بحث مع طالباني والمالكي التعاون الاستراتيجي المشترك
غيتس: تنظيم القاعدة يستجمع قواه للعودة الى بغداد

أسامة مهدي من لندن: أكد وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان قوات بلاده لا تخطط لانسحاب مفاجئ من العراق لكنه اشار الى ان اولى الوحدات ستنسحب خلال اسابيع محذرا من ان تنظيم القاعدة يستجمع قواه حاليا للعودة الى بغداد بعد ان انسحب منها الى المناطق الشمالية والشرقية اثر تضييق الخناق عليه بعد تنفيذ خطة فرض القانون في بغداد والرمادي .. بينما قال وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي ان امام قواته طريق طويل في حربها مع الارهاب .. في وقت بحث غيتس مع الرئيس جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي يستعد لإعلان عفو عام قبل عيد الاضحى، التطورات الامنية والسياسية والمصالحة الوطنية في العراق.

واكد المالكي خلال اجتماعه مع غيتسفي بغداد اليوم ان القوات المسلحة العراقية وصلت الى مرحلة متقدمة من حيث الاعداد والتنظيم واثبتت قدراتها العالية في مواجهة الارهاب والخارجين عن القانون من خلال النجاحات التي حققتها ميدانيا . واضاف ان اعلان مبادئ الصداقة والتعاون طويلة الامد التي تم الاتفاق عليها بين العراق والولايات المتحدة الاميركية ومن خلال ما تضمنته في جانبها الامني اعطت للقوات العراقية فرصة اكبر للتمكن من مسك زمام الامور والسيطرة المباشرة وتحمل المهام الامنية في المرحلة المقبلة كما نقل بيان رسمي عنه ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; بعد ظهر اليوم .
واشار الى ان الحكومة العراقية ومثلما تحرص على تحقيق الامن والاستقرار ومحاربة الارهاب فانها تحرص بالمقابل على تطوير الاقتصاد العراقي وتقديم الخدمات والاحتياجات اللازمة للعراقيين ليتمكنوا من العيش بامن واستقرار ورفاهية .

وشدد المالكي على ان الحكومة العراقية تحرص دائما على وضع القوانين التي تنعكس ايجابا على واقع حياة عموم ابناء الشعب العراقي والحفاظ على حقوقهم في ثرواتهم الوطنية ومنها النفط والغاز حيث اقرت الحكومة مشروع قانون لهما يكفل توزيعا عادلا للثروات. من جانبه جدد وزير الدفاع الاميركي دعم بلاده للحكومة العراقية في محاربة الارهاب ومساندتها في إكمال بناء القوات المسلحة العراقية بالاضافة الى تطبيق القوانين التي تؤدي الى تحقيق الامن والاستقرار في العراق وعموم المنطقة.

وعلى هذا الصعيد قالت مصادر عراقية مطلعة ان المالكي يعتزم إصدار عفو عام قبل حلول عيد الاضحى المقبل اواخر الشهر الحالي يشمل الالاف من المعتقلين لدى القوات المتعددة الجنسيات والقوات العراقية ممن لم تثبت ادانتهم في اي عمليات إرهابية ضد المدنيين والاجهزة الامنية والقوات المتعددة الجنسيات.

واضافت المصادر ان هذا العفو يأتي ضمن جهود الرئيس طالباني ولجنة المصالحة الوطنية في مجلس النواب العراقي لاطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت ادانتهم .. واوضحت ان الاجتماعات بين المسؤولين في الحكومة العراقية والقوات المتعددة الجنسيات مستمرة للتنسيق والتحضير للاعلان عن هذا العفو حيث يزيد عدد المعتقلين العراقيين حاليا على الخمسين الفا .

