دبي: العقوبات الدولية المفروضة على ايران بسبب برنامجها النووي لا تعوق تنامي مستوى الركاب المتوجهين الى مطار الامام الخميني الدولي في طهران، حيث أعلنت المنظمة الايرانية للطيران المدني ان الربط الجوي بين طهران وروما سيتم زيادته في وقت قريب ، استنادا إلى الطلب المتزايد على الرحلات الجوية المباشره بين العاصمتين. البيانات التي تنشرها الهيئة نفسها واضحة : ففي عام 1996 لم تنقل شركة الخطوط الجوية الإيطالية اكثر من 6.700 ركاب من روما الى طهران ، إلا أن هذا الرقم وصل في عام 2006 الى 25.919، علماً أن نفس الاتجاه سجل بالنسبة لمعظم شركات الطيران الاوروبية ، مع زيادة قياسيه لشركة الخطوط الجوية الفرنسية ، حيث ارتفع معدلها من 17.731 راكب فى عام 2004 الى 53.534 في عام 2006.

وبالرغم من هذا الطلب المتزايد على الرحلات الجوية الى طهران ، فيبدو ان السلطات المحلية تجد صعوبة في التكيف مع المعايير الدولية للسلامة على مستوى المطارات الرئيسية في البلاد ، وعلى مستوى شركاتها الناقلة أيضاً، إذ وقعت في السنوات السبع الاخيرة فقط سبعة حوادث خطيرة ، خلفت ما لا يقل عن 650 قتيلا أي ما يقرب من 15 في المائة من ضحايا حوادث الطيران فى جميع انحاء العالم، مما يعني أن الامان يشكل صفحة سوداء في تاريخ الجمهورية الاسلامية.

وتعود آخر حادثة الى كانون الثاني/ يناير من العام الماضي ، حينما اشتعلت النيران في طائرة من طراز فوكر 100 اثناء الاقلاع من مطار مهرباد الدولي في طهران. وبالرغم من ان تلك الحادثة لم تخلف ضحايا بين المئات من ركاب تلك الطائرة، إلا ان تفاصيلها اعادت الى الاذهان ذكرى طائرة الشحن ج - 130 فى عام 2005 التي سقطت على مبنى على مشارف العاصمة ، مما ادى الى مقتل 94 راكبا و34 شخصا على الارض. وقبل عام ونصف من ذلك أي في شباط / فبراير من عام 2003 ، لقي 302 شخصا (معظمهم من العسكريين في الحرس الثوري) حتفهم عندما تحطمت الطائرة التي تقلهم من طراز اليوشن بالقرب من شاه آباد.

ويرى الخبراء أن هناك سبين يقفان وراء تلك الحوادث، فمن ناحية هناك انخفاض الثقة بأساطيل النقل الايرانية (شركة الخطوط الجوية الوطنية و الطائرات العسكرية) ومن جهة آخرى هناك تدني مستوى المطارات ابتداء من مطار الامام الخميني الدولي في طهران الذي افتتح في عام 2004 ولو أنه أغلق عدة مرات لمشاكل أمنية مختلفة.

وهذه العوامل مجتمعة يمكنها بالتالي أن تخيب آمال وطموحات طهران الراغبة في quot;تعويضquot; الآثار الناجمة عن العقوبات الدولية والازمة الاقتصادية عبر أرباح السياحة. والواقع أن صناعة السياحة الايرانيه اليوم تشمل على 1،76 مليون وظيفة (5،8% من المجموع) ، مع مداخيل للخزينة الوطنية قد تجاوزت 30 مليار دولار في عام 2007 وفق بيانات مجلس السفر والسياحة العالمي)، حيث تخطط السلطات في طهران أن يصل عدد العاملين في قطاع السياحة عام 2017 الى 2،12 مليون موظف.

ولم تكن حالة إيران كارثية على الدوام إذ شهدت الخطوط الجوية الايرانية عصرها الذهبي في السبعينات ، عندما كانت الشركة تعتبر الاسرع نمواً في الربح على مستوى الطيران المدني العالمي.

ولكن السيناريو تغير بعد الثورة الاسلامية بعد ان حظرت الولايات المتحدة بيع الطائرات. إثر ذلك بدأت الشركة الايرانية بالتزود بطائرات من طراز ايرباص مستعملة ولم تعد قادرة على شراء قطع الغيار لشركة بوينغ. وفي عام 2006 ، وفي سبيل تغطية بعض الخطوط الدولية، اضطرت الشركة الى 'اعادة تأهيل' طائرات من نوع بوينج 747 التي ظلت معطله لعدة سنوات. وفي الوقت الحالي ،ويبلغ متوسط عمر الطائرات على الخطوط الجوية الايرانيه حوالي عشرين عاما، منها العديد الذي يعود الى الشاه، حيث تمت صيانة الطائرات المستخدمة من خلال تفكيك تلك المهجورة لسنوات.

اما بالنسبة الى مطار طهران الدولي quot;الامام الخمينيquot; فإن تاريخه ظل مضطرباً أيضاً حيث افتتح في أيار/مايو 2004، ثم اغلق بعد ساعات قليلة من جانب الحرس الثوري. ولم تكن أسباب القرار ليست واضحة تماما، إذ اعترض الباسداران على الدور الذي يقوم به الأجانب (الاتراك والنمساويين) في ادارة المطار، ولو ان التبرير الرسمي يثير الشكوك بشأن المخاطر الامنية.

