نبيل شرف الدين من القاهرة: جاءت القمة المصرية ـ الأردنية التي عقدت اليوم في القاهرة بين الرئيس المصري حسني مبارك، والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لتكتسب أهمية خاصة في توقيتها وأهدافها، خاصة وأنها تناقش المستجدات على الساحة الفلسطينية والسعي لبلورة موقف عربي موحد حيال التحديات التي باتت تواجه هذه القضية، في ظل الانقسام الحاد والاستقطاب بين أكبر فصيلين على الساحة الفلسطينية، بالإضافة لما يجري في إسرائيل من تطورات سياسية ستنعكس بالضرورة على الوضع في الأراضي الفلسطينية سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة، ومستقبل عملية التسوية السلمية .

وبحث الزعيمان خلال قمتهما آخر تطورات عملية السلام خاصة في ظل المتغيرات التي تجري على الساحة الإسرائيلية وفوز وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني برئاسة حزب quot;كاديماquot;، وسعيها لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة .

وقال مصدر دبلوماسي إن الزيارة ستبحث quot;التطورات في المنطقة ويتصدر الملف الفلسطيني محادثات القمة، خاصة الزيارة المقبلة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لواشنطن والتغييرات السياسية الاسرائيليةquot; .

وتناولت المباحثات العلاقات الثنائية في ضوء اجتماعات اللجنة المصرية ـ الأردنية التي تسعى لدعم العلاقات الثنائية في شتى المجالات ويتمثل دور اللجنة المصرية ـ الأردنية المشتركة في وضع الحلول العملية لجميع العقبات والمشكلات التي تواجهها في ظل برامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي التي بدأها البلدان وفي ظل نتائج ارتباط البلدين باتفاقيات مشاركة مع الاتحاد الاوربي وانضمامها لمنظمة التجارة العالمية .

الملف الفلسطيني

ويصف محللون التنسيق المصري الأردني بأنه ينطلق من كونهما عامل ارتكاز أساسياً في دفع عملية التسوية بين الفلسطينين وإسرائيل وتصويب مسارها بعد الهزات الكبرى التي تعرضت لها نتيجة السياسات الإسرائيلية وتوظيف التطورات التي شهدتها المنطقة اخيرا للانتقال لمستوى متطور يضمن تنفيذ الاتفاقيات الدولية، تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة .

والتقت وجهات نظر الزعيمين حول ضرورة مواصلة الجهود المصرية والأردنية والعربية مع جميع الاطراف الدولية والاقليمية ذات الصلة بما في ذلك إسرائيل ، والولايات المتحدة باعتبارها الداعية والراعية لاجتماع انابوليس الذي عقد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ووضع حد لممارسات إسرائيل كقوة إحتلال في الضفة الغربية وقطاع غزة .

ووفقاً لمصدر دبلوماسي أردني فإن عمّان تؤيد دور القاهرة ومساعيها من أجل لمّ الشمل الفلسطيني، لأن استمرار الانقسام يشكل إضعافا للقضية وللمشروع الوطني التحرري واستمرارا في تمكين إسرائيل من استغلال هذه القضية لصالح حلولها لتصفية القضية الفلسطينيةquot;، على حد تعبيره .

المسألة العراقية

كما ناقشت القمة أيضاً الأوضاع في العراق التي بدأت تأخذ منحنى جديداً باتجاه الانفتاح على المصالحة والتواجد العربي في شكل عدة زيارات لمسئولين عرب وافتتاح السفارات العربية .

وتعد زيارة العاهل الأردني للعراق في الشهر الماضي هي الأولى من نوعها لمسؤول عربي كبير لارض العراق منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في عام 2003 واتسمت المباحثات للعاهل الأردني بالايجابية والصراحة حول ما يهم الشأن العراقي ويؤدي إلى استقرار العراق .

وما زالت مصر في طليعة الدول التي تسعى إلى التعاون والتنسيق على كافة المستويات وفي مختلف المجالات من أجل بناء عراق قادر على الإسهام في امن واستقرار المنطقة بعد ما تحقق من مبادرة العهد الدولي في العراق التي انطلقت من مصر في مايو 2007 بل وقدمت مصر من خلال الدورات التدريبية المصممة خصيصا للكوادر العراقية الخبرات الفنية والاستشارات للمؤسسات الفضائية المنوط بها حفظ القانون وتدريب القضاة ورجال الشرطة، فضلا عن تدريب كودار دبلوماسية وأخرى في الحقل الزراعي وساهمت في جذب الاستثمارات للعراق ولم تدخر وسعا للمساهمة في إعادة اعمار قطاعات حيوية بالعراق كأعادة بناء الشبكات الكهربائية والطرقات والبنية الاساسية بشكل عام، فضلا عن المساهمة في مجالات تنمية واستخلاص ثروات العراق بما يحقق استفادة شعبه منها .

العلاقات الثنائية

ويأمل المحللون من مضاعفة حجم التبادل التجاري بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين خاصة مع ما تتمتع به السلع المتبادلة بين البلدين من اعفاء جمركي في ظل اتفاقية التبادل التجاري الحر الموقعة والتي وصلت إلى منطقة التجارة الحرة الكاملة بين البلدين.

وأشارت احصاءات جهاز التمثيل التجاري إلى أن الصادرات المصرية حققت زيادة كبيرة للاردن خلال عام 2007، حيث بلغت 302 مليون دولار مقارنة بنفس الفترة من عام 2006 التي بلغت 249 مليون دولار، وارتفع الميزان التجاري بين البلدين إلى 236 مليون دولار خلال عام 2007 مقارنة بنفس الفترة من عام 2006 التي بلغت فيه 164 مليون دولار.

أما في إطار الاستثمارات بين مصر والأردن فقد ارتفع حجم الاستثمارات الأردنية في مصر ليصل إلي675 مليون جنيه عام 2005 وتمثل مساهمات 288 شركة استثمار داخلي و5ر28 مليون دولار مساهمات في 13 شركة في المناطق الحرة بينما تبلغ قيمة الاستثمارات المصرية في الأردن 121 مليون دولار في قطاعات الفنادق والمنتجعات السياحية والزراعية والصناعية وبالنسبة للاستثمارات المصرية في الأردن فقد تمثلت في عدة قطاعات في مجال الاتصالات .. حيث تمتلك شركة اوراسكوم تليكوم المصرية نحو 7و63% من مجموع أسهم
شركة فاست لينك وتقدر قيمة هذه الحصة بحوإلى 177 مليون دولار، كما شكلت المجموعة المالية هيرميس المصرية صندوقا للاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات بالأردن، واستثمرت نحو 15 مليون دولار في شراء شركتين اردنيتين عاملتين في هذا المجال .

ويعتبر مشروع خط الغاز العربي لبنة جديدة في صرح العلاقات المصرية ـ الأردنية التي حققت نجاحا غير مسبوق في السنوات الاخيرة وفي كافة المجالات بحيث أصبحت مثالاً يحتذى به عربيا ودوليا وبمقتضى هذا المشروع ينتقل الغاز المصري إلي الأردن أولا وفي مرحلة لاحقة إلى سوريا ولبنان وقبرص وتركيا.