طالباني وغيتس بحثا التطورات الامنية والسياسية والمصالحة الوطنية

بحث الرئيس العراقي جلال طالباني مع غيتس خلال اجتماعهما في بغداد بعد ظهر اليوم آخر المستجدات على الساحة السياسية والخطوات التي تم اتخاذها لإنجاح عملية المصالحة الوطنية في العراق حيث أكد الجانبان ضرورة مواصلة الجهود لإنجاح العملية السياسية و تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تشارك فيها المكونات الأساسية للبلاد كما قال بيان رئاسي الى quot;ايلافquot; .

وقال الرئيس طالباني quot;إن القضية المركزية الآن هي تحقيق المصالحة الوطنية السياسية و لدينا الآن المقومات الضرورية لإنجاح هذه العمليةquot;. واشار الى البيان الخماسي للقوى الرئيسة العراقية الذي تضمن المبادئ الأساسية لعمل الحكومة العراقية و إدارة شؤون البلاد كما تطرق إلى البرنامج الحكومي الذي يتفق عليه الجميع والاتفاق الرباعي بين المجلس الرئاسي ورئيس الوزراء.

وشدد على أن العراق بحاجة إلى التوافق في إدارة شؤونه و تشريع وتمرير القوانين وهو أمر ضروري لبسط الأمن والاستقرار وقال quot;قطعنا أشواطا كثيرة في هذا المضمار ونستمر في قطع أشواط أخرى حتى نصل إلى بر الأمانquot;.ومن جهته ثمن غيتس جهود طالباني في تحريك العملية السياسية نحو الأمام و دوره المحوري في المصالحة الوطنية و تقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية و تقديم دعمه الكامل لتوقيع إعلان المبادئ حول العلاقة الإستراتيجية للتعاون و الصداقة بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأميركية. و قال الوزير quot;ان تلك العلاقات تمتد لعقود و تفتح إطاراً جديداً و تمهد الأرضية المناسبة للاتفاقية الإستراتيجيةquot;.

ومن ناحية أخرى، تناول الاجتماع العلاقات العراقية التركية وحول هذا الموضوع أكد الرئيس طالباني ضرورة توطيد العلاقات العراقية التركية .. وقال quot;نريد علاقات جيدة مع جمهورية تركيا ونعتبر حكومة العدالة و التنمية ظاهرة ديمقراطية مفيدة لتركيا والعراقquot;. ثم جدد الرئيس طالباني شكره لحكومة وشعب الولايات المتحدة الأميركية في دعمهما و مساندتهما للشعب العراقي في خلاصه من الحكم الدكتاتوري الدموي وقال quot;إن نساء و رجال الجيش الأميركي ضحوا بأرواحهم من اجل حرية العراق والعراقيين ونحن شعب وفي لا ننسى تلك التضحيات التي وفرت لنا الديمقراطية في العراقquot;. وشدد على ضرورة استثمار هذه المكتسبات لبناء عراق قوي ديمقراطي اتحادي متحد ليكون نموذجا في الشرق الأوسط.

وقد شارك في الاجتماع كل من نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء برهم صالح ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني ومدير مكتب طالباني نزار محمد سعيد .

وزيرا الدفاع الاميركي والعراقي بحثا متطلبات تسليم الملف الامني

وفي مؤتمر صحافي عقده في بغداد مع وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي اكد غيتس عدم وجود خطط لانسحاب مفاجئ من العراق وقال انه يزور العراق للمرة السادسة ولكن في ظروف افضل حيث تحسن فيه الامن بشكل كبير ووصل الى اقل معدلاته منذ تفجير مرقد الامامين العسكريين في مدينة سامراء شمال بغداد في شباط (فبراير) عام 2006 ومع بدء عودة المهاجرين الى بلدهم وتطوع 70 الف مواطن في مجالس الصحوات للقتال مع القوات المسلحة ضد الارهابيين . واشار الى انه زار الموصل اليوم بعد ان حاول تنظيم القاعدة تأسيس قواعد له هناك استطاعت القوات بمنعه من ذلك وتحقيق امن المدينة وافتتاح مطارها الذي بدأ رحلاته الجوية امس الاول بعد إغلاق استمر منذ عام 2003 . واوضح ان زيارته هذه للعراق تستهدف بحث مستلزمات القوات العراقية التدريبية والتسليحية ومستقبل التعاون الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة .

