لندن، وكالات: واجه روان وليامز الزعيم الروحي لسبعة وسبعين مليون إنجليكاني في العالم دعوات لإستقالته لإشارته إلى أن تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا أمر لا يمكن تجنبه. وتحدث وليامز كبير أساقفة كانتربري في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي.بي.سي) عن استخدام الشريعة الاسلامية لحل بعض القضايا الشخصية او العائلية بين مسلمي بريطانيا وذلك الى حد كبير مثل الطريقة التي يمتلك بها اليهود المتشددون محاكمهم الخاصة لبعض الامور. وسئل عما اذا كان من المطلوب تطبيق الشريعة الاسلامية في بعض الحالات من اجل تماسك المجتمع فقال وليامزquot;يبدو انه امر لا يمكن تجنبه.quot;

واثارت تصريحات وليامز غضبا في بعض الصحف الشعبية البريطانية وعلى رأسها صحيفة صن الواسعة الانتشار التي شنت يوم السبت حملة لاعفاء وليامز من منصبه متهمة اياه بتشجيع quot;الارهابيين المسلمين.quot; وأصبح موضوع دمج 1.8 مليون مسلم في المجتمع البريطاني محل نقاش على نطاق واسع منذ يوليو تموز عام 2005 عندما نفذ أربعة اسلاميين بريطانيين تفجيرات انتحارية استهدفت شبكة النقل في لندن مما أدى الى مقتل 52 شخصا.

وانضم جورج كيري وهو كبير اساقفة سابق لكانتربري الى الانتقادات قائلا في مقال بصحيفة يوم الاحد ان quot;قبول/ وليامز/ لبعض قوانين المسلمين داخل القانون البريطاني سيكون امرا مفجعا للامة.quot; ولكنه قال انه يجب عدم استقالة وليامز الذي يواجه بالفعل انقسامات داخل كنيسته بسبب القساوسة المثليين. وانتقد بعض الاساقفة وليامز ودعا عدة اعضاء في مجمع اساقفة الكنيسة الانجليكانية الى استقالته. وقال اليسون روف عضو مجمع الاساقفة لمحطة سكاي نيوز quot;اعتقد انه لم يعد الرجل المناسب لهذه الوظيفة ..ان ذلك في احسن الاحوال امر غير لائق سياسيا وفي اسوأ الاحوال محض حماقة.quot;

وهب زعماء اخرون بالكنيسة للدفاع عن وليامز. وقال جورج كاسيدي اسقف ساوثويل ونوتنجهام انه شعر بحزن بسبب ما وصفه بquot;رد الفعل الهيستيريquot; على تصريحات وليامز. وكتب كيري في صحيفة نيوز اوف ذي وورلد يوم الاحد انه على الرغم من انه لا يتفق مع وجهة نظره بشأن الشريعة الاسلامية فانه يؤيد وليامز بشكل كامل. وقال quot;اعرف ان ما حدث اصابه بالفزع.quot; ونفى بيان على موقع وليامز على شبكة الانترنت انه دعا الى تطبيق الشريعة الاسلامية quot;كسلطة قانونية موازية للقانون المدني.quot; ولم يدل وليامز نفسه بتعليق على هذا الجدال يوم السبت. ولدى مغادرته قداسا بكنيسة في كامبريدج هتف شخص quot;استقلquot; في حين اطلق بضعة اشخاص صيحات استهجان وصفق له البعض.

وقال كاري ان وليامز quot;روعتهquot; ردود الفعل على التصريحات وقال كاري ان كبير اساقفة الكنيسة الانغليكانية quot;لم يتكهن بمضاعفات تصريحاته واتفهم ان تكون ردود الفعل هذه روعتهquot;. واضاف كاري ان اسقف كانتربري الحالي quot;قد يكون قدم خدمة كبيرة لبريطانيا باثارة قضايا تتعلق بالاسلام، لكنني لا يمكنني ان اشاطره رأيه بان بريطانيا ستقبل في نهاية الامر بعض احكام الشريعة الاسلاميةquot;. واكد كبير الاساقفة الانغليكان السابق ان quot;قبول بعض القوانين الاسلامية في اطار القوانين البريطانية سيشكل كارثة على الامةquot;.

