خلف خلف- إيلاف: يقترب مشروع quot;قناة البحرينquot; التي ستصل البحر الميت بالبحر الأحمر من الانطلاق في ظل محادثات مكثفة ستشهدها العاصمة الأردنية يوم الأحد المقبل لدراسة تمويل المشروع ومناقشة القضايا اللوجستية والعملية المتعلقة به إيذانا ببدء سيرها. وتأتي هذه التحركات بعد معارضة شديدة وانتقادات تعرض لها المشروع منذ طرحه قبل عدة سنوات، عندما أطلق العديد من المراقبين والخبراء تحذيرات تشير إلى انعكاساته السياسية، بالإضافة إلى الارتدادات البيئية على البحر الميت، كما أثيرت مخاوف لدى الفلسطينيين من أن يكون المشروع مقدمة لترسيم الحدود بين إسرائيل والأردن على حساب دولتهم العتيدة.
وصرح رئيس اللجنة التوجيهية للمشروع عن الجانب الأردني المهندس موسى ضافي الجمعاني أن الاجتماعات لمناقشة المشروع ستبدأ في عمان الأحد المقبل لمدة خمسة أيام مع مبعوثين للبنك الدول والشركات الفائزة بإجراء دراسات الجدوى البيئية والاقتصادية للمشروع، حسبما ورد في صحيفة الرأي. ونقل عن الجمعاني قوله أيضا إن الاجتماع الأول سيبحث فيه وزارتا المياه والري والتخطيط وممثلون عن البنك الدولي والوكالة الأميركية للإنماء الدولي قضية تمويل الدراستين.
كما أوضح الجمعاني في حديث لصحيفة الغد أن الاجتماع الثاني سيتم بين وزارة المياه والري والبنك الدولي والشركتين الفرنسية والإنجليزية الفائزتين بتنفيذ دراسات الجدوى البيئية والاقتصادية للمشروع بهدف مناقشة قضايا لوجستية لإجراء الدراسات. ووافقت فرنسا وهولندا واليابان والولايات المتحدة الأميركية قبل ثلاث سنوات على تمويل دراسات جدوى المشروع التي تم الاتفاق على تخفيض زمنها من 24 شهرًا إلى 18 شهرًا فقط، وخلال الشهر الماضي قررت الدول المانحة التي اجتمعت في باريس جمع مبلغ 3 ملايين دولار لاستكمال إجراء دراسات الخاصة بالمشروع والتي تقدر بنحو 15 مليون دولار.

وفكرة إنشاء قناة البحرين، يرجعها العديد من الكتاب إلى بدايات القرن التاسع عشر حين طرحها ثيودر هيرتزل مؤسس الحركة الصهيونية، ولكن عمليًا أعلن عن المشروع لأول مرة خلال مؤتمر جوهانسبرغ، وتعرض لهجوم من الكثير من المسؤولين والمشاركين العرب الذي اعتبروه محاولة إسرائيلية لإجبار العرب على التطبيع. غير أن الأردن بذلك منذ الحين جهودًا جمة لإقناع كافة الأطراف لاسيما العربية منها، بأهمية المشروع وفوائده على المدى البعيد والقريب، وتكللت المساعي الأردنية بالنجاح بعد إعلان الأطراف المعنية، فلسطين ومصر وإسرائيل موافقتهم.
وتشير التوقعات أن المشروع سيقدم للأردن العديد من الفوائد أهمها، تزويدها بالمياه العذبة، وتخليصها من مشاكل الكهرباء، أما مصر فسيفيدها إنشاء القناة بإصدارها العربي في إلغاء إسرائيل لفكرة إنشاء قناة ملاحية منافسة لقناة السويس، حيث أنه لا يمكن تنفيذ كلا المشروعين، لأن واحد منهما ينفي فكرة الآخر.
أما الفلسطينيون فيرجح أن يمدهم المشروع بالمياه العذبة، وبخاصة في ظل استيلاء إسرائيل على كافة منابع المياه الجوفية، ورفضها تنفيذ الاتفاقات الخاصة بتقاسم المياه، وبحسب التوقعات فأن الفلسطينيين سينالون حصة لا بأس بها من مشروع القناة. كما quot;لقناة البحرينquot; فوائد اقتصادية واجتماعية، منها إسهاما في إعفاء تجمعات وكيانات زراعية وسياحية وزراعية وبشرية عدة من أضرار مبينة بسبب الانخفاض المستمر في منسوب مياه البحر الميت.
ولكن رغم كل ما سبق، إلا أن المشروع يحمل في طياته انعكاسات سلبية، منها بحسب دراسات متفرقة: تغير طبيعة البحر الميت وخواصه الفيزيائية وتركيبها الكيميائي ومكوناته البيولوجية، وهو ما يعني فقدان هذا البحر لهويته البيئة المميزة. وبحسب الدراسات فأن تخفيف ملوحة البحر الميت، وتداخل المياه العذبة الجوفية مع المياه المالحة سيقود لحدوث أضرار بيئية غير مأمونة النتائج.

بل تذهب بعض التقارير إلى الإشارة إلى أن الضغط العالي على البحر الميت، نتيجة تدفق مياه البحر الأحمر إليه، قد يؤدي لحدوث زلزال مدمر في المنطقة، أو تنشيطها على أقل تقدير. وربما في حال ارتفع منسوب البحر الميت على غير عادته أن يقود لغمر العديد من المناطق بالمياه المالحة مما يقضي على صلاحيتها للزراعة، ويفقدها غطائها النباتي.
وللمخاوف السابقة يضاف، احتمالية تعرض الميزان المائي بين البحر الأحمر والمحيط الهندي للاختلال، مما يهيئ الفرصة لبعض كائنات البحر الميت لأن تستوطن البحر الأحمر وهو ما قد يسبب ضررا لعدد من الموائل الثرية والمميزة للأحمر.
ويقوم المنظور الأردني للمشروع الذي سيستغرق تنفيذه من 6 إلى 10 سنوات، على ثلاث مراحل هي، بحسب صحيفة الرأي: مد أنبوب أو أنابيب لنقل المياه من عمق البحر الأحمر إلى البحر الميت لجلب حوالي 1900 مليون متر مكعب من المياه لتعويض المياه المفقودة الرافدة للبحر وبكلفة تصل إلى حوالي 710 ملايين دينار لإنقاذ البحر الميت.
وعبر استغلال قوة ضغط الماء وضخها إلى ارتفاع 125 مترا فوق سطح البحر الأحمر عبر أنابيب لتجرى مسافة 180 كيلومترا انخفاضا إلى ناقص 400 متر وهو موقع البحر الميت، يمكن توليد طاقة عند نزول المياه واستغلالها في تحلية الماء للشرب علما أن الضغط يوفر فرزا للمياه المحلاة.
وتتضمن المرحلة الثالثة نقل المياه المحلاة من جنوب البحر الميت إلى المدن في الأردن وفلسطين وإسرائيل، ستحدد كلفتها بعد وضع مسار الخطوط الناقلة ومحطات الضخ. ويحذر الأردن من خطر اختفاء البحر الميت بسبب انخفاض منسوب المياه فيه والذي يعتبر أكثر بحار العالم ملوحة وينخفض بسرعة كبيرة وبمعدل المتر سنويا ليصل تراجع مستواه إلى الثلث جراء نضوب منابعه وتحويلها.