نجلاء عبد ربه من غزة: لم يستغرب المهندس أسعد عندما إستقل سيارة أجرة من خان يونس ( جنوب قطاع غزة)، إلى مكتبه في مدينة غزة عندما رأي سائق السيارة يضع كمامة على أنفه، فتلك الحالة أصبحت شائعة في قطاع غزة، بعد أن إضطر مئات السائقين لخلط زيت الطهي مع كمية من السولار والزيوت المختلفة، كبديل عن تقنين المحروقات التي تدخلها إسرائيل على قطاع غزة.
ورغم أن السائق رياض أبو صالح، 53 عاماً، يدرك أن الزيوت المحترقة تخرج غازات مسرطنة وملوثات بيئية، قد تؤثر على حياته بشكل شخصي، إلا أنه يقول quot;لا بديل عن ذلك، فعندي 8 أطفال وبحاجة إلى إطعامهم وكسوتهم، حتى لا أضطر إلى التسول أمام المساجد المختلفةquot;.
ويعتبر زيت القلي من المستحدثات التي طرأت على قطاع غزة وسكانه في ظل الحصار والإغلاق الإسرائيلي المفروض عليها، مما إضطر آلاف سيارات الأجرة تحديداً للجوء إلى خليط من هذا النوع، كبديل عن السولار والبنزين، يؤثر على حياة الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة.
من جانبه أكد الدكتور مبروك القدرة لـ إيلاف أن انبعاث الغازات المسرطنة، خاصة أول أكسيد الكربون وغازات أخرى ناجمة عن استخدام الزيوت غير القابلة للاحتراق الكامل كوقود للسيارات، يؤدي إلى زيادة في عدد الحالات المرضية خاصة أمراض الربو والضيق بالتنفس ومضاعفات لأصحاب الأمراض المزمنة.
وأوضح الدكتور القدرة أن التأثير الفعلي من تلك الغازات يؤثر بالدرجة الأولى على المواطنين الذين لديهم مناعة محدودة وكذلك أمراض الكلى، فهم مضطرون لاستخدام تلك الكمامات الطبية المتوفرة بالصيدليات، لتنقية الهواء وتجنب العديد من الأمراض أو الإصابة بالمضاعفات المرضية.
ويستخدم المواطنون الفلسطينيون أصحاب السيارات الخاصة البنزين كوقود لسياراتهم، إلا أن مئات السيارات الخاصة حوّلت ماتور السيارة للسير عن طريق غاز الطهي، مع بداية إنتفاضة الأقصى في العام 2000م، سيما وأن أنبوبة الغاز تعتبر أرخص من سعر البنزين. ومع الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، لجئوا جميعهم لإستخدام 20 لتر من زيت القلي مع 2 لتر من زيت السيارات و10 لترات من السولار ليصنعوا خليطاً يستطيعون من خلاله سياقة سياراتهم.
المهندس أسعد تذمر بشكل واضح وهو يخبر إيلاف عن قربه للغثيان جراء إستنشاق الغازات المنبعثة من تلك المحروقات. وكذلك الأمر سيدة في الأربعينات من عمرها، إضطرت للذهاب من رفح إلى مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة، تقول quot;لولا خجلي من الناس لصرخت بأعلى صوتي وتشاجرت مع السائق، فهو يعي نتائج ما فعله بدليل أنه يضع كمامة فوق انفه، ومع ذلك يعتبر هذا السائق أن الأمر عاديquot;. وتتوقع السيدة منال أن أمراضاً عديدة ستصيب المواطنين الفلسطينيين، خاصة الأطفال والمرضى منهم، في المستقبل القريب نتيجة إستنشاقهم تلك الغازات الضارة.
الغريب أن الشرطة التابعة لحركة حماس التي تسيطر حالياً على قطاع غزة تضع الكمامات خلال عملهم في تنظيم حركة السيارات ي الشوارع المختلفة، دون أن تتخذ الإجراءات والتدابير لمنع كارثة بيئية وصحية قد تطال مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون في قطاع غزة.
ويتذمر المواطنون الفلسطينيون، خاصة المرضى منهم الذين لا يمتلكون أي وسيلة للتعبير عن غضبهم، سوى وضع الكمامة أو الأصابع للوقاية المؤقتة فقط. ويناشد عدداً منهم حكومة حماس، كونها تسيطر على غزة، للقيام بدورها الحقيقي تجاه حياة المواطنين والتوزيع العادل في كميات الوقود والغاز للحد أو وقف استخدام البدائل بطريقة خاطئة والتي أدت إلى إصابة العديد من المواطنين بالأمراض، وتوزيع كميات السولار والبنزين التي تدخل قطاع غزة بشكل عادل، بدل من توزيعها على عناصر حماس فقط.
التعليقات