جهود العراق للاندماج مع محيطه العربي تتعرض لضربة
العاهل الأردني يؤجل زيارته لبغداد المقررة غدا لأسباب تخصه
أسامة مهدي من لندن :
اعلن في بغداد فجأة اليوم عن تأجيل زيارة للعاهل الاردني الملك عبد الله كانت مقررة غدا الأربعاء الى إشعار آخر من دون تحديد موعد جديد لها لأسباب quot;تتعلق بارتباطات تخصهquot; بعدما كانت مصادر عراقية قد وصفتها بأنها ستكون الاولى لزعيم عربي منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 حيث جاء التأجيل رغم احترازات أمنية مشددة بدأت باتخاذها السلطات العراقية في العاصمة استعدادا للزيارة التي شكل إلغاؤها ضربة لمساعي الحكومة العراقية بدمج العراق مع محيطه العربي .
وجاء التأجيل بعد ساعات من إبلاغ مصدر عراقي رسمي quot;إيلافquot; صباحا أن الملك الاردني سيبدأ غدا الاربعاء زيارة الى بغداد تستغرق يومين لإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس جلال طالباني ونائبيه تشمل قضايا ثنائية سياسية وأمنية واقتصادية واوضاع العراقيين المهاجرين الى الاردن اضافة الى التطورات في المنطقة . واشارت الى ان الزيارة تأتي بعد الاتفاق الذيأبرمه المالكي مع الأردن الشهر الماضي على تمديد الاتفاق النفطي بين البلدين لمدة ثلاث سنوات والبدء بالتنفيذ فورا لتزويد الأردن بالنفط الخام بأسعار تفضيلية . وكان العراق يزود الاردن بكميات من النفط بأسعار تفضيلية واخرى مجانية في عهد الرئيس السابق صدام حسين .
وكان رئيس ديوان رئاسة الجمهورية العراقية نصير العاني قد اكد ايضا في وقت سابق اليوم ان العاهل الاردني سيبدأ غدا زيارة رسمية للعراق .
لكنه فجأة اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ بعد ظهر اليوم quot;إن زيارة العاهل الأردني إلى البلاد المقررة غدا تأجلت إلى اشعار آخر لأسباب خاصة تتعلق بالعاهل الأردنيquot;. وأضاف أن الزيارة قد تأجلت بسبب ارتباط الملك بأمور تخصه على ان يتم تحديد موعد للزيارة قريبا كما نقلت عنه وكالة اصوات العراق. وأوضح أن quot;الحكومة العراقية ترحب بتحديد أي موعد يقرره الملك عبد الله الثاني لزيارة بلده الثاني العراق .

وكان منتظرا ان يفتتح العاهل الاردني خلال الزيارة سفارة بلاده في بغداد ويصطحب معه السفير الجديد نايف فنطول الزيدان الذي كان يعمل قنصلا عاما في الامارات بعد ان ادى اليمين امامه الاسبوع الماضي . وتعرضت السفارة الاردنية في بغداد في اب (اغسطس) عام 2003 الى تفجير تبناه تنظيم القاعدة ادى الى مقتل 14 شخصا ما دفع الحكومة الاردنية الى سحب تمثيلها الدبلوماسي من العراق .

وقد رتب للزيارة الاسبوع الماضي وفد رمسي من الخارجية الاردنية برئاسة السفير عمر العمد المفتش العام في وزارة الخارجية الاردنية وعبد الكريم ابو الهيجاء مدير ادارة الشؤون الادارية فيها وعدد آخر من مسؤوليها حيث اجرى مباحثات مع مسؤولين في وزارة الخارجية العراقية يترأسهم وكيلها لبيد عباوي الذي اشار الى ان فتح السفارة الاردنية في بغداد يأتي في وقت مناسب ومهم جداً وسوف يساهم السفير الجديد في دفع مستوى العلاقات وتطويرها .
واوضح الدباغ أن دولا عربية عدة تستعد لتسمية سفرائها في العراق ومنها الإمارات والاردن والكويت والبحرين فيما ستسمي مصر اركان سفارتها ايضا قريبا الامر الذي سيشجع دولا اخرى على إرسال سفراء الى بغداد. ومارست واشنطن ضغوطا على حلفائها العرب لتطبيع العلاقات مع العراق بهدف تعزيز حكومته وإحلال توازن ازاء نفوذ ايران التي تتهمها واشنطن بالتدخل في العراق.

