انتقد المعارضين للاتفاقية الامنية مع واشنطن لمصالح ذاتية
المالكي: لا قواعد عسكرية أميركية دائمة ولا استخدام لاراضينا للعدوان

أسامة مهدي من لندن: اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عدم وجود اي بنود وملاحق سرية في الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة او نص على إقامة قواعد عسكرية دائمة فوق اراضي العراق الذي لن يكون ابدا ممراً او منطلقاً لشن هجوم على اية دولة اخرى وقال انه يتطلع الى مجلس النواب ليقول كلمته في الاتفاقية بما يحقق وحدة وسيادة العراق وتطلعات شعبه في الأمن والاستقرار والازدهار واوضح ان الحكومة كانت امام خيارات صعبة فإما التمديد لوجود القوات الاجنبية والبقاء تحت طائلة الفصل السابع وبما يعني استمرار السيادة المنقوصة للعراق بكل تداعياتها السلبية على جميع المستويات او ان يرفع الغطاء القانوني عن وجود القوات الاجنبية مع نهاية العام الحالي وبما يضع البلاد امام المجهول وأشار الى وجود ملاحظات على الاتفاقية لكنها تشكل مقدمة متينة لاستعادة العراق كامل سيادته خلال ثلاثة اعوام.

وقال المالكي في كلمة متلفزة الى العراقيين الليلة إنه اراد ان يتحدث اليهم في هذه المرحلة الحساسة التي يمر بها العراق حول قضية تهم حاضره ومستقبله quot;الذي نريد ان نبنيه معا وهي اتفاقية سحب القوات الأجنبية من العراق وتنظيم انشطتها خلال فترة وجودها الموقت فيهquot;. واضاف ان العراق الذي تخلص من الدكتاتورية ونجح بهمة أبنائه المخلصين في تجاوز خطر الحرب الطائفية التي خطط لها الارهابيون وازلام النظام البائد ، يواجه اليوم استحقاقاً في غاية الاهمية والخطورة ، استحقاق استعادة السيادة الوطنية التي تلاشت بفعل القرارات الدولية بعد غزو دولة الكويت الذي لايزال العراق يدفع ثمنه حتى اليوم . واشار الى أن النظام السابق قد تسلم دولة مستقلة ذات سيادة في انقلابه العسكري المشؤوم عام الف وتسعمائة وثمانية وستين ، وسلمها بعد خمسة وثلاثين عاماً من الحروب والمغامرات منقوصة السيادة ، محاصرة بالقرارات الدولية ، ومحتلة ومدمرة ، و شعبا محروما ودولة معزولة عن العالم.

وحول سير المفاوضات مع الجانب الاميركي بشأن الاتفاقية اوضح المالكي قائلا quot;لقد دخلنا في مفاوضات صعبة ومعقدة مع الجانب الاميركي ، وصلت في مراحل عديدة الى طريق مسدود ، وتغيرت خلالها مسودات الاتفاقية عدة مرات ، بسبب إصرار المفاوضين العراقيين على الخروج باتفاق متكافئ يضمن السيادة الوطنيةquot; . واضاف quot;كان المفاوضون العراقيون يدركون جيداً انهم محاسبون امام الشعب إن فرّطوا بالمصالح العليا للبلاد ، وكانت المؤسسات الدستورية ووسائل الاعلام العراقية التي تتمتع بحرية ليس لها نظير ، تشكل حارسا ورقيبا على المفاوضين الذين كانوا - وبحمد الله - بمستوى ثقة الشعب وآماله وطموحاته اخلاصا وكفاءةquot;.

وشدد بالقول quot;حرصت من موقعي كرئيس وزراء منذ بداية عملية التفاوض التي استمرت عدة اشهر على مشاركة المؤسسات الدستورية والكتل السياسية في المفاوضات ، وكنت اقوم بشكل منتظم باطلاع هيئة رئاسة الجمهورية ، والسادة اعضاء المجلس السياسي للامن الوطني الذي يضم قادة وممثلي الكتل السياسية، على مجريات التفاوض اولا بأول ، وقد تم الاتفاق على ان يكون المجلس السياسي للامن الوطني المرجعية السياسية العليا للمفاوضات ،باعتباره يمثل احد مظاهر التوافق السياسي الذي يوجه الى جانب الدستور العملية السياسية في البلادquot;.

