كامل الشيرازي من الجزائر: يلوح شهر نوفمبر/تشرين الثاني ساخناً في الجزائر على صعيد الجبهة الإجتماعية، من خلال إستعداد 12 نقابة مستقلة لشن إضراب عام عن العمل يستمر ثلاثة أيام، وأفضى إجتماع تنسيقية النقابات الحرة، اليوم، إلى الإتفاق على الشروع في الحركة الإحتجاجية إعتبارًا من التاسع نوفمبر المقبل، ولفتت النقابات في البيان الذي توّج الإجتماع quot;أنّ إضراب الثلاثة أيام ليس سوى خطوة أولىquot; ما ينذر بتصعيد من نوع أكبر.

وتمّ تسويغ الإضراب المرتقب بإستمرار السلطات في العمل بالسلم القديم للأجور، رغم دخول الزيادات الجديدة حيز التنفيذ منذ الفاتح يناير/كانون الثاني 2008، كما تحتج عموم النقابات المستقلة على نواقص تنتاب قانون الوظيف العمومي، وكذا ما يطبع قانون عمال التربية من شوائب ونقاط ظلّ، كما قانون موظفي قطاع الصحة الذي جرى إرجاؤه مجددًا دون إيضاحات من طرف الوصاية.

وقال quot;مزيان مريانquot; المتحدث بإسم تنسيقية النقابات الحرة، إنّ الحكومة مطالبة بمراجعة شبكة الأجور الجديدة quot;المليئة بالتناقضاتquot; على حد تعبيره، وأشار في تصريح خاص بـquot;إيلافquot;، إلى quot;الإجحافquot; الذي يلفّ النقطة الإستدلالية المعتمدة في شبكة الرواتب، حيث شدّد على أنّها لا تستجيب لتطلعات جمهور الموظفين الجزائريين، تبعاً لعدم ممايزتها بين خصوصيات بعض الوظائف، وإدماجها المنح بشكل مراوغ في الرواتب، مثلما قال، ودعا مريان إلى رفع النقطة الإستدلالية من 0,45 إلى 0,70 يورو، فلا يعقل، بحسبه، أن تكون رواتب موظفين في الجزائر أقل بثلاث مرات عن رواتب نظرائهم في تونس والمغرب.

وأضاف المتحدث بإسم تنسيقية نقابات التوظيف العمومي إنّ ما دعا النقابيين لإختيار لهجة التصعيد، هو quot;عدم وجود نية صادقة لدى السلطاتquot; على حد تعبيره، مستغرباً quot;إستهانةquot; الجهات الرسمية بمسائل عاجلة وإرجائها إلى غاية السنة القادمة، على غرار القوانين الأساسية لموظفي القطاع العام، وما يتعلق بنظام التعويضات، رغم تواجد المعنيين في quot;ظروف إجتماعية حرجةquot; تبعاً لتدهور الأوضاع المعيشية وفرض الحكومة لائحة جديدة من الضرائب والرسوم التي زادت من إنهاك جيوب الموظفين محدودي الدخل.

كما برّر quot;مزيان مريانquot; (كسر) النقابات لهدنتها مع السلطات، بتغييبها من طرف الأخيرة، وإقصاءها من أي حوار إجتماعي، رغم أنّ عموم ممثلي النقابات منحوا الأولوية للغة الحوار، إلاّ أنّ صوتها لم يصل بالذبذبة المطلوبة إلى دوائر القرار، وما لم تحدث تطورات إيجابية في الثلث الأخير من شهر الصيام، فإنّ الواضح أنّ الجبهة الإجتماعية ستشهد صفحة متجددة من السجال الحكومي النقابي المفتوح بكل ما قد يترتب عن ذلك من إنعكاسات جرّاء quot;حوار الطرشانquot; الحاصل.

وتبرر النقابات الحرة في الجزائر غعتزامها شل القطاع العام بما تراه quot;تماطلاquot; من الحكومة في التعاطي مع لائحة المطالب التي أشهرتها الشتاء المنصرم، ويرى مراقبون أنّ إصرار الحكومة بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحيى على التعامل مع شريك إجتماعي واحد وحيد هو المنظمة الحكومية quot;إتحاد العمالquot; وصمّ آذانها تجاه حراك النقابات المستقلة برغم تمتع الأخيرة بعامل التمثيل القوي لـ4.5 عامل في البلاد، أمر من شأنه الدفع نحو اشتداد القبضة الحديدية بين الطرفين على مبعدة أشهر قلائل عن موعد انتخابات الرئاسة في الربع الأول من العام القادم.

وشهدت الجزائر، في شهري فيفري/شباط وأبريل/نيسان الماضي، حالة من الشلل شبه الكلي في أعقاب إضرابات عن العمل، شنتها النقابات المستقلة على خلفية مطالباتها بمراجعة سلم الرواتب الجديد، الذي أقرّته الحكومة وسانده التنظيم النقابي الحكومي quot;إتحاد العمالquot;، لكنّ النقابات الحرة رفضته بشدة.