الزيارة الأولى من نوعها حملت رسائل في أكثر من اتجاه
ماذا فعل سعد الحريري في بغداد ؟
إيلي الحاج من بيروت : اكتفى مقربون من رئيس كتلة quot; المستقبل quot; النائب سعد الحريري بالقول لquot; إيلاف quot; في وصف زيارته لبغداد ، الأولى من نوعها لشخصية لبنانية بهذا المستوى للعراق منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، بأنها زيارة quot; ذات أهداف سياسية quot;. وسخروا من تفسيرات لبعض الأطراف في بيروت ربطتها بالأعمال ، قائلين إن أعمال الحريري يتولاها مديرون في شركته .
وتمثل زيارة الزعيم الأبرز لقوى الغالبية اللبنانية منعطفا في العلاقات الثنائية بين البلدين ، خصوصا أنها شهدت اسوأ حالاتها أيام نظام صدام بسبب تورط مخابراته باغتيال المعارض العراقي طالب السهيل الذي كان مقيماً في بيروت عام 1994.
وكان الحريري التقى برفقة مساعديه النائب غازي يوسف ونادر الحريري وهاني حمود كبار المسؤولين العراقيين يتقدمهم الرئيس جلال طالباني ورئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني . وبرز في زيارته التي أثارت الجدل في لبنان لقاؤه والمرجع الشيعي السيد علي السيستاني ، وكذلك زيارته للمقامات الشيعية في النجف ، ولا سيما ضريح الإمام علي .
وقال quot;حريريونquot; في بيروت إن الرجل أراد على الأرجح بزيارته النجف quot;إيصال رسالة واضحة الى أبناء الطائفة الشيعية عموما واللبنانيين منهم خصوصا، فحواها أن الصلة الطبيعية بين المسلمين العرب تكون بالعودة الى المرجعيات العربية وفي مقدمها بطبيعة الحال مرجعية النجف. ففي النجف لا وجود لquot;ولاية الفقيهquot; التي يؤمن بها quot;حزب اللهquot; وتعتبر وليدة قم الإيرانية .والشيعة العراقيون الذين يتخذون النجف مرجعية حيث يقيم السيّد السيستاني يؤيدون العلاقات الطبيعية مع الجار الإيراني ، لكنهم يناهضون بشدّة ، التبعية والإستلحاق .والى هؤلاء الشيعة ذهب سعد الحريري للتحية والدعم، لعلّهم يكونون الوهج الذي يشع على لبنان ، لأن هناك من يأخذ الشيعة من عروبيتهم الى قم الإيرانيةquot; .
ولوحظ تركيز الحريري في كلامه للمسؤولين العراقيين - وحدة السُنة والشيعة العرب دفاعا عن العروبة، وأن العراق ولبنان حالة واحدة ولهما عمق عربي ولا يمكن أي جهة خارجية النيل منهما أو حرف اتجاههما ، كما ركز على ما تعرض له العراق ولبنان من استهدافات وهجمات متشابهة للانقضاض على تجربيتهما في الديموقراطية بوسائل مختلفة، منها quot;الإرهابquot; و quot;تعطيل المؤسساتquot; و quot;نشر السلاحquot; للوصول الى quot;الفلتان الأمنيquot; وصولاً إلى القضاء على مشروع والاعمار وفرص العمل والحياة الكريمة للمواطنين، وذلكquot; من أجل سلب الارادة الوطنية في كل من بلدينا، ارادة الانتماء الى العروبة الحديثة المنفتحة، وتجييرها لمصالح خارجية قريبة أو بعيدة، وتحويل أوطاننا من ورشات اعمار وبناء الى ساحات صراع وتصفية حساباتquot;.
وأضاف الحريري ان كلا من البلدين يتعرض الى quot;هجمةquot; تهدف الى خلق quot;الفتنة المذهبيةquot; ل quot;تسميمquot; العلاقات بين الشيعة والسُنة. وقال: quot;علينا ان نعمل سوية، كلا على حدة، بكل ما أوتينا من قوة ومنعة وصلابة على قطع الطريقين: طريق الفتنة السنية -الشيعية، وطريق التطرف والغرائز العمياءquot;.
