بهية مارديني من دمشق: بين هبات السلام وقرع طبول الحرب تبدو ان صورة مستقبل العلاقات بين سوريا واسرائيل تميل إلى الاستمرار على ماهي عليه اليوم أي استمرار حالة اللاسلم واللاحرب في ظل عجز الطرفين المتقابلين عن تغيير المعادلة ، أو عدم استعداده بالحد الأدنى عن تغييرها لو اراد ذلك .

على الطرف الإسرائيلي ربما تكون إسرائيل تريد من وراء التسريبات الإعلامية الكثيرة عن استعدادها للسلام أن تحبط جهود الرئيس السوري بشار الاسد الإعلامية التي صورته كرجل سلام أحرج اسرائيل والاسرائيليون لايريدون ان يشوه صورتهم التي تعبوا كثيرا عليها باعتبارهم الطرف الراغب بالسلام ولكن quot;لايوجد شريك عربيquot;.

وتتفق مختلف الآراء على أن صدام سوري إسرائيلي غير وراد حاليا لا في هذا الصيف ولا في المدى المنظور الا اذا ماحدثت تطورات دراماتيكية فالولايات المتحدة المشغولة بالعراق لن تكون قادرة على الانخراط في نزاع مسلح جديد يشتت عليها جهودها خصوصا إذا ما أحرجت الجيش الاسرائيلي كما حدث معه العام الماضي حيث لم تستطع واشنطن أن تفعل شيئا لحليفتها سوى جهود دبلوماسية لم تخفف كثيرا من وطأة الهزيمة .

وبحسب مراقبين سوريين ، يبدو اولمرت ضعيفا مكبّلا وغير قادر على تقديم تنازلات كبيرة للسوريين مثل التخلي عن هضبة الجولان السورية و اتخاذ ترتبيات امنية مع دمشق ستجعل من التخلي عن الضفة الغربية والقدس الشرقية مسألة وقت لاأكثر ولا أقل وعليه فإن المشهد من الجانب الإسرائيلي يبدو ميالا على الاستمرار في وضع الستاتيك الحالي منه الى المبادرة الهجومية .

اما من الناحية السورية فإن المشهد يبدو مختلفا قليلا وإن كان السوريون تلقوا شحنة معنوية من صمود حزب الله في وجه اسرائيل ولكن القادة العسكريين في دمشق يدركون إن المعنويات لاتصمد طويلا بدون سلاح وبدون اسناد دبلوماسي وخطة طويلة الأمد من اجل الاستثمار السياسي لأي حرب فضلا عن المساعدة الدولية لدمشق اذا ما أقدمت على شن هجوم على اسرائيل لن ترضي السوريين فضلا عن ان المزاج العربي لن يكون بوارد تقديم شيك على بياض للأسد لخوض حربه quot;الخاصة quot;التي ترفع من شأنه وتجعله quot;يتنمرquot;على الزعماء العرب باعتبارهquot; الزعيم الذي حارب إسرائيل quot;فالمشهد لايحتمل نصر الله ثاني بمرتبة رئيس دولة لان التوازات على الساحة العربية غريبة وعبثية أحيانا فضلا عن ان الرئيس السوري سيعد الى الالف قبل الاقدام على مثل هذه الخطوة لان اي خطوة ناقصة قد تعني تقويض استقرار سوريا .

ويدرك الرئيس بشار ان الحرب بين سوريا وإسرائيل لن تكون كما حرب تموز الماضي لان الجيوش النظامية عندما تحارب بكل قواها البرية والبحرية والجوية تختلف الموازين والحسابات فضلا عن أن الفرق شاسع بين التسلح السوري والتسليح الإسرائيلي ولايمكن على الإطلاق ان تتم المقارنة بين الجانبين وعليه فإن الكلام عن أن الجيش السوري يتخذ مواقف دفاعية وليست هجومية اقرب الى الواقع لان السوريين يدركون بأن ثمن جرهم الى حرب ضد إسرائيلي سيكون قاسيا ومكلفا لاقتصادهم وبنيتهم التحتية خصوصا في ظل عدم وجود ضمانة عربية لإعادة الإعمار في حال خوض الحرب .

ولكن من جهة اخرى ليس من المستبعد أن يقوم السوريون بتسخين محسوب للجبهة على خط الجولان عبر عمليات تصور على أنها عمليات مقاومة وعند ذلك فإن الحسابات كلها تتوقف لانها مرهونة بردة الفعل الإسرائيلية ومدى استغلالها للفرصة وبدء حرب على سوريا مصورة نفسها بإنها الضحية كما حدث بعد عملية اسر حزب الله للجنود الإسرائيليين .