أشرف أبوجلالة من القاهرة: كشف تقرير حديث أعدته القيادة العليا بالجيش الأميركي حول quot;بيئة التشغيل المشتركة quot; عن أن الولايات المتحدة قد تضطر للتدخل في المكسيك من أجل منع تعرض البلاد للانهيار بشكل سريع ومفاجئ على يد عصابات منظمة في عالم الجريمة والمخدرات. هذا وقد وضع التقرير أيضا المكسيك جنبا إلى جنب مع باكستان باعتبارهما من أكثر الدول التي توشك علي الانهيار في المستقبل. وقالت صحيفة quot;التلغرافquot; البريطانية في عددها الصادر السبت أن أميركا ، التي تشترك في حدودها مع المكسيك مسافة تصل لنحو 200 ميل، سوف تكون المقصد الواضح لتدفق اللاجئين بأعداد كبيرة إذا ما تورطت جارتها في حرب أهلية.

وأشارت الصحيفة إلى المجهودات التي يبذلها الرئيس فيليبي كالديرون في سبيل التصدي لتلك التنظيمات الإجرامية من خلال نشره للجيش المكسيكي في حملة قمعية جديدة ترمي لوقف خطر الجريمة المنظمة. وأوضحت الصحيفة أن تلك المعركة يتم خوضها ضد أربعة عصابات رئيسية متخصصة في الاتجار بالمخدرات بالإضافة لعدد لا يحصى من العصابات المحلية، وهي المعركة التي أودت بحياة 5367 من أعضاء القوات الأمنية أو المجرمين المشتبه فيهم خلال العام الماضي فقط.

وجاء في تقرير الجيش الأميركي :quot; تتعرض دولتين كبيرتين ومهمتين لخطر الانهيار السريع والمفاجئ، ألا وهما المكسيك وباكستان. ومع هذا تبدو الاحتمالية الخاصة بالمكسيك أقل من احتمالية الانهيار الخاصة بباكستان، لكن الحكومة وساستها وقوات الشرطة الخاصة بها والبنية التحتية القضائية، يخضعوا جميعهم لضغط وهجوم متواصل من قبل التنظيمات الإجرامية وعصابات المخدرات. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، كيف سيؤثر الصراع الداخلي الذي سيتضح خلال السنوات المقبلة علي استقرار دولة المكسيك quot;.

وأشار دافيد بلير، المحرر الدبلوماسي البارز بالصحيفة، إلى أن المكسيك الذي يقدر عدد سكانها بنحو 110 مليون نسمة، تزود الولايات المتحدة بعدد كبير من المهاجرين يفوق أي دولة أخرى. كما أنها تقع علي طرق التهريب الرئيسية التي تربط الولايات المتحدة بمناطق جنوب أميركا الغارقة في تجارة المخدرات، وبخاصة كولومبيا، التي لا زالت المصدر العالمي الأول لتجارة الكوكايين. وإذا ما تعرضت المكسيك للانهيار، فإن الملايين سوف يلوذون بالفرار عبر الحدود الشمالية وسوف تؤمن العصابات الإجرامية المنظمة قاعدة يمكنهم من خلالها اختراق الولايات المتحدة. وهو ما قد يضع الولايات المتحدة أمام القليل من الخيارات للتدخل ، الذي قد يكون بوسائل عسكرية.

هذا ولم تكتفي تلك العصابات الإجرامية بنشاطاتها الخارجة عن القانون فحسب، بل كانت حريصة في الوقت ذاته على الرد علي الحملات القمعية التي يشنها ضدهم الرئيس كالديرون عن طريق استهدافهم لعناصر قوات الأمن والتدبير لاغتيالهم، كما تم قطع رأس الشعرات من الجنود، وأصبح قبول الرشاوى من جانب عدد كبير من ضباط الشرطة أمرا اعتياديا من تلك العصابات. وهو ما علقت الصحيفة عليه بتأكيدها على أن مثل هذا الفساد، الذي ربما يصل لأعلى مستوياته في الحكومة نفسها، يعد من أهم العوامل التي تعترض حملة كالديرون.

وفي النهاية، ربما يكون له دور أيضا ً في تدمير الدولة نفسها. كما ضرب التقرير المثل في النهاية بالطريقة الدراماتيكية التي انهارت من خلالها دولة يوغوسلافيا، إثر تورطها في سلسلة من الحروب الأهلية خلال الفتلة ما بين 1991 إلي 1995 . وأشار إلى أن انهيار يوغوسلافيا في تشابك فوضوي لجنسيات متحاربة يظهر الطريقة التي من الممكن أن تحدث من خلالها عمليات انهيار الدول بشكل مفاجئ وكارثي.