واشنطن: مع مغادرة جورج بوش البيت الابيض في كانون الثاني/يناير المقبل تنتهي ولاية رئاسية انطبعت بالحرب والمحن. بدأت رئاسة بوش بصدمة اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2002، وتنتهي في اجواء قاتمة بسبب اسوأ ازمة مالية منذ العام 1929 والتخوف من الركود الاقتصادي والبطالة.
في هذه الاثناء بدأ بوش حربين لم ينههما في العراق وافغانستان اللذين يشكلان خطي جبهة quot;الحرب على الارهابquot; التي اعلنها اثر اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر.
وقد تحمل مسؤولية اخفاق اجهزة الدولة في مواجهة الاعصار كاترينا الذي يعد من اخطر الكوارث الطبيعية في تاريخ الولايات المتحدة.
ومن اعتداءات 11 ايلول/سبتمر حتى اليوم تراجعت اسهم بوش من اعلى قمم الشعبية المسجلة على الاطلاق الى الحضيض.
وواجه العواصف التي اثارتها ممارسات ادارته المتهمة بانها الاكثر تزمتا عقائديا والاكثر سرية في تاريخ الولايات المتحدة.
وحاول كسب تأييد اولئك الذين كانوا يسخرون من جهله المفترض كما سعى الى تكذيب اولئك الذين يعتبرون ان الحاكم لسابق لولاية تكساس الذي كان من اقطاب عالم النفط، لما كان شيئا لولا انه ابن والده وانه لا يدين بفوزه بالرئاسة في 2000 الا الى اللغط الذي حدث في فلوريدا.
وقال في تشرين الثاني/نوفمبر 2007 quot;اعتقد ان العالم سيتذكرني كشخص واجه مشكلات صعبة وقد واجهتها مباشرة، حاولت الا ادير وجهيquot;، مضيفا quot;ابديت حزما واتخذت قرارات مستندا الى مبادىء، وليس الى اخر استطلاع لغالوبquot;.
وانطلاقا من هذه المبادىء الكبرى مثل نشر الحرية وضرورة كسب quot;المعركة الايديولوجيةquot; للقرن الحادي والعشرين دافع عن الحرب في العراق وخصوصا عندما تبين ان ذريعة اسلحة الدمار الشامل التي زعم ان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان يمتلكها وكذلك الاشارة الى علاقاته مع تنظيم القاعدة لا تستندان الى اي اساس.
وقد اعلنت الحرب على العراق تبعا لعقيدة جديدة لمفهوم quot;الحرب الوقائيةquot;. لكن فضيحة سجن ابو غريب والانزلاق الى حرب اهلية اظهرت خطأ الرئيس الذي تباهى بعد اسابيع قليلة من بدء الاعمال العسكرية بquot;انجاز المهمةquot;، نسفا رصيد التعاطف الذي كسبه بعد 11 ايلول/سبتمبر عندما جمع بوش الاميركيين وراءه وهو يحمل مكبر الصوت بيده وسط انقاض مركز التجارة العالمي (وورلد تريد سنتر).
واصر بوش على quot;ان قرار طرد صدام حسين كان صائباquot; وquot;سيبقى على الدوم القرار الصائبquot;.
وذلك القرار اثار استياء حلفاء تاريخيين واغضب قسما كبيرا من العالم الاسلامي. وهذا ما جعل مجلة نيوزويك تصفه على صفحتها الاولى بالرئيس الذي لا يصغي الى احد.
كما ان هذا القرار هو الذي ادى الى هزيمة اصدقائه الجمهوريين في الانتخابات البرلمانية في 2006.
وانتهى الامر بالرئيس الذي قام في 2004 باداء نادر حافظ فيه حزبه على الغالبية في مجلسي الكونغرس، الى الاصغاء لجميع اولئك الذين كانوا يطالبونه باقالة وزير دفاعه دونالد رامسفلد.
وبعد 2006 تراجعت ايديولوجية المحافظين الجدد التي املت قبل اربع سنوات الخطاب حول quot;محور الشرquot; امام خط برغماتي بات يطبق في العراق وتجاه كوريا الشمالية او بصدد ظاهرة الاحتباس الحراري.
وفي نظر البعض مثل السناتور الديمقراطي هاري ريد او اليزابيث ساندرز البرفسورة في جامعة كورنيل سيسجل بوش في التاريخ كquot;اسوأ رئيسquot; للولايات المتحدة.
اما الاوفياء له فلا يزالون من جهتهم يكنون له الاعجاب لرفضه التهاون بشأن المبادىء خصوصا بعد ان اثبت ايمانه وتغلب على آفة الادمان على الكحول. وهم يعتبرون ان التاريخ سيعطيه الحق في اخر المطاف.
ولفت سيدني ميلكيس البرفسور في جامعة فرجينيا الى انه quot;يمكن اجراء مقارنة مع (هاري) ترومانquot; الرئيس الاميركي من 1945 الى 1953، مشيرا الى تدهور شعبية ترومان وحرب كوريا. وقال quot;ان التاريخ كان مؤيدا لترومان. وليس من المستحيل ان يعامل التاريخ بوش بشكل افضل من كل ما نعتقده بشأنه في هذا الوقتquot;.
ومع الازمة الاقتصادية التي برزت في الاشهر الاخيرة لولايته الرئاسية اشار ميلكسيس الى ان التاريخ قد يحتفظ بمعايير اخرى.
وقد تباهى بوش لفترة طويلة بسياسته الاقتصادية وبخطة واسعة لتخفيض الضرائب وباكثر من خمسين شهرا متتالية لخلق وظائف واربع سنوات من النمو المتواصل.
التعليقات