ومنذ ظهر امس والسلطات العراقية تستعد امنيا لزيارة الملك الأردني الملغاة حيث بدت شوارع العاصمة حول محيط مطار بغداد بشكل خاص على غير ما هي عليه وخلت من السيارات تماما وانتشرت فيها نقاط لقوات الشرطة والجيش بشكل غير اعتيادي فيما تم اغلاق جميع الشوارع المؤدية من المطار الى المنطقة الخضراء مركز الحكومة العراقية وسط العاصمة (25 كيلومترا) كما شوهدت طائرات الهيلكوبتر تحلق فوقها بينما تم منع مرور السيارت فيها مما اضطر المواطنين الى السير مسافات طويلة من اجل الوصول الى منازلهم بعد الانتهاء من اعمالهم .

ويستقر العدد الأكبر من المستثمرين العراقيين الذين غادروا بلادهم منذ فرض العقوبات عليه مطلع التسعينات في الأردن حيث يحتلون الآن المركز الأول عربيا والرابع عالميا في عمليات الاستثمار هناك بحسب الأرقام التي أعلنتها الهيئة الاستثمارية الأردنية.

ويفضل معظم رجال الأعمال الاستثمار في قطاعي الصناعة والسكن حيث يبيح القانون الأردني للمستثمر الأجنبي أن يكون صاحب الرأسمال بنسبة 100 في المائة في أي مشروع صناعي ولكنه يحتم عليه اتخاذ شريك أردني في المشاريع العقارية والتجارية والصناعة الغذائية . وعلى الرغم من انخفاض فرص الربح الناتج من استثمار رجال الأعمال العراقيين لأموالهم في الاردن بسبب قلة عدد السكان وصغر حجم البلد الا أن الكثير من المستثمرين يفضلون توظيف أموالهم فيه بشكل عام بسبب استقرار الأوضاع هناك.

ووفق الأرقام التي أعلنتها دائرة مراقبة الشركات الاستثمارية في وزارة الصناعة والتجارة الأردنية مؤخرا فقد بلغت قيمة الاستثمارات العراقية هناك العام الماضي2007 وحده أكثر من 100 مليون دولار موزعة على 720 مستثمرا. ويشكل الاردن بالنسبة إلى العالم حاليا البوابة الرئيسة للدخول إلى العراق والمشاركة في عملية إعادة إعماره وتدريب الملاكات العراقية في مختلف الميادين وعقد العديد من المؤتمرات الدولية المتعلقة بالعراق .

ويشير اقتصاديون عراقيون الى أن العلاقات العراقية الأردنية التجارية في طريقها إلى قمة فاعليتها خصوصا بعد توجه الاستثمارات الأردنية إلى العراق عبر بنوك وشركات خدمية واستمرار تصدير المنتجات المحلية إلى السوق العراقية
ومؤخرا بدأت عائلات عراقية تقيم في الأردن بالعودة إلى بلادها حيث إن حالات العودة زادت مع انتهاء الموسم الدراسي في الأردن وبدء العطلة الصيفية الشهر الماضي .

وباشرت الكثير من العائلات العراقية بمراجعة السفارة العراقية في عمان للحصول على تسهيلات بشأن العودة لكنه لم تتوفر بعد إحصائية بعدد العراقيين الذين غادروا . وتعود اسباب هذه العودة الى التحسن الكبير الذي طرأ على الوضع الأمني في كثير من مناطق العراق إضافة إلى الإعفاء من الغرامات التي منحتها الحكومة الأردنية للعراقيين الراغبين في العودة إلى العراق.

ووفق تقديرات الحكومة الأردنية يقيم في الأردن حوالى 750 ألف عراقي إلا أن مسحا إحصائيا أجراه معهد فافو النروجي وأعلنت نتائجه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أظهر أن عدد العراقيين في الأردن يبلغ نحو 500 ألف شخص يقيم معظمهم في العاصمة عمان.

وكانت وزارة الداخلية الأردنية قد أصدرت تعليمات في شباط (فبراير) الماضي أعفت بموجبها العراقيين الراغبين في مغادرة المملكة من غرامات الإقامة مع إعفاء الراغبين منهم في البقاء وتصويب أوضاعهم بنسبة %50. وأعلن المالكي مؤخرا أن حكومته خصصت حوالى 200 مليون دولار لإنفاقها على استيعاب العائلات التي تعود إلى العراق.

وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة عدد النازحين العراقيين في الداخل والخارج بأكثر من أربعة ملايين شخص بدأت أعداد كبيرة منهم بالعودة إلى العراق منذ تطبيق خطة فرض القانون مطلع العام 2007. ووفق المفوضية فإن الأردن وسوريا تأتي في مقدمة الدول التي تستضيف العراقيين الذين فروا من بلادهم نتيجة تردي الأوضاع الأمنية.