أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: أعلن الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط الأربعاء، أن التحقيقات مع المتهمين 23، الذي أحيلوا أول أمس الثلاثاء، على قاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها، أفضت إلى الكشف عن المواقع التي خطط لاستهدافها يوم 11 مارس، الذي فجر فيه الانتحاري عبد الفتاح الرايدي نفسه بأحد نوادي الأنترنيت بحي سيدي مومن بالدار البيضاء.

ويتعلق الأمر، حسب بلاغ الوكيل العام، بمرفإ رسو البواخر بالميناء وثكنة القوات المساعدة بحي بورنازيل ومجموعة من مراكز الشرطة بالعاصمة الاقتصادية، مشيرا إلى أن quot;هذا التنظيم إرهابي كان قيد الإعداد والتنفيذ ممولا من طرف أشخاص مغاربةquot;.

وذكر البلاغ أن هؤلاء المتهمين اعتقلوا بمدن الدار البيضاء وسلا والقنيطرة وأكادير، مبرزا أنهم quot;كانوا يستهدف أيضا أعوان الشرطة والدرك والسلطة المحلية, وكانت لدى بعض عناصره محاولات لتنفيذ تلك المخططات غير أنها باءت بالفشلquot;.

وأوضح أن أعضاء التنظيم الإرهابي quot;تمكنوا بوسائلهم الخاصة من صنع متفجرات وسموم خطيرة من مواد تم اقتناؤها من الأسواق المحليةquot;، مؤكدا أن المتهمين توبعوا بتهم quot;تكوين عصابة لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية وصنع متفجرات ووضع مادة سامة تعرض صحة الإنسان للخطر في إطار مشروع جماعي يستهدف المس الخطير بالنظام العامquot;.

وخلص الوكيل العام للملك إلى القول أن الأبحاث والتحريات quot;ما زالت جارية لإلقاء القبض على باقي المتورطين في هذا الحادث التفجيريquot;. وكانت دوائر أمنية تلقت مكالمات هاتفية من أشخاص مجهولين تهدد بتنفيذ اعتداءات إرهابية ضد مصالح تابعة لها وفنادق سياحية كبرى بالعاصمة الاقتصادية، بعد اعتقال المبحوث عنه عبد العزيز رقيش، المشتبه في وجود صلة مباشرة له بحادث الانفجر الإرهابي الذي وقع، في 11 مارس الجاري.

وجاء في هذه المكالمات الهاتفية، حسب ما كشفته مصادر جيدة الاطلاع، ل quot;إيلافquot;، أن quot;رجال الأمن سيندمون على فعلتهم، وأن فنادق كبيرة وسط العاصمة ستهتز هذه الليلةquot;، مشيرة إلى أن الشرطة أخذت هذه التهديدات على محمل الجد، وأرسلت دوريات إلى المواقع التي أعلن عن استهدافها تحسبا لمحاولة انتحاريين مفترضين تنفيذ اعتداءات إرهابية ضدها.

وكانت التحقيقات، التي باشرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أفضت مع المتهمين إلى الكشف عن سعي إرهابيين مفترضين للفرار خارج المغرب عبر مدينتي سبتة ومليلية السليبتين.

وتعود وقائع الإيقاع بالانتحاري رقيش، إلى مساء الجمعة الماضية، عندما رصد رجال الأمن، حوالي الساعة السابعة والنصف مساء، المتهم بالقرب من مدرسة المسيرة بالحي المذكور، لتنطلق عملية المطاردة، التي كانت مشوبة بالحيطة والحذر الشديدين، خوفا من أن يكون المبحوث عنه حاملا لحزام ناسف.

وحسب مصادر أمنية، فإن بعض أفراد الأمن حاصروا، في بداية الأمر، رقيش بالقرب من المدرسة، لكنه أشهر في وجههم سيف، وظل يهدد بتفجير نفسه بقاطع كهربائي كان يحمله في يده، إذا اقترب منه أي شخص، مشيرة إلى أنه لاذ بالفرار في اتجاه العمارة 38 بمدخل 1، واحتمى بداخلها، قبل أن يقفز إلى سطح عمارة أخرى بالمدخل 2، ويمكث بدرجها.

