طلال سلامة من روما: لا يستطيع الخبراء الإحصائيين، حتى أولئك المنتمين الى المنظمات الكاثوليكية ووكالات المسح الوطنية، رسم ايطاليا المستقبل من دون مهاجرين. مع ذلك، تعجز ايطاليا عن quot;استشعارquot; المهاجرين كظاهرة تركيبية من شأنها التأثير بعمق على الأنسجة الاجتماعية المحلية. ويبدو أن حزب رابطة الشمال يسعى الى استئصال هذه الظاهرة من جذورها قبل فوات الأوان عن طريق وضع عراقيل غير مقبولة أوروبياً. لغاية عام 2050، وهو خط أحمر للعديد من الدول الأوروبية التي ترى تراجعاً في عدد مواطنيها المنتجين نتيجة الشيخوخة، من المتوقع أن يصل العدد الكلي للمهاجرين هنا الى 8.9 الى 12.4 مليون مهاجر، والعديد منهم سيتم تجنيسه. يذكر أن أوروبا بدأت تحترم حقوق عمالها الأجانب لا سيما من ناحية إعطائهم جميع الحقوق الاجتماعية والصحية والانتخابية(جزئياً).

على الصعيد الإيطالي، نستنج بالفعل التأثير المتصاعد للمهاجرين لسد ثغرة المسار الديموغرافي التراجعي للإيطاليين حتى لو كانت نسبة الإنجاب في صفوف الإيطاليات لن تتراجع الى ما دون نصف مليون مولود، سنوياً. بمعنى آخر، سيشكل المهاجرون مستقبلاً 16 الى 18 في المئة من سكان ايطاليا وسيتراوح معدل تدفقهم السنوي الشرعي بين 150 و240 ألف مهاجر جديد. ولا يستبعد المراقبون أن يتخطى عدد المهاجرين المتدفقين الى ايطاليا ذلك المسجل بألمانيا التي كانت وما تزال تعتبر quot;الدورادوquot; المهاجرين.

مما لا شك فيه أن المهاجرين بدؤوا بناء جيوشهم هنا، المستعدة للانخراط في جميع المجالات حتى الأنسجة السياسية والقضائية. إذ ثمة الآلاف منهم المسجلين بالجامعات والذين ينظرون الى تأسيس مستقبل مهني لهم في المجتمع الإيطالي. ولا أحد يعلم بعد ان كان زيادة عدد المهاجرين ستكون على حساب زوال أم تقوقع رابطة الشمال التي تكره كل ما هو عربي.