طلال سلامة من روما: في خطوة لافتة أعلنت المحكمة الدستورية العليا، بإيطاليا، عن وجود صراع خفي، متعلق بملف الإمام المصري أبو عمر الذي اختطفه رجال الاستخبارات الأميركية، في وضح النهار، من أحد شوارع مدينة ميلانو شمالاً. وعلى الرغم من مرور عدة سنوات إلا أن قضية الإمام المصري ما تزال تثير ردود فعل الرأي العام. رسمياً، يوجه القضاة إصبع الاتهام الى المدير السابق لجهاز الاستخبارات الإيطالية quot;سيسميquot;، السيد نيكولو بولاريquot; و26 رجلاً من رجال الاستخبارات الأميركية quot;سي آي ايquot; الذين يتخذون من ايطاليا قاعدة عمليات قد تتحول، بين لحظة وأخرى، الى ساحة حرب غير مرخصة.

هذا وقدم قاضي الدفاع، أوسكار ماجي، طلب استئناف ضد مجلس الوزراء اعتماداً على موقف سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء الحالي، الذي دعا المديرين في جهاز الاستخبارات العسكرية quot;سيسميquot;، في الفترة الواقعة بين شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، الى واجب فرض السرية التامة على ملف أبو عمر نظراً للعلاقات الراهنة بين أجهزة الاستخبارات الإيطالية وتلك الأجنبية في ما يتعلق بمكافحة الإرهاب الدولي.

وهذه الجولة الخامسة من الصراع الذي يدور بين محكمة ميلانو ومجلس الوزراء حول ملف الإمام المصري المختطف. ويبدو أن المحكمة الدستورية العليا تميل الى صالح محكمة ميلانو. في أي حال، سيتم البت مجدداً بهذا الملف والمسؤولين عنه أمام قضاة المحكمة الدستورية في 10 مارس/آذار القادم. علاوة على ذلك، تعتبر المحكمة الدستورية العليا طلب محكمة ميلانو في اتهام مجلس الوزراء ورئيسه، أي برلسكوني، شرعياً بما أن الحادثة وقعت بمدينة ميلانو، أي ضمن حدود صلاحياتها القضائية والجنائية الرسمية.

إلا أن برلسكوني،الذي درس ملف الإمام عن كثب، يخشى ضلوع دوائر استخباراتية خارج محور quot;سيسميquot; في قضية الاختطاف التي هزت بنى الرأي العام هنا. فالمسألة لا تقتصر على اتهام وربما إدانة مدير واحد في جهاز quot;سيسميquot; الإيطالي إنما قد يخرج الملف عن سيطرة برلسكوني نفسه في حال قبض محامي الدفاع على أدلة قد تقلب موازنات الحكم رأساً على عقب لتشمل العشرات من رجال الاستخبارات الإيطالية. مما سيربك حكومة روما أمام الجالية الدولية وحكومة واشنطن.