واوضح quot;لقد كنا امام خيارات صعبة ، فاما التمديد لوجود القوات الاجنبية والبقاء تحت طائلة الفصل السابع وبما يعني استمرار السيادة المنقوصة للعراق بكل تداعياتها السلبية على جميع المستويات ، او ان يرفع الغطاء القانوني عن وجود القوات الاجنبية مع نهاية العام الحالي وبما يضع البلاد امام المجهولquot;. وقال quot;كان خيارنا الصعب ان ندخل في مفاوضات مع الولايات المتحدة الاميركية ، الهدف الاساس منها الذي وضعناه امامنا منذ اليوم الاول ، هو استعادة السيادة الكاملة للعراق ، سيادته على اراضيه ومياهه واجوائه وامواله واقتصاده وقراراته ، فالسيادة المنقوصة ووجود القوات الاجنبية هي اخطر واعقد واثقل تركة واجهناها من الحقبة الدكتاتورية ، والتي لابد للعراق ان يتخلص منها ويحمي تجربته الديمقراطية الاتحادية الفتيةquot;.

وعبر عن الاسف لان المعارضين للاتفاقية ، او حتى بعض المؤيدين لها،كانوا يدلون بتصريحات بعيدة عن الواقع قبل ان يطلعوا على سير المفاوضات ، بل ان البعض عارضها حتى قبل ان تكتب بصياغتها الاولية ، كما تؤسفني اتهامات البعض بأننا كنا نتفاوض خلف الابواب المغلقة ولانستشير احدا او اننا يملى علينا من الطرف الاخر. واضاف quot;وما يثير استغرابنا ان البعض يمارس ازدواجية سياسية في مواقفه من اتفاقية سحب القوات الاجنبية ، فما يتحدثون به لوسائل الاعلام يتناقض تماماً مع مايقولونه في الاجتماعات الرسمية ، كما انهم يعملون على تضليل الرأي العام والتشويش عليه من خلال الادعاء بوجود بنود في الاتفاقية تتحكم من خلالها الولايات المتحدة بوزارتي الدفاع والداخلية والسيطرة على نفط العراق وثرواتهquot;.

وخاطب المالكي العراقيين quot;اقول لكم بكل صراحة ، لدينا ملاحظات على الاتفاقية ، لكننا في الوقت ذاته نرى انها تشكل مقدمة متينة لاستعادة العراق لكامل سيادته خلال ثلاثة اعوام ، فالاتفاقية تنص على انسحاب القوات الاميركية من المدن والقصبات في موعد لايتعدى الثلاثين من شهر حزيران عام الفين وتسعة وهو موعد غير قابل للتمديد، وانسحابها من جميع اراضي ومياه واجواء العراق في فترة لاتتعدى شهر كانون الاول من عام الفين وأحد عشر وهو موعد نهائي غير قابل للتمديد ، و تخفيض مستمر لهذه القوات حتى موعد انسحابها بشكل كامل من العراقquot;. واشار الى ان الاتفاقية تتضمن عدم القيام باية عمليات عسكرية الا بموافقة الحكومة العراقية والتنسيق الكامل معها ، كما ان اي اعتقال لن يتم الا بأمر قضائي عراقي وبالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية ، وفي حال اعتقلت القوات الاميركية اي عراقي في عملية متفق عليها فانها وطبقا للاتفاقية ستقوم بتسليمه الى السلطات العراقية خلال اربع وعشرين ساعة ، فلامعتقلين بعد اليوم ولامحتجزين ، ولا مراكز احتجاز ولا سجونا اميركية للعراقيين ، ولاتفتيشا ولا مداهمة للمنازل والابنية الا وفق امر قضائي عراقي وبالتنسيق الكامل مع الحكومة العراقية.

وشدد على عدم وجود اي بنود وملاحق سرية في الاتفاقية ولا قواعد عسكرية دائمة فوق اراضي العراق الذي لن يكون ابدا ممراً او منطلقاً لشن هجوم على اية دولة اخرى ، وسوف يستعيد العراق سيطرته على الفضاء والترددات ، كما ان الشركات الامنية سيئة الصيت التي عانى منها العراقيون في ساحة النسور وغيرها ، ستكون تحت الولاية القضائية العراقية بشكل كامل سيكون العراق سيداً، حراً ومستقلاً وله كامل الحق في التصرف بثرواته .
وقال quot;بالأمس كانت بعض القوى السياسية ترفع لافتة المطالبة بجدولة انسحاب القوات الاجنبية حتى وان كان على المدى البعيد ومع شديد الاسف تراجعت هذه القوى عن مطلب وطني نسعى الى تحقيقه وهو سحب القوات الاجنبية من العراق الذي اصبح حقيقة واقعة في نص الاتفاقية ، انهم في واقع الحال يريدون بقاء القوات الاجنبية في العراق ، فوجودها على الاراضي العراقية قد تحول لديهم بوعي او من دون وعي، ومع شديد الاسف ، الى مناورة سياسية لتنفيذ اهداف ومصالح غير وطنيةquot; .

