إيلاف: ربحت أنجيلا ميركل, 52 عاماً, في الانتخابات الخريف الماضي منصب المستشار في أكبر دولة اقتصادية في أوروبا, مفاجئة بذلك سلفها غرهارد شرودر وحتى أعضاء آخرين من الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه.

ومنذ ذلك الحين تؤثر ميركل ndash; التي انتقلت من العلوم إلى السياسة ndash; وتترك انطباعاً لدى قادة العالم من توني بلير إلى جورج بوش. لكن ميركل الآن تواجه حرباً لا هوادة فيها؛ إذ انخفضت نسبة تأييدها إلى 56% بعد أن كانت 80% بداية العام الحالي, ما يجعل من الصعب على ميركل أن تربح بتفاخر مع توافر المبادرات التشريعية الرئيسية التي تشمل الإصلاح في الرعاية الطبية وإعادة تنظيم ضرائب الشركات.

وتوقعت تاتيانا سيرافين في مجلة فوربس المالية أنه لا يزال هناك وميض من الأمل. فقد نما ثالث أكبر اقتصاد في العالم 2% العام الحالي بعد أن كان راكداً لخمس سنوات, وما تزال ميركل تشق طريقها إلى الأمام حاملة معها خطتها الاقتصادية لإعادة التنظيم, وتندفع باتجاه زيادة مخيفة في ضريبة شراء السلع. يقول تيموثي جونز ndash; المحلل الأوروبي في شركة الاستشارات السياسية والاقتصادية ميدلي غلوبل أدفايزرز: quot;يعتقد الناس أن الزيادة في ضريبة شراء السلع بمثابة انتحار اقتصادي, ولكن في اللحظة التي يُطبّق فيها القرار ستزداد ثقة المستهلك بشكلٍ كبير.quot;

وخلف الكواليس, كانت ميركل تسعى لرفع مستوى استثمار الولايات المتحدة في ألمانيا. ففي مايو ويونيو (أيار وحزيران) سافرت إلى الولايات المتحدة دون إحداث ضجة في وسائل الإعلام لتلتقي في جلساتٍ مغلقة برواد الصناعة في الولايات المتحدة, ومنهم رئيس شركة كوكا كولا نيفيل إسديل ورئيس شركة جنرال إلكتريك جيفري إميلت ورئيس غولدمان ساكس آنذاك هنري بولسن.

وحسب مساعد ميركل, ألريتش ويلهلم, فقد استخدمت ميركل هذه اللقاءات لتشجع على البحث ومهارات التقنية العالية في بافاريا كما في سيليكون فالي, بالإضافة إلى عرض الأسواق الأخرى في ألمانيا.

على جبهةٍ أخرى للعمل, مثلت ميركل القوة الداعمة لافتتاح دويتشه تيليكوم, التي تمتلك منها الدولة 15%, وذلك لتوظيف المال من مجموعة بلاكستون أحد أكبر الصناديق الاستثمارية الأميركية. كما عملت على تشجيع تطور سوق العقار في ألمانيا الذي كان يعاني من تركيبة تهدد البلاد بإعادتها إلى فترة ما قبل توحدها, لكنها الآن ترى الفوائد التي تُجنى من الصناديق الوقائية.

ما تحاول ميركل تنسيقه هنا هو إدراك مدى أهمية أميركا للاقتصاد الألماني, والعكس صحيح. وحسب إحصائيات حكومية, فإن حجم التجارة الكلي بين الولايات المتحدة وألمانيا يتجاوز 100 بليون دولار في العام الواحد. إذ تمثل أميركا ثاني أكبر شريك تجاري لألمانيا, بينما تمثل ألمانيا خامس أكبر شريك لأميركا. وتستثمر ألمانيا ما يقارب 200 بليون دولار في الولايات المتحدة فقط, ما يشكل حوالي ربع الاستثمار الكلي لألمانيا في الخارج. كما تستثمر أميركا ما يقارب 100 بليون دولار في ألمانيا, ما يساوي 15% من الاستثمار الأجنبي المباشر للولايات المتحدة على مستوى العالم.

وابتداءً من العام 2002 كانت حوالي 3400 شركة ألمانية السبب في توفر 800000 وظيفة في الولايات المتحدة, وفي الوقت نفسه كانت ما يقارب من 1400 شركة أميركية السبب في إيجاد 475000 وظيفة في ألمانيا, أي ما يشكل ربع الوظائف التي تقدمها الشركات الأجنبية في البلاد.

إن نقطة القوة لدى ميركل هي في الارتباط المتواضع الذي لا يكل ولا يمل. quot;ترى ميركل أن دورها يتمثل في أن تكون وسيطاًquot;, كما يقول جونز من ميدلي غلوبل أدفايزرز.

بدأت سياسة ميركل البارعة تؤتي ثمارها, فالاقتصاد الراكد في ألمانيا بدأ يظهر دلائل الانتعاش حالياً. كما كانت ميركل القوة التي وقفت داعمةً للحل الوسط بين بريطانيا وفرنسا في النزاع الذي حدث ديسمبر (كانون 1) الماضي حول ميزانية الاتحاد الأوروبي.

إضافة إلى أن ميركل جعلت من ألمانيا حليفةً للولايات المتحدة في معارضة أنشطة إيران النووية, وتحدثت عن أمن الطاقة في اجتماع قمة مجموعة الثماني الصيف الحالي, حيث كانت المرأة الوحيدة على طاولة المفاوضات.

استطاعت ميركل كذلك أن تستفيد من تدريبها العلمي, إذ كانت متخصصة في الفيزياء سابقاً.

يقول د. نوربرت والتر ndash; رئيس الاقتصاديين في مجموعة مصرف دويتشه: quot;تركز ميركل على التقنية والابتكار والمنافسة,quot; والاهتمامات التي تتطلب بطبيعتها وجود المشاركة والتعاون. أضاف والتر أيضاً أن ميركل quot;ليست مهتمة بالدفاع عن مجموعات المصالح الشخصية النموذجية.quot;

ترجمة: سامية المصري