ودخلت مصالح الأمن في مفاوضات مع الانتحاري، من أجل تسليم نفسه، واستعانت بوالده الذي صعد إلى الطابق الثالث لحثه على ذلك، لكن محاولته باءت بالفشل.
وظل رجال الأمن، متأهبون بمسدساتهم، بمختلف منافذ العمارة، بعد أن حاصروا جميع المداخل والمخارج، في وقت الذي تشبث عبد العزيز رقيش بموقفه، وظل يهدد بتفجير نفسه، في حال اقترب منه أي شخص.

وتوجت المفاوضات في حوالي الساعة التاسعة والنصف، بتسليم الانتحاري نفسه، بعد أن تبين له أن لا مفر من ذلك، خاصة أنه حوصر في الطابق الثالث. ونزل الانتحاري تحت مراقبة عناصر الأمن إلى باب العمارة، ورمى بحقيبته الرياضية، ثم بالسيف، والقاطع الكهربائي، الذي تبين أنه كان يخدع به عناصر الأمن، ووضع بعد ذلك في سيارة انطلقت بسرعة فائقة وتحت حراسة مشددة نحو ولاية الأمن.

وكان محمد والد عبد العزيز رقيش، وقف متحصرا مصدوما أمام العمارة، يقلب مئات الأفكار والأسئلة التي كانت تمزقه داخليا، خاصة أن كل الأعين كانت تتجه صوبه في تلك اللحظات.

وتحدث بنبرة حزن، بعد أن رفض عبد العزيز الامتتثال لنداءه بتسليم نفسه، عن كون ابنه كان طيبا ومشهود له بذلك في أوساط سكان دواتر السكويلة، وأنه غادر البيت منذ شهر إلى عبدة، وعند عودته علم بأنه مبحوث عنه، فقرر الهرب، موضحا أن ابنه كان يبيع quot;السيدياتquot;.

بعد اعتقاله، حضرت أخته، وعيناها ممتلئتان بالدموع، والحيرة توزعها بين أمها التي أغمي عليها بمجرد سماع الخبر، وبين شقيقها الذي كان يهدد بتفجير نفسها. وهدأ بعض السكان من روعها وطمأنوها بأنه سلم نفسه وخرج سليما.

وأشارت مصادر أمنية إلى أن تحريات مكثفة تجرى حاليا في الفنيدق والمضيق بحثا عن quot;إرهابيين مفترضين يرجح تورطهم في الانفجارquot;، الذي أدى إلى مقتل منفذه عبد الفتاح الرايدي، وإصابة أربعة آخرين بجروح، من بينهم الانتحاري الثاني يوسف الخودري.

ومن بين المبحوث عنهم، توضح المصادر عينها، مشتبه فيه يحمل الجنسية الجزائرية تفيد تقارير أمنية أنه كان يتنقل، في الفترة الأخيرة، بين المدينتين المذكورتين، مبرزة أن هذه المنطقة تعرف حضورا متناميا للجزائريين، الذين يحاولون التسلل إلى سبتة السليبة.

وقادت هذه المعلومات الاستخباراتية عناصر الأمن والدرك الملكي والجمارك إلى تعزيز مراقبتها على طول خط مدينة تطوان وسبتة السليبة لرصد أي محاولة لتسلل مبحوث عنهم، في حين أصدرت السلطات الإسبانية أوامرها برفع درجة اليقظة وتشديد المراقبة في المدينتين السليبتين.

كما عززت سلطات مدريد وجودها الأمني بعدد من الأحياء داخل سبتة السليبة، فيما وضعت المساجد والأماكن، التي يتردد عليها بعض الإسلاميين الراديكاليين، تحت مراقبة أمنية دقيقة جدا من طرف الحرس المدني والأمن الوطني. وأبرزت المصادر نفسها أن تحريات وتحقيقات تجري حاليا، بشكل مشترك، بين المغرب وإسبانيا، لرصد تحركات عناصر متطرفة تنشط في المنطقة، مضيفة أن حملات تمشيط واسعة وحواجز أمنية نصبت في مداخل عدد من المدن الشمالية.