بغداد: تعيش فضيلة داغل في قرية بلا اسم لا تظهر على الخريطة.. إذ أقيمت المستوطنة الواقعة قرب طريق حيوي يقطع اراضي قاحلة على مشارف المنطقة الجنوبية الشرقية ببغداد جراء حمامات الدم الناشبة في العراق.
تعرفها القوات الامريكية التي تقوم بدوريات في المنطقة باسم quot;القرية رقم 8.quot;
فرت فضيلة وزوجها واطفالها الستة العام الماضي مع عشرات من الاسر الشيعية من منطقة زراعية صغيرة قرب بلد روز على بعد ستين كيلومترا هربا من مسلحين شيعة يريدون قتلهم.
وقالت quot;قتل شقيقي ثم هاجموا جنازته وقتلو قريبا لي وخطفوا اخر.quot;
تفجر التوتر الطائفي في العام الماضي وتحول لدائرة وحشية من سفك الدم واعمال قتل انتقامية إثر تفجير مزار شيعي في سامراء.
وكانت بغداد والمناطق الريفية التي تقع الى شمالها وشرقها وجنوبها تضم مجتمعات شيعية وسنية تعيش جنبا الى جنب وادت اعمال العنف لهجرة داخلية واسعة داخل القرى والبلدات لتقسمها لمناطق شيعية وسنية خالصة واصبحت المناطق المختلطة ميادين قتال.
وظهرت عشرات من الاماكن مثل القرية رقم 8 في العراق مع بحث النازحين عن ملاذ امن مما أعاد رسم خريطة العراق.
وهذا الاسبوع قال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية ان عدد النازحين في الداخل بلغ 2.3 مليون وهو تقريبا مثلي العدد الذي نزح قبل تفجيرات سامراء وكان حينئذ 1.2 مليون.
وذكر المكتب ان 60 الفا ينزحون من ديارهم كل شهر اي بمعدل الفين كل يوم.
ولا تبدو المنطقة الواقعة على مشارف جنوب شرق بغداد بقراها الصغيرة الفقيرة ميدانا محتملا للقتال ولكن جرائم القتال الطائفية هزتها.
فبعد ساعات من الهجوم على المزار الشيعي في سامراء في فبراير شباط 2006 تم احتجاز 47 شخصا من قافلة من المركبات واطلق عليهم الرصاص في الرأس والقى بهم في حفرة قرب النهروان شمالي القرية رقم 8 وكان الضحايا في طريقهم للمشاركة في تجمع حاشد يدعو للوحدة الوطنية.
وبعد اسبوع هاجم عشرات المسلحين السنة النهروان عند الغسق وقتلوا 25 عاملا شيعيا في مصنع للطوب واربعة في محطة محطة كهرباء قريبة. ومع تفشي اعمال العنف تحول اناس عاشوا جنبا الى جنب لسنوات الى اعداء وفر عدد كبير من السنة.
واضحت المنطقة شيعية بالكامل تقريبا. ويقول جنود امريكيون ان الميليشيات الشيعية في المنطقة زرعت الغاما على الطرق شمالي محافظة ديالى ليس لمهاجمة القوات الامريكية بل لوقف هجمات المسلحين السنة.
ويزور الجنود من قاعدة هامر المتقدمة القريبة العراقيين النازحين بانتظام كي يقدموا اليهم ما يمكنهم من مساعدة.
ويقول باتريك موفيت من الفرقة الثالثة مشاة quot;نحاول ان نوفر الحماية والامن وتقديم بعض الخدمات الحيوية والضرورية التي يحتاجها هؤلاء.quot;
ويقول ضباط ان الحكومة العراقية تقدم بعض المساعدة ولكن القرويين يريدون المزيد.
وتقول داغل quot;الحمد لله اننا نعيش في امان الان لكننا نحتاج مساعدة الان لان معظم رجالنا لا يعملون.quot;
وقالت منظمات معونة ان كثيرين من العراقيين النازحين من المنطقة المحيطة ببغداد لا يمكنهم العثور على عمل او الحصول على رعاية طبية او الحاق اطفالهم بالمدارس.
ويستأجر البعض مسكنا او ينتقل للاقامة مع اسرته الاكبر ولجأ البعض الاخر الى مباني عامة بلا كهرباء او مياه أو صرف صحي. ويعيش اخرون في خيام او مستوطنات اقيمت حديثا مثل القرية رقم 8.
وتمثل الاسر التي تبحث عن ملاذ داخل العراق جانبا واحدا من مشكلة اكبر اذ يعتقد ان ما لا يقل عن مليوني عراقي فروا لدول اخرى من بينها سوريا والاردن بصفة اساسية.
ويقول مسؤولون في بغداد ان ما لا يقل عن 46 ألف اسرة عادت للعاصمة من الخارج شجعها على ذلك تراجع حاد في اعمال العنف في الاشهر الاخيرة لكن مسؤولي المعونة يصفون عدد العائدين بانه ضئيل جدا ولا يمثل اتجاها ويضيفون ان تشديد اجراءات منح تأشيرات دخول للعراقيين في دول اجنبية ربما يكون السبب.
ويتحدث بعض سكان القرية 8 عن العودة لديارهم في يوم ما. ولكن الاغلبية تقول انها لن تعود.
وقال عبد الرزاق (60 عاما) quot;لم يتبق لي ما أعود اليه. لم يعد لي شيء هناك. لم يفعل جيراني السنة شيئا لمساعدتي على البقاء. لذا لماذا اعود الى هناك مرة اخرى..quot;