خلف خلف- إيلاف: كثيرة هي العادات الرمضانية، التي يمارسها الفلسطينيون، والتي تناقلتها وتوارثتها الأجيال على مدار عقود مضت، ورغم تسارع رحى عجل التكنولوجيا وبروز أنماط حياتية جديدة، إلا أن هذه المظاهر وأمت نفسها مع روح العصر، ولم تفقد أصالتها وسماتها، ولم تسمح لتقلبات الزمان من النيل منها، بينما خبت بعض الطقوس بالقوة، نتيجة الاحتلال، بالإضافة إلى الانقسام الداخلي الذي لحق بالشعب الفلسطيني بفعل الاقتتال بين حركتي فتح وحماس، وانفصال الضفة عن قطاع غزة، وما تلاه من حصار أرهق المواطنين، وجعلهم يعيشون فقرا مدقعًا، كما صادف حلول رمضان لهذا العام، مع بداية العام الدراسي في فلسطين، مما أثقل كاهل الأسر، وجلها غير قادرة على تدبير مستلزماتها.الإثنين أول أيام رمضان في الدول العربية وفي ليبيا الأحد
عادات رمضانية..
لا يمكن حصار وتتبع العادات الرمضانية في فلسطين، فهي كثيرة، وتتنوع بحسب المناطق، فلجنوب الضفة الغربية مثلا طقوس ومظاهر تختلف في بعض تفاصيلها عن أهل الشمال. فمثلا في مدينة نابلس شمال الضفة، يقوم quot;كبير العائلةquot; بزيارة أرحامه، وتقديم الهدايا لهم، وهو عادة ما يحصل بعد الإفطار، كما تكثر الولائم والافطارات الجماعية للأقارب.
يقول المواطن جميل عبد الهادي، (50 عاما): quot;رمضان هو شهر الود والرحمة، ففيه يزداد التكافل الاجتماعي، وتتوطد أواصر العلاقات بين الأقارب، حينما يجتمعون على مائدة واحدة، كما أن اجتماع الأسرة الواحدة حول المائدة يعطي جوا نفسيا رائعا، ويعزز التماسك والتفاهم داخل البيت الواحدquot;.
المائدة الفلسطينية
تشتهر في رمضان الأكلات الشعبية التي يعتز الفلسطيني بها، ولكل منطقة جغرافية أكلاتها المشهور والمفضلة، ففي قطاع غزة، تشتهر مثلاquot; quot;السماقية، القدرة، حلق أصبع، الفتوش، الفتة، العدسquot;، بينما في الضفة الغربية يتربع على عرش المائدة، أكلات مثل quot;المسخن والمنسفquot;.
كما ينتعش صنع الحلويات في رمضان، ومن أبرزها quot;القطايفquot;، والذي يرتبط وجوده أساسا بهذا الشهر، فيكثر في الأسواق، وتنهمك النساء في تجهيزه، وحشوه باللوز أو الجوز، أو حتى الجبن، والمهلبية.
ولا يكاد أيضا إفطار في بيت فلسطيني يخلو خلال شهر رمضان، من أحد المشروبات الآتية: quot;لتمر الهندي، قمر الدين، السوس، الخروبquot;. ويصف المواطن سليم أبو جابر هذه المشروبات بالرائعة، كونها تحتوي على الكثير من الفوائد لجسم الصائم، الذي يحتاج في العادة للسوائل لتعويض انقطاعه عنها خلال فترة الصوم.
غياب المسحراتي والمدفع
لقد فقد شهر رمضان في فلسطين الكثير من العادات الرمضانية التي كانت سائدة في الماضي ولا زالت متواجدة في عدد من البلدان العربية، وهو ما يجعل العديد من سكان المدن الفلسطينية في الضفة الغربية يتشوقون لسماع صوت quot;المسحراتيquot; الذي غاب عن المدينة بفعل عمليات التوغل الإسرائيلية شبه اليومية في هذه المدن، الأمر الذي منع quot;المسحراتيquot; من الخروج لإيقاظ المواطنين خوفا على حياته.
ويعتبر المواطنون في مدينة نابلس، أن أهمية مهنة quot;المسحراتيquot; لا تكمن في دوره بإيقاظ الناس، وإنما باتت كالعادة تضيف جمالية لشهر رمضان. ويقول المواطن عماد أيوب من مدينة نابلس: quot;إن الجميع لديه القدرة على الاستيقاظ وقت السحور، فهناك قراءة القرآن عبر مكبرات الصوت في المساجد، وهناك من يقومون بوضع أجراس تنبيهquot;.
وأضاف:quot; لكن عندما يقوم المسحراتي بتلك المهمة فأننا نشعر أن لشهر رمضان رونقا خاصا، لكن للأسف قضى الاحتلال على هذه العادة الرمضانية الجميلة وحرمنا من تلك العبارات التي يصدح بها صوت المسحراتي قبل بزوغ الفجرquot;.
ويعبر الفلسطينيون أيضا عن شوقهم لصوت مدفع رمضان الذي غاب عنهم بقرار إسرائيلي رسمي، حيث منعت القوات الإسرائيلية الفلسطينيين من الحصول على المادة المتفجرة المستخدمة في إطلاق المدفع، وهو ما جعلهم يعتمدن على صوت الآذان في مكبرات صوت المساجد لإشعارهم بموعد الإفطار.
بالإضافة إلى أن الاجتياحات والتوغلات الليلة المتكررة للعديد من المدن الفلسطينية، حدت من عادات رمضانية كثيرة، فاختفت الكثير من السهرات الرمضانية التي كانت تشهدها المدن الفلسطينية.
التعليقات