باريس: في بلد يعشق التاريخ ويفتخر بماضيه مثل فرنسا الاستشهاد برجالات كبار أمر إلزامي لكل مسؤول يطمح إلى الرئاسة. لكن الجديد في الحملة الحالية هو صراع المرشحين الرئيسين على تبني ارث السياسيين الكبار.
فمرشح الاتحاد من اجل حركة شعبية الأوفر حظا في معسكر اليمين نيكولا ساركوزي اختار أن يستشهد مرارا بجان جوريس الذي يعتبر مؤسس الاشتراكية الفرنسية وليون بلوم الذي قاد في 1936 الجبهة الشعبية إلى الحكم وفرض أول عطلة مدفوعة، احد رموز اليسار الرئيسة.
وقال ساركوزي quot;فرنسا التي احب هي فرنسا العمال الذين امنوا بيسار جوريس وبلوم والذين لا يؤمنون باليسار الجامد الذي لم يعد يحترم العملquot; مؤكدا في الوقت ذاته انه ينتمي إلىquot;اليمين الجمهوريquot;.
وقد سارع الحزب الاشتراكي على الفور إلى إدانة هذا الموقف على انه quot;استئثار بإرثquot; اليسار.
واتهم زعيم الحزب فرنسوا هولاند، ساركوزي بأنه يريد quot;محو الحدود وزرع البلبلة ونفي المسؤولياتquot;.
فرد ساركوزي قائلا quot;ما من تاريخ لليسار وتاريخ لليمين. هناك تاريخ فرنساquot;.
وأدانت المرشحة الاشتراكية سيغولين روايال الرؤية الأحادية للماضي.وقالت quot;فرنسا ليست محصلة مستحيلة بين فترة ما قبل الثورة والثورة. لندع ذلك إلى مرشح الاتحاد من اجل حركة شعبيةquot;.
ولم تتردد سيغولين روايال بالاستنجاد بالجنرال شارل ديغول الذي يتبنى اليمين عادة ارثه السياسي عندما قال لحظة انسحابه من السلطة العام 1969 انه وجد نفسه quot;في مواجهة عدو كان امامي طوال حياتي، المالquot;.
وفي معسكر اليمين المتطرف فجر جان ماري لوبن الذي يمجد حزبه الجبهة الوطنية، جان دارك quot;لأنها طردت الانكليز من فرنساquot;، مفاجأة عندما تبنى ارث معركة فالمي العام 1792 رمز نضال الثورة الفرنسية ضد الأنظمة الملكية الأجنبية.
وقدم نفسه كذلك وريثا لتقليد يشمل quot;ديغولquot; وquot;المقاومةquot; في حين أن جزءا من اليمين المتطرف تعامل مع النازيين وان يمينيين متطرفين حاولوا عدة مرات اغتيال ديغول.
أما المرشح الوسطي فرنسوا بايرون الذي يريد توحيد اليسار واليمين في حكومة quot;جامعةquot; فيفضل من جهته الملك quot;العصريquot; هنري الرابع الذي توفي العام 1610. وبايرو الذي يحمل درجة الأستاذية في التاريخ وضع كتابا لقي نجاحا كبيرا عن هذا البروتستانتي الذي اعتنق الكاثوليكية لاعتلاء العرش. وهنري الرابع أصله شأنه في ذلك شأن بيارو، من منطقة بيارن في جنوب غرب فرنسا.
ويعرب بايرون على موقعه الالكتروني عن quot;فزعهquot; من حقبة quot;يبدو فيها الحكام وكأنهم يجهلون التاريخ كلياquot;.
لكن هذا الادعاء ليس صحيحا كليا استنادا إلى ردود المرشحين إلى الرئاسة على أسئلة مجلة quot;ايستورياquot; التي تعنى بالتاريخ حول مراجعهم التاريخية.
فقد تحدثت روايال عن ماري غوز المعروفة باسم اوليمب دو غوج التي أصبحت رمزا لحركات تحرير المرأة في القرن الثامن عشر. واختار ساركوزي، الوزير اليهودي جورج مانديل الذي كان من المسؤولين الذين رفضوا الهزيمة في 1940 والذي كتب سيرته.
وإذا كان تقويمهم للتاريخ يختلف بيد أن للمرشحين الأربعة الرئيسين لانتخابات 22 نيسان/ابريل قاسما مشتركا: فالشخصيات المرموقة التي اختاروها عرفت كلها نهاية مأسوية.
فقد قامت الميليشيات الفرنسية الموالية للنازيين بتصفية مانديل وانتهت اوليمب دي غوج تحت المقصلة واغتيل هنري الرابع، أما جان دارك فأحرقت حية.