حزب الله يضع إسرائيل في شارع بلا مخرج
حرب لبنان أحبطت صفقة تبادل بين تل أبيب وحماس
خلف خلف من رام الله: كشف النقاب أمس الخميس عن أن مدير مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يورام توربوفيتش قال في إفادته أمام لجنة فينوغراد لتقصي أحداث حرب لبنان الثانية إن إسرائيل كانت عشية اندلاع هذا الحرب على وشك إتمام صفقة مع حركة حماس لإطلاق سراح الجندي المخطوف جلعاد شاليت. وأضاف توربوفيتش أن ألامين العام لحزب الله حسن نصر الله أراد إفشال الصفقة وفتح جبهة ثانية أمام إسرائيل إضافة إلى الجبهة على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة. وأكد توربوفيتش أن جميع المشاركين في الجلسة التشاورية الأمنية الأولى بعد عملية اختطاف الجنديين إلداد ريغيف وايهود غولدفاسير كانوا مصممين على ضرورة اتخاذ رد حازم عليها.
إلى ذلك، تسيطر حالة من الترقب في إسرائيل بعد نجاح الصفقة المفاجئة شيئا ما مع حزب الله قبل عشرة أيام، بانتظار نضج الصفقة الكبيرة لإطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين المحتجزين لدى حزب الله، وهما: quot;الداد ريغف واهود غولدفاسرquot;.وبحسب صحيفة هآرتس الصادرة اليوم فأن فرصة إطلاق سراحهما تتعلق سعتها بسؤال، هل ما يزال ريغف وغولدفاسر أو أحدهما على الأقل على قيد الحياة. لكن من الواضح على أية حال أن إسرائيل ستضطر إلى دفع ثمن عال من جهتهاquot;، كما تقول الصحيفة.
ويطلب حزب الله إطلاق الأسرى اللبنانيين الستة الذين تحتجزهم إسرائيل ومئات من الأسرى الفلسطينيين. بينما تعارض إسرائيل مبدئيا إطلاق فلسطينيين لكنها حتى إذا نجحت في التمسك بهذا المبدأ أو أن تخفض على الأقل عدد المطلقين فإنها ما تزال معلقة بما يبدو أنه شارع بلا مخرج، بسبب طلب حزب الله كذلك إطلاق القيادي في الحزب سمير قنطار. المعتقل في إسرائيل منذ نيسان/أبريل عام 1979.
وكان من المفترض أن يطلق سراح قنطار في 2004، في إطار المرحلة الثانية من صفقة العقيد حنان تننباوم ndash; يسمون هذا في إسرائيل quot;ديل بيquot; ndash; مقابل معلومات يوجدها حزب الله عن مصير الطيران المختفي رون اراد. لكنه في اللحظة الأخيرة فشلت عملية إطلاق القنطار لأسباب غامضة.
وقبل عشرة أيام، في صفقة في رأس الناقورة، نقل حزب الله معلومات عن أراد، واشتملت المعلومات بحسب التقارير الإسرائيلية على رسالة وعلى صورة لأراد سلمها عوفر ديكل لزوجته، وديكل هو المسؤول المكلف من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي عن ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى.
ولكن الرسالة والصورة ليستا بمنزلة quot;معلومات عمليةquot;، يمكن منها فهم ماذا كان مصيره. فكلتاهما من الفترة التي كان فيها اراد أسيرا عند منظمة (أمل) قبل أن تختفي أثاره. كما نقل حزب الله أيضا جزءا من الاستطلاع الذي أعده، وعن إعمال البحث والتحقيق التي قاموا بها في قضية اراد.بالنسبة لحزب الله يوجد في المعلومات التي نقلها إلى إسرائيل الآن ما يفي بنصيبها من quot;ديل بيquot; لإطلاق سراح القنطار. لكن مسؤول الملف عوفر ديكل لا يرى الأمر كذلك وهذا ما يعتقده أيضا رئيس الوزراء ايهود اولمرت.
وتقول صحيفة هآرتس إن ديكل ذكر لرئيس الوزراء الإسرائيلي ولمساعديه من الاستخبارات انه قد ورد في وثيقة quot;ديل بيquot; بصراحة أنه يجب على حزب الله أن ينقل quot;برهانا علميا على مصير رون ارادquot;. وهذا تعريف واضح معناه عينة من الـ دي.ان.ايه فقط، والدم، وآثار الأسنان، وبصمات الأصابع أو أجزاء من الجثة تكون كافية لإسرائيل، لا أشياء من اللباس، أو قرص، أو صورة أخرى أو رسالة أخرى، أو تفصيل تام للأعمال التي قام بها حزب الله في الموضوع.