وبعد بضعة ايام اعيد فتح المطار ، ولكن بعد اقل من عام واحد انطلق انذار من المملكة المتحدة وكندا ، من خلال تحذير لمواطنيهما من المخاطر المرتبطه بالنقل في مطار الخميني، حيث حذرت هيئات السلامة الجوية في البلدين وخاصة الطعن في سلامة المدارج التي بنيت على اعماق الوديان والمجاري المائية تحت سطح الارض. وبالرغم من التاريخ القصير للمطار فإن الحوادث عديدة ومن ذلك ما وقع في كانون الاول / ديسمبر 2007 ، حين اصطدمت طائرتان من طراز ايرباص الأولى تابعة للخطوط الجوية الهولندية والثانية لشركة لوفتهانزا، نتج عدد غير معلوم من الضحايا وإلغاء رحلات مقررة.

ولا ينبغي في هذا المجال التقليل من خطر الارهاب إذ يؤكد الخبير البريطاني في مجال أمن الطيران والنقل كريس يتس التابع لمؤسسة quot; جينquot;وهي واحدة من اشهر مراكز البحوث الدولية في المنطقة أن quot;المطار لا يملك أحدث أجهزة الاشعه السينيه وأجهزة كشف المعادن ، ولا أحدث أجهزة استشعار وكشف ابخرة الوقودquot; ويضيف في تصريحات لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء quot;من السهل ادخال حقيبة تحتوي على متفجرات فلن يتم الكشف عنها في المطار لأن ليس لديها التكنولوجيا القادرة على ذلكquot; حسب تعبيره.

وما يعزز الشكوك الدولية حول المعايير الدولية لمطار طهران الدولي وحول قدرته على استيعاب دفق سياحي كبير إذ سجلت مصاعب في حالة الظروف الجوية السيئة ومن ذلك ما وقع في كانون الثاني/يناير الماضي حيث توقف عن العمل لأيام نتيجة لعاصفة قوية، كما ان عدم جاهزية المطار أدت الى احتجاج العديد من الركاب الذين شكوا من انهم تركوا يواجهون في غياب المعلومات المطلق من قبل الإدارة وعدم وجود مطاعم أو فنادق أو محلات لوازم للبضائع.

ولا تعود اسباب هذه الحاله الكارثية للطيران الدولي والمطار الرئيسي للجمهورية الاسلامية للعقوبات الدولية فقط، إذ ان حظر بيع قطع الغيار كان قد رفع في العام 2006 من جانب الولايات المتحدة، كما ان العقوبات المعتمدة في الامم المتحدة لا تحول دون الاستثمار الاجنبي في مجال سلامة الطيران. وفضلاً عن ذلك فإن العديد من الطائرات التي تعرضت للحوادث في السنوات الاخيرة هي من طراز اليوشن من جانب روسيا البلد الذي لم يلتزم قط بالحظر على بيع الطائرات وقطع الغيار لجمهورية ايران الاسلامية.

ويقول الخبير البريطاني في مجال أمن الطيران والنقل كريس يتس التابع لمؤسسة quot; جينquot;وهي واحدة من اشهر مراكز البحوث الدولية في المنطقة quot;من المؤكد ان العقوبات الدولية ترتبط ارتباطا مباشراquot; لهذه الحالة ولكن هناك ايضا من يقول ان هناك عدم كفاءة في الادارة من الجانب الإيرانيquot; ويضيف quot;ان شركة الخطوط الجوية الايرانية لم تمتثل للمعايير الدولية من أي وجهة نظرquot; ولكن ، كما يشير الخبراء quot;فإن بوسع السلطات الاوروبية بسهولة ان تتخذ تدابير ضد الخطوط الجوية الايرانيهquot; وهو أمر هام ولم تفعله حتى الآن.

واعتبارا من عام 2006 وقد احرز بعض التقدم ، لا سيما في مجال تحسين القدرة التشغيلية للخطوط الجوية الايرانية، كما أن المفاوضات جارية أو انها اختتمت بالفعل لشراء أو تأجير بعض الطائرات الروسية الصنع، بما في ذلك توبوليف واليوشن. ولكن هذه الخطوات غير كافية إذ أنها لا تضمن تحديثاً متسقاً للاسطول الجوي الايراني. ونفس الشىء ينطبق على شروط مطار الإمام الخميني الذي تواصل السلطات المحلية نفي وجود مشاكله في مجال السلامة الامنية. يقول كريس يتس quot;طبعا يجب الا ننسى ان معايير السلامة للمملكة المتحدة وكندا عالية جدا ولا يسع جميع المطارات في العالم أن توازيها وهذا بالتأكيد هو الحال مع مطار الإمام الخميني quot;.

هكذا فإن السيناريو الماثل يبدو مدمراً، وهو ما يجعل ذلك فان برنامج الانعاش الاقتصادي للجمهورية الاسلامية من خلال السياحة غير ممكن. إن ما يعوق طريق طهران في هذا المجال أيضاً المقارنة بينها وبين جيرانها ، من الامارات الى المملكه العربية السعودية ، بل وقطر والبحرين الأصغر حجما ، والتي بنت على أساس النوعية العالية جداً من النقل الجوى مشاريعها المرتكزة على التنويع الاقتصادي ولاسيما السياحة، وفي هذا يرى يتس quot;اعتقد ان كل شركة توفر الفرصة للسفر الى ايران ينبغي أن تحذر زبائنها ان معايير السلامة ليست عالية كما هو الحال في الغرب وان هناك مشاكل يمكن ان تجعل من تلك الرحلة محفوفة بالمخاطرquot; ويخلص إلى القول quot;اذا قررت ايران ان تفتح حدودها للدفق السياحي الكبير فسوف تبدأ الضغوط من الخارج لكي يتم رفع مستوى الأمان والسلامة على نحو أفضلquot;.