واضاف quot;ما اود التأكيد عليه في هذه المرحلة الصعبة والحساسة من تاريخ العراق ، هو اننا كعراقيين ومن شتى انتماءاتنا واتجاهاتنا السياسية والفكرية ، وسواء كنا مؤيدين او معارضين للاتفاقية ، يجب ان لاتكون مواقفنا منطلقة من حسابات سياسية او فئوية او طائفية او حزبية، او متناغمة مع حسابات سياسية محلية او اقليمية او دوليةquot;. وقال quot;اننا ملتزمون بالحفاظ على المصالح العليا للعراق وسيادته واستقلاله وان الحكومة سوف تلتزم باي قرار يتخذه ممثلو الشعب في مجلس النواب الذي له الحق في رفض او قبول اتفاقية سحب القوات، فقد ولى العهد الذي كان فيه الدكتاتور يوقع على الاتفاقيات ويمزقها، ويتخذ اخطر القرارات ، ويشن الحروب دون علم او موافقة من الشعبquot; .

وشدد على ضرورة عدم النظر الى الاتفاقية باعتبارها فرصة لتحقيق مكاسب سياسية وقتية على حساب المصالح العليا، او مناسبة للتحريض والتشويش والمزايدات المكشوفة ولابد ان تكون هذ المواقف منسجمة مع المصلحة الوطنية للعراق الذي كان وسيبقى همنا الاول والاخير. واوضح ان التصديق بالاجماع في مجلس الوزراء على اتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق قد جسد وحدة الكلمة واننا نتطلع الى مجلس النواب الموقر ليقول كلمته بما يحقق وحدة وسيادة العراق وتطلعات شعبه في الأمن والاستقرار والازدهار. وفي وقت سابق اليوم رأى رئيس اركان الجيوش الاميركية الاميرال مايكل مولن خلال مؤتمر صحافي ان الانسحاب الاميركي من العراق المقرر عام 2011 بحسب مشروع الاتفاق بين بغداد وواشنطن سيكون مرتبطا بالوضع على الارض.

واضاف مولن ان quot; الوضع يواصل التحسن وفي الوقت نفسه ومن وجهة نظر عسكرية اعتقد ان من المهم ان يكون الانسحاب من العراق مرتبطا بالوضع على الارضquot;. واضاف quot;انا مرتاح لهذا الاتفاق المناسب لناحية ما نحن بحاجة له على المستوى العسكريquot; مضيفا ان انسحاب حوالى 150 الف جندي اميركي من العراق quot;يمكن ان يتم خلال عامين او ثلاثة اعوامquot;. واكد quot;هذا الامر ممكن ولكنه ليس من نوع الاشياء التي يمكننا القيام بها بين ليلة وضحاها. اعتقد ان انسحاب جميع قواتنا المسلحة سيأخد بين عامين وثلاثة اعوامquot;.

وقال ان quot;ثلاث سنوات هو وقت طويل. الشروط قد تتغير خلال هذه الفترةquot; مضيفا انه quot;من الممكن نظرياquot; ان يشهد الاتفاق تغييرات. واوضح قائلا quot;اذا اراد الرئيس المنتخب اوباما ان يعطيني امرا فسأنفذه. انها مهمتي بوصفي مسؤولا عسكريا كبيراquot;. وردا على سؤال حول ما اذا كان يعتقد ان العراقيين سيكونون قادرين على تسلم امنهم بانفسهم عام 2011 قال الاميرال مولن quot;هناك بالطبع احتمالات كبيرة ان يكون الوضع على هذا النحو بعد 36 شهراquot;.وتلزم الاتفاقية واشنطن بسحب قواتها الباقية في العراق والبالغ قوامها نحو 150 ألف جندي بحلول 31 كانون الأول (ديسمبر) عام 2011 ويعتبر المفاوضون العراقيون هذا الموعد المحدد انتصارا بعدما دأب الرئيس الأميركي جورج بوش على التعهد بألا يقبل جدولا زمنيا.