أسامة العيسة من القدس: مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ، تتعمق المشاكل والقضايا الفلسطينية الداخلية، ويصبح بعضها مستعصيا، لا تتمكن الجهات الرسمية الفلسطينية، حتى لو كان لديها النية للتصدي لها، من حلها بشكل مرض، مثل ما يعرف بظاهرة الأسرى المحررين، وهو مصطلح يطلق على الفلسطينيين الذين قضوا سنوات داخل سجون الاحتلال ثم خرجوا، ليجدون أنفسهم بدون عمل في مجتمع تتعرض بناه إلى تدمير مستمر من سلطات الاحتلال، والى انقسام مؤسساته الضعيفة أصلا بين سلطتي رام الله وغزة، ومعاناتها من الفساد المستشري.
ولا يتوقف سيل (الأسرى المحررون) عن الجريان، مع استمرار الاحتلال، ودخول أعداد غفيرة من الفلسطينيين إلى السجون، ويوجد الان نحو 11 ألف أسير سينضمون إلى ما وصفه مشرع فلسطيني مختص بقضايا الأسرى quot;جيش عاطل عن العملquot;. وقال النائب عيسى قراقع مقرر لجنة الأسرى في المجلس التشريعي أن quot;أعداد الأسرى المحررين تزداد باطراد وجميعهم يتحولون إلى جيش عاطل عن العمل ومعظمهم من الشباب وخاصة شريحة الأسرى التي تقضي في سجون الاحتلال أقل من خمس سنواتquot;.
وأشار الى أن قطاعا واسعا من الأسرى المحررين لا يجدون فرصة عمل بسبب الإمكانيات المحدودة لدى السلطة الفلسطينية في توظيف الآلاف من الأسرى المحررين في الأجهزة والمؤسسات المدنية مما خلق عبئا اجتماعيا عميقا، وشعورا بالاغتراب لدى الأسرى المحررين الذين بنوا توقعات عالية في إيجاد حياة كريمة ومستقرة بعد التحرر من الأسر.
وعمدت السلطة الفلسطينية إلى إنشاء وزارة تعنى بشؤون الأسرى والمحررين، وتم تنظيم دورات تأهيلية لهم بدعم من جهات مانحة، لكن هذا لم يساعد في حل المسالة، مع تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، بعد انتفاضة الأقصى. ونشط الأسرى المحررون أنفسهم في الدفاع عن قضاياهم وتأسيس جمعية لهم، تحاول تبني مطالبهم واعلاء شكواهم من الوضع الاقتصادي المتردي لهم وعدم إيجاد فرص عمل وبرامج تشغيلية لبناء حياتهم والحصول على قوت يومهم.
ورفع الأسرى المحررون مذكرات عديدة إلى الحكومة الفلسطينية دعوها إلى مساعدتهم في إيجاد فرض عمل لهم وحتى لا يتحولوا إلى متسولين وعبء اجتماعي على أنفسهم وغيرهم. وحذر قراقع من أن هذه المشكلة أصبحت كبيرة وواسعة وتتحول إلى عبء اجتماعي ووطني، وأنه على الحكومة الفلسطينية أن تجد حلاً واقعياً لها قبل أن تنفجر.
وشرح قراقع أن أماني المعتقلين المحررين قد حددها الواقع المفروض عليهم في ظل استمرار الحصار والاحتلال وارتفاع نسبة البطالة والفقر بشكل كبير في المجتمع الفلسطيني وهذا الواقع يفرض على كافة المؤسسات الأهلية والحكومية أن تراعي خصوصية الأسرى المحررين حتى لا يصابوا بالصدمة وأن يحصلوا على الخدمات والمساعدات التي تمكنهم من الاندماج والتأقلم مع المتغيرات والظروف الفلسطينية ولا يصابوا بالإحباط.
وأوضح قراقع أن وزارة الأسرى من خلال قانون الأسرى والمحررين رقم 19 لسنة 2004 قد عالجت قسما واسعا من مشاكل الأسرى المحررين خاصة الذين قضوا أكثر من خمس سنوات من خلال دفع راتب شهري مقطوع يقدم لهم لحين التمكن من استيعابهم بوضع وظيفي في مؤسسات أجهزة السلطة، وكذلك اعتمدت نظام البطالة لمدة 6 شهور للأسرى المحررين الذين يقضون أقل من خمس سنوات وتقديم مساعدات نقدية لمرة واحدة عند الخروج من الأسر حسب المدة التي قضاها الأسير.
واعتبر قراقع أن هذا النظام غير كافٍ وان كان يحل جزءاً من الأزمة، وأنه يفترض إعادة دراسة واقع الأسرى المحررين وإيجاد آليات جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية لاستيعابهم في وظائف مختلفة. وقال quot;نحن لا نريد بطالة مقنعة بل منتجين للمجتمع وقادرين على البناء والعطاء وهذا يستدعي التعاون مع الجميع من وزارات ومؤسسات أهليةquot;.
التعليقات