الصنداي تايمز

وفي صحيفة الصنداي تايمز نجد مقالا بعنوان quot;أيها الأسقف، لقد ارتكبت خيانةquot; بقلم الكاتبة مينيت مارين، تقول فيه تعليقا على قول الأسقف ويليامز quot;ان القول ان هناك قانونا واحدا للجميع وهذا هو كل ما هنالك لهو شيء خطيرquot;، تقول quot; ما هو الخطير ؟ وبالنسبة لمن ؟ ان الخطر يكمن في الأسقف وفي الذين يفكرون مثلهquot;. وتتساءل الكاتبة قائلة :quot; ما هو الجيد والأساسي في مجتمعنا ؟ quot; وتجيب :quot;انه المساواة أمام القانونquot;. وتضيف الكاتبة قائلة: quot;ما هو جيد وأساسي أيضا في هذا البلد هو القانون نفسه. قانوننا يعبر عن افضل قيم مجتمعنا، ومن لا يقبله فهو لا ينتمي لهذا البلدquot;. وتقول الكاتبة:quot;حين تصطدم أنظمة قضائية مع نظامنا فاننا نفضل نظامناquot;، وتضيف:quot;هناك مؤشر ايجابي وهو الغضب الذي اثارته تصريحات الأسقف في جميع الأوساط تقريبا: لقد وحدت أقواله بين أناس مختلفين: من مسيحيين متطرفين الى مسلمين معتدلين، من قساوسة أنجليكانيين الى ليبراليين ملحدينquot;.

الاندبندنت

وحملت افتتاحية صحيفة الاندبندنت عنوان quot;ليس هناك قانون متحضر يقبل الاكراهquot; وجاء فيها:quot; عبثا يقول د.ويليامز انه لم يكن يتحدث_حين اشارته الى الشريعة_ عن quot;الأشكال الوحشية واللاانسانية والظالمةquot; للشريعة كما يجري تطبيقها في بلدان يجري فيها رجم النساء بتهمة ممارسة الزنى اذا تعرضن للاغتصابquot;. وتتابع الافتتاحية:quot;المشكلة انه حتى لو تجاهلنا الرجم وقطع الأيدي وجرائم الشرف فان قانونا يستمد سلطته من تقليد ديني قديم لا بد أن يكون رجعيا بشكل عام ومنكرا لحقوق النساء بشكل خاصquot;. لقد اعترف د.ويليامز، تقول الافتتاحية، ان مسألة وضع النساء والمتحولين عن الدين في الشريعة quot;عصابية في طابعهاquot;، ولكن اذا لم نكن نتحدث عن quot;هذا النوع من الشريعةquot; فما يقوله د.ويليامز غير واضح. لقد سمح الاسقف للكثير من الناس بالاستنتاج انه عني وجود quot;قانون لهم وقانون لناquot; حسب الافتتاحية. المشكلة بالنسبة للمحاكم القائمة على أساس ديني، اسلامية كانت أو يهودية، انها لا تعترف بحق المساواة للنساء، ومن الصعب رؤية الحد الفاصل بين quot;خضوع النساء الطوعيquot; وتطبيق شيء عليهن بالاكراه.

وفي نفس الصحيفة نطالع مقالا بقلم quot;جون سميثquot; تحت عنوان quot;النساء البريطانيات يعانين فعلا من القانون الاسلاميquot;. وتتطرق الكاتبة الى المحاكم الاسلامية واليهودية العاملة في بريطانيا، والتي تقول انها تجحف المرأة في أحكامها. وتقول الكاتبة ان المحاكم الاسلامية ترفض طلاق المرأة اذا كان لها أطفال. وتصيف الكاتبة انه حتى لو تجاوزنا الحالات الأكثر قسوة للرجم حتى الموت بتهمة الزنى، فان هناك أدلة على أن المحاكم الشرعية تكرس السلطة الأبوية في مجتمعات بدأت فيها النساء المسلمات المطالبة بحقوق مساوية لحقوق الرجال. وتضيف الكاتبة انه اذا أرادت امرأة الهرب من عنف والدها أو زوجها فالمحاكم الشرعية ليست خير من تلجأ اليه للحصول على العدالة.

الديلي تلغراف

وفي صحيفة quot;الديلي تلغرافquot; تحمل الافتتاحية عنوان quot;المدافع عن الايمان بحاجة الى قدرة أكبر على التقييمquot;. وبعد أن تعدد الافتتاحية مناقب الأسقف روان ويليامز تنتقل الى القول ان التصريحات التي أدلى بها الأسبوع الماضي تعكس زلة في القدرة على التقييم، فبالرغم من أنه لم يكن يقصد اقامة نظامين قضائيين مختلفين كما وضح لاحقا الا أن تعبيره عن نفسه افتقر الى الوضوح والدقة مما جعل سوء فهمه واساءة تأويله ممكنا.

وتتابع الافتتاحية ان ستوديو البي بي سي (حيث أدلى بتصريحه) ليس قاعة محاضرات، من حيث ان ما يقال فيه يصل الى قطاع واسع من الناس على كافة مستوياتهم ومشاربهم. وتحمل الافتتاحية مسؤولية البلبلة التي حدثت في الاعلام نتيجة تأويل ما قاله الأسقف له شخصيا بسبب تعرضه للموضوع بالشكل الغامض الذي سمح بهذا التأويل.