كذلك لفت إعلان مستشار للرئيس المالكي ان الحريري سيضطلع بدور رئيسي في العلاقات بين العراق والمملكة العربية السعودية، علاقات ذات دور مهم في العلاقات العربية العربية والاسلامية. وأدرج مسؤولون عراقيون هذه الزيارة في اطار الانفراج العربي في اتجاه العراق والقرار المتخذ بإعادة فتح السفارات وارسال سفراء وبعثات ديبلوماسية إليه، والبدء بمشاريع استثمارية واسعة بعد غياب وانكفاء لسنوات.
أما صحيفة quot;البيانquot; العراقية المستقلة والتي يرأسها المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء ياسين مجيد فذهبت في التوضيح إلى أبعد ، إذ نقلت عن مصدر لم تذكر اسمه، انه quot;لا يستبعد قيام الحريري بدور الوسيط بين العراق والمملكة العربية السعودية لإخراج العلاقات بين بغداد والرياض من مرحلة فتور تمر بها حالياquot;.
كذلك في بيروت وضع متابعون في بيروت زيارة الحريري لبغداد في إطار رغبة الدول العربية في الانفتاح على العراق من خلال زيارات ستجري في المرحلة المقبلة، وأشاروا إلى زيارة مرتقبة لملك الأردن عبد الله الثاني لبغداد خلال الأسابيع المقبلة، معطوفة على تحركات عربية في سبيل إعادة فهم الوضع العراقي، وفتح مسارات جديدة للعلاقات مع بغداد، وقالوا إن دولاً عربية أبدت استعدادها لمد جسور الإتصال بالعراق بعد استتباب الأوضاع إلى حد بعيد في أجزاء واسعة من مناطقه ، في حين لا يزال بعض التردد في الإنفتاح يساور عدداً آخر من الدول العربية.
إلا أن كل ذلك لا ينفي الطابع الخاص الذي أسبغه المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ على زيارة الحريري، إذ قال انها لا تشكل رسالة ولا تحمل رسالة إلى أي أحد، ويجب ألا تفهم خارج سياقها الطبيعي . فالحريري تربطه بالعراق علاقة نسب باعتبار ان والدته عراقية، ولعائلته في العراق استثمارات وأنشطة تجارية.
ونفى القريبون من رئيس كتلة quot;المستقبلquot; في بيروت أن تكون للزيارة علاقة بالأعمال من قريب أو بعيد، وقالوا ل quot;إيلافquot; إن الأعمال يتولاها المديرون في شركته.
وكانت شركة الحريري قد قدمت عرضا واختيرت مع خمس شركات أخرى عربية وأجنبية لبناء 64 ألف وحدة سكنية في أراضي معسكر الرشيد جنوب شرق بغداد بكلفة 3 بلايين دولار. والشركات هي إلى جانب شركة سعد الحريري : داماك القابضة الإماراتية، ومجموعة الحنظل الكويتية، والنور اللبنانية، وشركة سعودية، وأخرى كندية.
ويحتاج لبنان في شكل ملح إلى فيول بأسعار محسومة لتشغيل معامل توليد الكهرباء، ويحتمل أن يكون الحريري طلب من السلطات العراقية أن تعامل لبنان كما تعامل الأردن في هذا المجال. وفي مجال آخر، هناك لبنانيون كثر يعملون في العراق وعراقيون كثر يرغبون في الإصطياف والسياحة في لبنان مما يستوجب إقرار تسهيلات لتنقل مواطني البلدين اللذين يمكنهما جني فوائد مشتركة من إعادة الحرارة إلى العلاقة بينهما.
يذكر أن علاقة وطيدة كانت تجمع بين رئيس الحكومة اللبنانية الراحل رفيق الحريري ورئيس الحكومة العراقية السابقة أياد علاوي، وقد اتفقا أثناء تولي الحريري رئاسة الحكومة على مشاريع مشتركة تتعلق بمد لبنان بالنفط واستعمال أحد مرافىء لبنان لنقل البضائع ترانزيت إلى العراق ، لكن الحكومة التي تلت حكومة الحريري لم تتابع هذه المشاريع واغتيل الرجل ولم يعد علاوي رئيسا للحكومة وتدهورت الأوضاع في العراق ولبنان على السواء، فطويت بينهما المخططات والمشاريع على أنواعها.
التعليقات