روما: أبرزت أعمال المؤتمر رفيع المستوى المعني بالأمن الغذائي العالمي حول تحديات المناخ والطاقة الحيوية المنعقد بمقر الفاو في روما اليوم خطورة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء وتداعياتها على الاستقرار والسلم الاجتماعي ومستقبل التنمية والحاجة الى استراتيجية فاعلة لمواجهتها ومنع تكرارها.

وفي كلمته التي استهل بها مداخلات الدول المشاركة في القمة باعتباره أقدم رؤساء الدول المشاركين لفت الرئيس المصري حسني مبارك الى ان الأزمة الراهنة تطرح اشكاليات عدة تتشابك أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بما لها من انعكسات خطيرة على معدلات النمو الاقتصادي ومستويات المعيشة في الدول المتقدمة والنامية على السواء.

وقال مبارك ان قضية الأمن الغذائي هي اخطر حلقات أزمة ارتفاع الأسعار والأكثر تأثيرا في جهود الدول النامية لبلوغ أهداف الألفية في محاربة الفقر والجوع في ظل الارتفاعات المضطردة في أسعار السلع الغذائية وتراجع المخزون العالمي لأدنى مستوياته منذ السبعينات. وفي هذا السياق جدد الدعوة الى حوار دولي عاجل لوضع استراتيجية دولية لمواجهة الأزمة الراهنة وطرح حلول يتفق عليها الجميع على أساس المصالح المشتركة وينبه لمخاطر المضاربات ويعزز التنمية الزراعية ويتصدى للتحديات المناخية.

وشدد على ضرورة مراجعة تقدير كلفة الوقود الحيوي بأبعادها الاجتماعية والبيئية يعيد النظر في الدعم لمنتجي الايثانول والديزيل الحيوي ويخضعه لقواعد التجارة العالمية. وفي المقابل دافع الرئيس البرازيلي انياتسو لولا دا سيلفا الذي اعتبر وجود أكثر من 850 مليونا من الجياع في العالم quot;عارا على المجتمع الدوليquot; بقوة عن اعتماد بلاده للوقود الحيوي واعتبر الموقف الذي يلقى عليه بمسؤولية الأزمة الغذائية الحالية quot;موقفا ضبابياquot; يروج له من أسماهم أصحاب النفوذ.

وألقى دا سيلفا بالمسؤولية على المضاربات التجارية والتجارة غير العادلة والسياسات الغربية التي تدعم المزارعين في بلادهم والتي قال ان فيها تكمن الأسباب الحقيقية للأزمة معربا عن أمله في تحرك حقيقي بعد ان لاحظ متأسفا أن quot;الاجتماعات الدولية تسفر عادة عن اعلان للنوايا الحسنة لتعود بعدها كل دولة الى ممارساتها المعتادةquot;.

وفي كلمته حذر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من ان الأزمة الغذائية الراهنة تعد تهديدا للسلم العالمي منوها الى أن المنطقة العربية أكثر عرضة أمام هذه الأزمة الجاثمة داعيا الى تخصيص قسم خاص من أعمال المؤتمر حول علاقة الجوع بالسلام. أما رئيس الجمهورية الفرنسي فرانسوا ساركوزي أول من رحب بالدعوة الى هذا المؤتمر فقد دعا وسط تأييد واسع الى انشاء مجموعة دولية من العلماء من كل أطراف العالم ومن جميع التخصصات العلمية للتصدي لقضية الأمن الغذائي بهدف وضع تشخيص موضوعي للوضع الغذائي في العالم وتحليل تطوره على مستوى كل منتج وكل منطقة جغرافية للتحذير من مخاطر الأزمات المحتملة.

وأعلن ساركوزي عن قيام فرنسا بتخصيص مساعدات بمقدار مليار يورو اضافية تقدم على أساس ثنائي على مدى السنوات الخمس المقبلة بهدف دعم التنمية الزراعية في أفريقيا. من جانبه اقترح رئيس الوزراء الأسباني لويس رودريغويز ثاباتيرو العودة الى الاجتماع في الخريف المقبل لصياغة quot;ورقة للأمن الغذائي أملا الا تقتصر جهود القمة على أيام انعقاده الثلاث بل تستمر في التزود بأدوات عملية فعليةquot;.

من جانبه اقترح الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد تشكيل مؤسسة مستقلة خارج الأمم المتحدة قادرة على تنظيم سوق المواد الغذائية بشكل عادل وتخصيص حصة سنوية من الميزانيات العسكرية لتحسين انتاج الغذاء ودعم الفقراء وأن تتحمل الدول الغنية والمتقدمة مزيدا من المسؤولية وتوجيه نظام التعريفة والدعم الغذائي نحو الانتاج والتوزيع العادل.

وتشارك الكويت في أعمال المؤتمر بوفد رسمي رفيع المستوى يترأسه رئيس مجلس الادارة للهية العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية المهندس جاسم البدر وسفير الكويت بايطاليا وليد الخبيزي ونائبة رئيس الهيئة للشؤون المالية هنادي غلوم وكل من حمد الدرباسي وجلال اللنقاوي من الهيئة ووليد البحر من الصندوق الكويتي والممثلة الدائمة للكويت لدى الفاو الدكتورة لمياء السقاف ومنار الصباح والسكرتير الأول بسفارة الكويت ناصر الغانم.

ومن المقرر أن يلقي المهندس جاسم البدر غدا كلمة الكويت أمام المؤتمر العالمي ينتظر أن يشدد فيها على دور الكويت المشهود والتقليدي في دعم الأمن الغذائي العالمي والتزامها بأهداف الألفية التنموية ودعمها لدور الفاو الرئيسي نحو هذه الأهداف التي كانت الكويت في مقدمة الدول التي أوفت بالتزاماتها الى جانب تبنيها للمبادرات العملية الملموسة على صعيد المساعدات التنموية والانسانية.