واضاف الوزير الاميركي ان ايجاد عراق مزدهر وديمقراطي مستقل ممكن التحقيق وقال quot;علينا ان نعمل من اجل ذلك ليكون العراقيون على قدر من التقدم والازدهارquot; . وردا على سؤال عن موقفه من اعتقال الجيش الاميركي 25 الف عراقي اشار الوزير الى ان قوات بلاده تعمل بالتعاون مع العراقيين لإنهاء هذه المشكلة لكنه لم يوضح كيفية ذلك .

وفي ما يخص الانسحاب الاميركي من العراق وفي ما اذا كانت هناك خطط لانسحاب مفاجئ اكد وزير الدفاع الاميركي انه لا خطط لمثل هذا الانسحاب موضحا أن اكبر وحدة اميركية في العراق ستبدأ انسحابها اواخر الشهر الحالي وفي حال تحسن الاوضاع الامنية بشكل كبير ستتواصل عملية الانسحاب في شهري شباط (فبراير) واذار (مارس) المقبلين . واضاف انه اذا كان هناك توصيات اخرى من قادة الجيش الاميركي فسنعمل بها وستكون هناك انسحابات اخرى في النصف الثاني من عام 2008.

وعما اذا كان يرى ضرورة لزيادة عدد القوات العراقية والاميركية في شمال وشرق العراق بعد انسحاب مسلحي القاعدة من بغداد ومحيطها الى هناك قال غيتس ان هؤلاء الان اقل خطورة عما كانوا يشكلونه سابقا حيث كانوا يقومون بعمليات ارهابية .. موضحا ان هذا تم بفضل تعاون المواطنين مع القوات المسلحة . وقال انه رغم ذلك فان تنظيم القاعدة يحاول استجماع قواه من جديد والعودة الى المناطق التي انسحب منها في بغداد لكن القوات العراقية والمتعددة الجنسيات على دراية بذلك وتراقب الوضع ومن هنا فإن الحاجة لزيادة القوات لم تتوضح بعد .

وكان زعيم جماعة دولة العراق الإسلامية قد أمر امس في تسجيل تلفزيوني باستئناف حملة التفجيرات ضد قوات الأمن العراقية. وقال أبو عمر البغدادي في التسجيل إن هذه الحملة هي حملة تفجيرات ويجب أن تستهدف المرتدين الذين يرتدون الزي العسكري وكل من يقاتل في صفوف المحتلين. واضاف أن كل quot;جنديquot; في جماعة دولة العراق الاسلامية عليه أن يفجر ثلاث قنابل على الاقل من الان وحتى نهاية الحملة التي اشار الى انها ستستمر بالتقويم الهجري حتى أواخر الشهر المقبل. وطالب البغدادي اتباعه quot;بطلب الشهادةquot; لأنها الاشد فتكا باعداء الله على حد زعمه .

وخلال المؤتمر الصحافي نفسه قال وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي ان الوضع الامني في العراق قد تحسن ووصل الى حاله عام 2004 .. لكنه اوضح قائلا quot;لازالت هناك امامنا تحديات وارهاب وعمل طويل ونحن نتحسب لكل الاحتمالاتquot; . واشار الى انه ناقش مع غيتس عمليات تجهيز وتسليح القوات العراقية وكيفية التهيؤ لاستلام الملف الامني من القوات المتعددة الجنسيات وقوامها الاميركية في انحاء البلاد .

