طلال سلامة من روما: اصفرت وجوه السياسيين في روما بعد تسجيل ثلاثة حوادث بفرنسا متعلقة بالنووي في أقل من أسبوعين. وتعلقت هذه الحوادث بتسرب ماء ملوثة من مركبات نووية مشعة. ورغم ذلك يحاول وزراء ائتلاف الوسط اليميني بإيطاليا التخفيف من الوطأة الإعلامية لهذه الحوادث.

وفي أوروبا، حيث أضحت الآلية الإعلامية وسيلة ذكية لإشعال نفوس السياسيين تارة وإخمادها طوراً، لم يتأخر رئيس الوزراء الإيطالي عن تسخير محطاته التلفزيونية تمهيداً لانتزاع النصر بشأن قضاياه وخفاياه مع القضاة. وينتظر الجميع الان في روما بما فيهم المحللين والخبراء الطاقويين، من برلسكوني رداً مناسباً لحل مشاكل التجهيزات الطاقوية لإيطاليا حتى لو اقتضى الأمر الإقرار بقوانين جديدة طارئة. لا بل على برلسكوني مواجهة النقص في قطاعين معاً، هما القطاع الطاقوي وكذلك الغذائي.

إذ تدور الشائعات بروما حول تعرض التجهيزات الغذائية لنقص خطير في الشهور الثمانية القادمة. وبهذا تحول كابوس برلسكوني القضائي الى نوع آخر من الكوابيس التي يلعب فيها الشعب الإيطالي بكامله دور القاضي. فهل سينجح برلسكوني في تجاوز هذا الامتحان الصعب للغاية حتى لو تطلب الأمر منه اتفاقيات خفية مع المنظمات المافياوية؟

لا شك في أن برلسكوني سيلجأ الى نفوذه المالي والإعلامي لترويج تبني محطات توليد الطاقة النووية مع الأخذ بالاعتبار رفع درجة الأمن في المحطات النووية من الجيل الجديد التي تعتبر أكثر فاعلية. ونجد اليوم حول العالم 340 محطة نووية تتمتع بنظام إنتاج طاقوي هو الأقل خطورة بين جميع الأنظمة المعمول بها. ويبدو أن سياسة برلسكوني الطاقوية تراهن بشدة على النووي وأفضل برهان على ذلك هو استعداد برلسكوني شخصياً لجمع أموال إيطالية المصدر من أجل بناء هذه المحطات بإيطاليا وباقي أوروبا.

ان اعتناق النووي في روما سيشهد أزمة حادة بين الائتلافين اليميني واليساري. فمسؤولي الحزب الديموقراطي اليساري لا يؤمنون بأن المحطات النووية، من الجيل الجديد، ستجهز ايطاليا بمصدر طاقة آمن ونظيف وغير محدود بأكلاف متدنية. من جهة أخرى، تعتبر شؤون الطاقة ذات خلفية سياسية تنظر حكومة روما الى إيجاد حل لها قبل أي قضية اقتصادية. فإيطاليا أكثر البلدان الأوروبية ضعفاً بها، وفي ضوء ارتفاع وتقلبات أسعار النفط لا يمكن لحكومة برلسكوني أن تبقى مكتوفة الأيدي.