وفي الماضي كان حزب الله نقل عظام جثث تم الكشف عنها كما زعم في لبنان، لكن تبين بفحوص في إسرائيل أنها ليست لاراد. اعتقدوا في إسرائيل في البدء أن المنظمة فعلت ذلك على عمد، لكنهم خلصوا بعد ذلك إلى استنتاج أنها حاولت حقا وبصدق أن تفي بنصيبها من quot;ديل بيquot; وإنها لا تملك ببساطة معلومات عما حدث لأراد.
الوسيط السري بين حزب الله وإسرائيل هذه الأيام هو جيرهارد كونراد، ممثل الـ بي.ان.دي (المخابرات الألمانية الخارجية) في لبنان وفي سوريا، الذي أُعيرته الأمم المتحدة الآن ويعمل لمصلحتها.
وجاء أن المبعوث الألماني لم يزر منذ بدء التفاوض إسرائيل خوف أن يكشف النقاب عنه في الإعلام، وأجريت لقاءاته لمسؤول الملف عوفر ديكل في قبرص أو في أوروبا. نقل ديكل إلى حزب الله رسائل تقول إن قنطار لن يطلق سراحه إلا مقابل quot;برهان علميquot; في شأن أراد.
ويشير الصحافي الإسرائيلي يوسي ملمان أن حقيقة أن حزب الله نقل ما نقله إلى إسرائيل في شأن أراد تجعل ديكل وأفراد وحدات الأسرى والمفقودين في quot;أمانquot; وفي الموساد الذين يساعدونه، يعتقدون أن حزب الله يملك معلومات أخرى يخفيها، وأنها تُمكن من التوصل إلى استنتاج قاطع يتصل بما حدث للطيار.
quot;لكن حتى إذا لم تكن لحزب الله معلومات أخرى كهذه، أو انه لن يسلمها على رغم الضغوط، يبدو انه من الواضح لديكل ولاولمرت أيضا انه يقترب الموعد الذي سيضطران فيه إلى بت الأمر بما يشبه quot;قضاء سليمانquot;: هل تُتم صفقة لإعادة ريغف وغولدفاسر ndash; سواء أكانا على قيد الحياة أم لا ndash; مقابل إطلاق قنطار، أو الإصرار في شأن قنطار ما ظل quot;ملف أرادquot; غير مغلق، والمخاطرة بتكرار أخطاء التفاوض الذي تم في شأن اراد وفي شأن الجنديين الأسيرين أيضاquot; حسبما يقول ملمان.
في إثناء ذلك تتضح تفصيلات أخرى عن حالة الإسرائيلي جبرائيل دويت، الذي أُعيدت جثته إلى إسرائيل قبل أسبوع. خرج دويت في العشرين من كانون الثاني 2005 من بيت عائلته في حيفا، حيث كان يقضي أيام الحداد السبعة لموت أخيه، لشراء سجائر كما قال. ومنذ ذلك الحين اختفت آثاره. في التاسع من آب 2007 نقل مبعوث الأمم المتحدة جرهارد كونراد إلى إسرائيل على نحو مفاجئ نسخة من هوية دويت. كانت هذه أول مرة يُعلم فيها أن حزب الله ذو صلة بدويت الذي كان حتى ذلك الحين بمنزلة مفقود آخر من مئات المفقودين المسجلين لدى الشرطة.
وطلب حزب الله إجراء تفاوض اعتمادا على بطاقة الهوية، لكن لم يكن واضحا لديكل ورجاله البتة أتملك المنظمة البطاقة فقط أم تحتجزه حيا أو تحتجز جثته. رفض ديكل دخول تفاوض ما لم يُبين أناس حزب الله ما الذي يوجد عندهم بالضبط. بعد أن جاءت التوضيحات فقط أن لديهم جثة دويت، بدأ التفاوض. وتم الصفقة.
ولكن ما زال الإسرائيليون بعد أكثر من أسبوع من الصفقة، لا يعرفون ماذا كانت ظروف فقدان دويت وكيف وصلت جثته إلى حزب الله. حيث أنه تم الحفاظ على الجثة في غرفة تبريد لحزب الله، وهذا شيء جعل من الصعب على المشرح البروفيسور يهودا هيس أن يقرر زمن الموت التخميني.
كل ما كان يستطيع البروفيسور هيس أن يحدده هو أن الجثة لبثت في الماء، وأنه لا توجد عليها آثار عنف، وبيان هويتها بيقين اعتمادا على بصمات الأصابع والأسنان. جميع التخمينات التي أثيرت في الأعلام في الأيام الأخيرة والتي تقول إن دويت غرق في البحر أو انتحر غرقا، أو أنه ركب كمسافر خفي سفينة قفز منها أو غرق، أو عمل بالتهريب في الحدود اللبنانية (كما قالت مجلة quot;دير شبيغلquot; الالمانية)، هي بمنزلة تخمينات لا أساس لها، حسبما تؤكد المصادر الإسرائيلية.
التعليقات