كامل الشيرازي من الجزائر: عاد هاجس ارتفاع الأسعار ليحتل واجهة المشهد الاجتماعي الجزائري مجددا، إذ تشهد الجزائر قبيل أيام عن قدوم عيد الفطر المبارك، أجواء استثنائية مع اللهيب الذي يطبع أسعار الملابس بأنواعها، حيث لم يشذ الواقع هذا العام عن سابقيه، حيث صارت الأسعار نار تحرق الجيوب الصغار نظرا لغلائها الفاحش، بعدما عانى عموم الموظفين محدودي الدخل من الويلات إبان رمضان بفعل مضاربات التجار وجشعهم بحثا عن تحقيق أي ربح ولو كان ذاك بفبركة أسعار خرافية لأسعار المواد الواسعة الاستهلاك، في وقت تشهد الجزائر ترديا واضحا لوضعها الاجتماعي جرّاء اتساع رقعة الفقر، وهذه الظاهرة تعاني منها 950 ألف عائلة، ما يمثل 22% من المجتمع المحلي.
وتولي سائر العوائل الجزائرية اهتماما خاصا بمقدم العيد السعيد، لذا يسعى أرباب الأسر إلى اقتناء سائر أغراض المناسبة من ملابس وحلوى وهدايا، لكن الأمر بات صعبا بعدما اختلطت الحسابات على ذوي الرواتب الضعيفة، فتراهم يهيمون بين مختلف محلات بيع الملابس و الأسواق بحثا عن ملابس بأسعار معقولة نوعا ما، بل في كثير من الأحوال يضطر هؤلاء البؤساء إلى كسوة فلذات أكبادهم بالتقسيط غير المريح، بعدما عجز هؤلاء الكادحين عن مجاراة الاستعار الجنوني في الأسعار مع تفاقم المضاربة التي أخذت مداها في شهر موسوم بمعاني الرحمة والتواد.
واللافت أنّ أسعار الملابس سجلت أعلى مستوياتها، فعلى سيبل المثال لا الحصر يقتضي اقتناء بذلة عادية لطفل مبلغا لا يقلّ عن 3000 دينار، وإذا ما أضيف إليها الحذاء وبعض الإكسسوارات ترتفع التكلفة إلى حدود 5000 دينار، وهي قيمة باهظة ليس بوسع العامل البسيط الوفاء بها لطفل واحد، فكيف إذا تعلق الأمر بأربعة أو خمسة أطفال، خصوصا وأنّ العيد أتى بعد تزامن شهر رمضان مع الدخول المدرسي ومتطلبات الموعدين.
ولتلبية طلبات الأطفال البراعم، وجد أرباب الأسر أنفسهم مجبرين على اقتناء ملابس العيد مهما كانت الأسعار التي يقترحها الباعة الذين يجدون في مثل هذه المناسبات فرصة ثمينة للانقضاض على ما تبقى من أموال مواطنيهم، ونظرا لتدني القدرة الشرائية للجزائريين بصفة عامة، والانتشار الرهيب للفقر في بلد صار احتياطه من الصرف يفوق 110 مليار دولار، اجتهد كثير من الكادحين في ابتكار الحيل والتحايل على ظروفهم الاقتصادية المريرة، إما بتخصيص جزء من ميزانية رمضان لمواجهة العيد ومستلزماته، حتى وإن كانت الطرق والأساليب لم تعد تجدي نفعا، بسبب التهاب الأسعار إلى مستوى جاوز حدود المعقول.
وفي مثل هذه الأيام يصعب على أرباب الأسر تحمّل وزر الأسعار، لذا يضطر كثير منهم لشراء ما هو معروض مهما كانت نوعيته أو ثمنه فالمهم بالنسبة لهم، هو استكمال طقس اجتماعي أساسي، وزرع السرور والبسمة في قلوب الأبناء وعدم حرمانهم من فرحة العيد، لذا تشهد أسواق الملابس المستعملة والتي يطلق عليها مسمى quot;الشيفونquot; إقبالا واسعا من قبل الجزائريين ذوي الدخل الضعيف، فتراهم يقبلون عليها بلهفة، علّهم يحصلون على مرادهم بين السلع الكثيرة المعروضة على الأرصفة وكذا في الأسواق الشعبية المنتشرة هنا وهناك.
وتشير بيانات رسمية إلى عيش 8 ملايين جزائري بدولار واحد يوميا، كما تتحدث تقديرات عن تواجد ثلث العائلات الجزائرية تحت الخط الأدنى للفقر في مجتمع قوامه 35 مليون نسمة.
التعليقات