تركي العوين من الرياض: افردت الصحف السعودية الصادرة اليوم الأربعاء مساحات واسعة لتغطية القمة التاريخية للحوار بين أتباع الديانات المختلفة, واتفقت الصحف السعودية على أن رعاية الأمم المتحدة لمبادرة العاهل السعودي نجاح كبير للدبلوماسية السعودية التي أكدت رغبتها في السلام العالمي والبعد عن صراع الحضارات من خلال إطلاق هذه المبادرة.
صحيفة عكاظ كتبت تحت عنوان quot; رعاية أممية للمبادرة السعوديةquot; بحضور عالمي لافت وكبير وفي لحظة تاريخية نادرة وتحت رعاية أممية، يناقش نخبة من المفكرين والباحثين دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الحوار بين أتباع الديانات والثقافات من منطلق حضاري يهدف إلى ترسيخ قيم الحوار.وإلى تعزيز القواسم المشتركة التي تجمع بين الأمم والشعوب تحت مظلة التسامح وثقافة التعدد وعبر خطاب تقوم لغته وركائزه على ضرورة صياغة ميثاق عالمي من شأنه أن يجعل العالم أكثر استقراراً واطمئناناً وأقل توتراً واحتقاناً وجعل الأديان والثقافات معالم للخير والسلام.
حشد عالمي.. زعماء دول.. وأصحاب فكر.. وبرعاية الأمم المتحدة في نيويورك تبدأ اليوم أعمال مؤتمر الحوار بين أتباع الديانات فيما يتطلع العالم كله إلى تبني الأمم المتحدة نفسها فكرة تجريم ازدراء الأديان والإساءة إلى الأنبياء والرسل.. وكل الرموز الدينية في كل الديانات.
إنها رعاية أممية للمبادرة السعودية وهي رعاية تؤكد الأهمية والمكانة التي تحملها المملكة.. من خلال تكريس لغة الحوار العالمي وخلق أرضية خصبة للمحبة والتسامح.

بدورها كتبت صحيفة الرياض في كلمتها عنوان quot;رجل المبادرات التاريخيةquot; مثلما تتوسع الفروقات بين الأفراد والجماعات والأمم، لا تضيق بين الأديان، لكنها أكثر التصاقاً وتفاهماً فيما بينها، لأنها رسالات تتواصل مع الإنسان والحياة، وجاءت لتخرجه من ظلام الجهالات لنور العلم وتنظيم الحياة، وهي الرحلة من البدائية إلى الوعي والفهم، وإدراك أبعاد الوجود وتنظيم الأسرة والمجتمع، والاهتداء الى موجد خالق لا نزاع على قدسيته.
في هذه المرحلة الحساسة التي تجاوز فيها الإنسان بيئته الأرضية إلى الفضاء وحاول احتواء النزاعات، وجعل الحريات حقاً مشتركاً، وأن حقوقه لا خلاف أو منع لها، يبقى انعقاد المؤتمرات لأتباع الديانات وداخل قبة الأمم المتحدة، لا يشبه القرارات السياسية أو الأزمات التي تعصف بالشعوب نتيجة نزاعات إقليمية أو حروب قوى غير متكافئة، وإنما هو دعوة لأكبر تجمع بشري تحكمه مواريث ومقدسات، وسلسلة طويلة من النظم والتشريعات التي لا يجوز فيها اتخاذ quot;الفيتوquot; أو الانحياز، لأنها خيارات أمم وشعوب قررت من خلال رسالات سماوية أو غيرها أن تلبي نداء روحياً خاصاً بها، ومن هنا جاءت حرمة كل مقدس باعتباره فوق أفكار البشر.