وعن التوتر على الحدود العراقية التركية اشار العبيدي الى ان الجانب العراقي قدم مقترحات عدة الى العسكريين والرسميين الاتراك حول معالجة مشكلة تواجد مسلحي حزب العمال الكردستاني التركي المعارض في اراضي شمال العراق . وقال ان الوضع الان اكثر هدوءا ولم يحصل تغلغل تركي كبير داخل الاراضي العراقية والعمليات العسكرية التركية ضد قواعد حزب العمال تقتصر حاليا على القصف المدفعي والغارات الجوية . وشدد على انه اذا حصل اعتداء على ابناء الشعب الكردي في اقليم كردستان فان الجيش العراقي وبالتعاون مع القوات المتعددة الجنسيات لن يقف مكتوف الايدي وسيتصدى للدفاع عن مواطنيه شمال البلاد .

واضاف الوزير العراقي ان قواته ستستكمل بنهاية العام 2009 متطلبات السيطرة على الاجواء العراقية وامتلاك طائرات سمتية مقاتلة تقوم بعمليات لاسناد القوات البرية في حربها ضد الارهابيين .

غيتس اجتمع في الموصل مع قادة عسكريين اميركيين

وكان غيتس قد وصل أولا الى مدينة الموصل الشمالية فجر اليوم والتي تقع في منطقة يعتبرها قادة عسكريون أميركيون واحدة من أكثر المناطق عنفا في العراق بعد أن أعاد مسلحو القاعدة تمركزهم في شمال وشمال شرق البلاد في أعقاب الاجراءات الصارمة التي فرضت على العاصمة وغرب العراق.
واجتمع غيتس مع قادة عسكريين أميركيين لبحث الوضع الامني في المنطقة ثم توجه الى بغداد حيث من المتوقع أن يناقش وضع القوات الاميركية في العراق على المدى البعيد مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومسؤولين عراقيين اخرين كبار.

وقال جيف موريل المسؤول الاعلامي في البنتاغون الذي يرافق غيتس quot;الوزير موجود هنا ليرى بنفسه التقدم الكبير الذي احرز منذ زيارته السابقة قبل نحو ثلاثة أشهر.quot; وأضاف quot;سيلتقي مع زعماء عراقيين منهم رئيس الوزراء المالكي لمعرفة تقويمهم للوضع وما يمكنهم القيام به للبناء على المكاسب التي تحققت منذ زيادة القوات الاميركية في العراق.quot;

وأرسل الرئيس الاميركي جورج بوش قوات اضافية قوامها 30 ألف جندي للعراق في وقت سابق هذا العام في محاولة لانتشال البلاد من حافة حرب أهلية شاملة واعطاء زعماء العراق فرصة للتوصل الى تسوية سياسية.ومع تراجع الهجمات الان الى أدنى مستوياتها خلال عامين تقريبا انصب التركيز على ما اذا كانت الحكومة التي يقودها الشيعة يمكنها التصالح مع السنة العرب خاصة مع بدء الولايات المتحدة في خفض قواتها.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع يرافق غيتس في زيارته للعراق إن الوزير قلق من ان التقدم السياسي على المستوى الوطني لا يواكب المكاسب الاخيرة على المستوى المحلي.ومع تراجع العنف ركز القادة العسكريون الاميركيون على المنطقة الواقعة شمال وشمال شرق بغداد حيث يقولون ان مسلحي القاعدة أعادوا تمركزهم فيها بعد أن بدأت الحملة الامنية في شباط 0فبراير) الماضي.

وقال الكولونيل ريموند توماس مساعد قائد الفرقة الاميركية المسؤولة عن الشمال ان الفرقة طلبت مزيدا من القوات لمحافظة ديالى التي عاصمتها بعقوبة. وابلغ توماس الصحافيين المرافقين لغيتس quot;نعتقد أنه يمكننا مواجهة هذا بزيادة قليلة في القوة القتالية.quot;

وتفاقم العنف في العراق على نحو مثير بعد أن فجر مسلحون يشتبه في أنهم أعضاء في القاعدة مزارا شيعيا في سامراء شمال بغداد في شباط عام 2006. ولكن تراجعت الهجمات في العراق بنسبة 55 بالمئة منذ استكمال نشر 30 ألف جندي أميركي اضافيين في منتصف حزيران (يونيو) الماضي .