريس ـ اصبح معروفا منذ اليوم الاول لانطلاق الاشاعة ،فان اللغز بقي حول ساعة عقد المؤتمر.

ولو صدقت صيحات الاستنجاد بالصحافيين لكان الصديق عقد مؤتمره الصحافي نهار الثلاثاء عند الخامسة عصرا في ذلك المطعم اللبناني. ولو صدقت صيحات الاستنجاد بالصحافيين ثانية لكان الصديق عقد مؤتمره اليوم الخميس. ولكان صاحب المطعم بغنى عن تمضية وقته في الرد على اتصالات الصحافيين نافيا اي علم له بتنظيم مؤتمر في مطعمه من دون علمه.

quot;خدعة الراعي quot; انطلت ايضا على إيلاف التي اتصلت مرتين الاولى نهار الثلاثاء والثانية الخميس للاستفسار من صاحب المطعم عن موعد المؤتمر . وفي كل مرة كان الجواب نفسه . ياجماعة دعونا نشتغل . كيف يمكن تنظيم مؤتمر صحافي هنا من دون علمنا ؟لدينا ما نقوم به غير الرد على اسئلة الصحافيين الفرنسيين والعرب حول هذا المؤتمر المزعوم . كل ما في الامر ان الصديق كان قبل اعتقاله يمر الى مطعمنا بين الحين والاخر ليتناول طعام الغداء واحيانا كان يرافقه رجل او اثنان .

فأي مؤتمر هذا الذي لم يتلق أي صحافي دعوة لحضوره ؟ ومن يقف وراء الترويج لهذه الشائعات ؟ وباي هدف ؟
محامي زهير الصديق اصدر بيانا تلقت إيلاف نسخة منه نفى فيه جملة وتفصيلا نية موكله الحديث للصحافة. واوضح المحامي غيوم سيلنيه في بيانه ان الصديق امتنع منذ اشهر عن الادلاء باي تصريح علني حول تطور التحقيقات الدولية المتعلقة بظروف العملية التي ادت الى مقتل رفيق الحريري و22 شخصا اخرين. واضاف البيان ان الصديق التزم الصمت على الرغم من نشر وسائل الاعلام معلومات كثيرة عن هذه القضية ثبت ان معظمها كان خاطئا . وقد التزم الصمت منذ توقيفه استنادا الى مذكرة دولية صادرة عن السلطات اللبنانية. كما التزم الصمت على الرغم من الدعوات المتكررة التي طالبته بالتراجع عما ورد في اعترافاته امام لجنة التحقيق الدولية .

واضاف البيان ان السلطات الفرنسية افرجت عن زهير الصديق بعدما رات بكل استقلالية وحرية ان تسليمه للسلطات اللبنانية يصطدم بعائق قانوني يمنع تسليم أي متهم لبلد يعتمد عقوبة الاعدام .

واضاف المحامي في بيانه ان موكله يريد توضيح عدد من الامور:

اولا ان الصديق لم يتراجع في أي لحظة عن شهادته التي اختار ان يدلي بها امام لجنة التحقيق الدولية وان كل معلومات مغايرة لهذه الحقيقة هي معلومات خاطئة ناجمة عن سوء نية هدفها مجرد الاساءة ؟

وثانيا فان الصديق لم يلاحق ابدا بتهمة الادلاء بشهادة خاطئة . كما ان لجنة التحقيق الدولية لم تشكك ابدا بشهادته في أي تقرير من تقاريرها وهذا ما لم تفعله ايضا لا السلطات اللبنانية ولا الفرنسية.

ثالثا ان الصديق لا يزال موضوعا بتصرف السلطات الدولية المختصة بالتحقيق في اغتيال الحريري من اجل اظهار الحقيقة كاملة . وهو من اجل هذه الغاية التقى اخيرا اعضاء لجنة التحقيق وكرر امامهم شهادته السابقة.

رابعا يؤكد الصديق انه يضع نفسه بتصرف كل سلطة قضائية دولية قد تكلف بمحاكمة الذين ستثبت مسؤوليتهم عن اغتيال الحريري ورفاقه.