الملك عبدالله اختار التوقيت المناسب لجمع الفرقاء، وكلنا يعلم أن داخل كل ديانة مذاهب وتباينات لها جذورها التاريخية، والفاعلون فيها، لكن عقل الإنسان الذي استوعب الحضارات وتصالح مع ذاته وغيره، يملك القدرة على حل عقدة الخلاف حول مصالحه لأننا نحتاج إلى توظيف هذا التراث العظيم في معالجة هموم أخرى تتعلق ببيئة الإنسان وأمراضه وفقره، ونسب التخلف في معظم شعوب القارات..
المؤتمر حتى الآن يملك فرص النجاح، إذ لو حصرنا الخلافات فهي لا تشكل أساساً يفرض التباعد، لكن أن يصل الاهتمام بأن يكون أممياً وبهذا الاتساع، فذلك يعني أننا نخطو باتجاه عولمة الإصلاح، والاتفاق على خطوات ربما كانت الأولى في تاريخ البشرية..
وتحت عنوان quot;زيارة من أجل الحوارquot; رأت صحيفة الجزيرة زيارة العاهل السعودي إلى منظمة الأمم المتحدة اليوم وهي الأولى منذ مبايعته ملكا ترتبط بمبدأ إنساني كبير لو تشبث به قادة العالم السياسيون والدينيون والفكريون لأضحى عالمنا أكثر استقرارا عما هو عليه الآن، ألا وهو الحوار مع الآخر. إذ كلما اتسعت دائرة الحوار تقلصت دائرة الصراع.
وإنه من الأهمية بمكان أن يعقد مؤتمر حول مبادرة الملك عبد الله لتعزيز الحوار بين الأديان في مقر منظمة دولية تختزل حضارات العالم كلها، وفيها يقع الاختلاف والائتلاف حول مختلف القضايا التي تتقاطع عندها أمم العالم. ولذلك ليس من الغريب أن يطلب رؤساء أكثر من 65 وفدا التحدث في المؤتمر، لأنها فرصة سانحة لعرض الأفكار البناءة التي تسهم في تعزيز الحوار بين الشعوب والأديان والحضارات.
هذا المؤتمر الذي ينطلق اليوم هو تتويج لجهد كبير بذله مليكنا من أجل تدويل مبادرته، وغرسها في الضمير العالمي كي تكون هي - لا الصراع - المحرك الأول لمختلف السياسات بين الدول. فالملك عبد الله عبَّر عن مبادرته في مارس الماضي لدى استقباله المشاركين في منتدى الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي. وبين أنه عرض مبادرته على علماء الدين في المملكة، وأخذ منهم الضوء الأخضر لإطلاقها. ثم عقد بعد ذلك بأشهر وتحديدا في يونيو الماضي مؤتمرا تحضيريا بمكة المكرمة شارك فيه علماء دين من مختلف بلاد المسلمين.
من جهتها افتتحت صحيفة اليوم كلمتها بعنوان quot;دفعة سعودية للسلام العالميquot; قائلة: اليوم سيكون العالم على موعد جديد مع دفعة سعودية للسلام العالمي والحوار بين الأديان، دفعة هي الثانية خلال أقل من عام ـ بعد مؤتمر مدريد ـ يمكن من خلالها للزعماء المؤتمرين تصويب الكثير من السياسات والممارسات الخاطئة التي أرهقت العالم، وساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في ما يعانيه البشر في مختلف أصقاع الكرة الأرضية.

اليوم وغداً وبمشاركة أكثر من 50 زعيماً ومسؤولاً دولياً، سنكون على موعد مع تحدٍ جديد يبرز قدرة العالم على استلهام المبادرة، والعمل بخطى حثيثة من أجل أن تتحول إلى إطار وسلوك عام يجب أن نتحلى به جميعاً، سواء في حوارنا أو تعاملاتنا أو أحلامنا، جميع الأديان السماوية قامت على المحبة وتوطيد السلام، وحرمت القتل والنهب والسرقة والاغتصاب، جميع الأنبياء والمرسلين أتوا برسالة توقير الإنسان وتحريم ماله ودمه وعرضه، الوصايا العشر التي جاءت في ألواح موسى عليه السلام، حضت عليها المسيحية، وأكدها الإسلام، بل إن الفطرة السليمة نفسها هي التي تجافي كل نزعات الشر والعدوان.
من هذه النقطة تحديداً، انطلقت مبادرة خادم الحرمين الشريفين، ليس لتغيير الصورة المأخوذة عنا كمسلمين تحديداً، خاصة بعد أحداث سبتمبر الكارثية، لكن لتغيير الواقع أيضاً، والملفت للانتباه أن هذه الدعوة تأتي بعد مرور سبعة فصول خريف بعد هجمات 11 سبتمبر في نفس المدينة التي شهدت الكارثة.. نيويورك.

ولهذا لم يستغرب محللون أمريكيون تحديداً، كيف تتم الإشادة بالملك عبد الله كـraquo;ملهم بحوار عن التسامح الديني والسلامraquo;، لأنه هو الذي نذر نفسه لتحقيق واحدة من أهم مبادئ وقيم الحياة الإنسانية الرفيعة، وهي السلام والإخاء، تدل على ذلك سياسة المملكة التصالحية مع الجميع، واعتمادها خطوات للتقارب بين البشر، ودعواتها المستمرة والمتكررة لأن يكون عالمنا مثالا للتعايش البناء والسلام الاجتماعي.