القادة الأوروبيون توجهوا لإسرائيل لحملها على قبول الترتيبات
قمة شرم الشيخ الدولية تخلص لتثبيت وتمديد التهدئة في غزة

نبيل شرف الدين من القاهرة: اختتمت في منتجع شرم الشيخ المصري يوم الأحد القمة الدولية التي دعت إليها مصر حول التطورات في قطاع غزة، لمناقشة ترتيبات ما بعد إعلان إسرائيل وقف النار من جانب واحد في القطاع بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على العمليات العسكرية التي شنتها على غزة، وقد توجه عدد من القادة الأوروبيين بعد ذلك إلى إسرائيل لممارسة ضغوط على حكومتها بقبول حزمة التدابير والترتيبات التي جرى التفاوض بشأنها مع مصر طيلة الأيام الماضية .

وقال حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن القادة ناقشوا كيفية المساعدة في منع تكرار الحرب في غزة، وأضاف quot;أن القادة تشاوروا حول كيفية المساعدة في عدم تكرار هذه المأساة مرة أخرى وكيف يمكن العمل على إعادة إعمار غزةquot; .

وحسب مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة فإن هذه القمة جاءت لدعم مصر التي تعرضت لانتقادات شديدة في المنطقة، وترددت حولها مزاعم بأنها تعاونت في حصار غزة من خلال رفضها فتح معبر رفح، وعلى الرغم من كل التطورات الإيجابية التي بدأت بإعلان وقف النار الأحادي، فإن مراقبين يتوقعون بقاء عدة مسائل عالقة بسبب إصرار قادة quot;حماسquot; والمسؤولين الإسرائيليين على مواقفهم خاصة في القضايا التي تتعلق بنشر مراقبين دوليين، ووضع ترتيبات صارمة لتشغيل المعابر .

وفي كلمته الافتتاحية قال الرئيس المصري حسني مبارك quot;بدت منذ أمس بوادر انفراج هذه الأزمة ولا تزال أمامنا مسائل هامة تحتاج لمواصلة جهودنا .. أمامنا التحرك لضمان الالتزام بوقف إطلاق النار وتثبيته، وانسحاب قوات إسرائيل من غزة، أمامنا العمل على استعادة التهدئة وفتح المعابر ورفع الحصارquot; .
وطالب مبارك بتعبئة الموارد اللازمة لإعمارغزة خلال المؤتمر العالمي الذي ستدعو إليه مصر وتستضيفه، وقال quot;إنني أتطلع لمساندتكم لتحرك مصر إزاء كل هذه المسائل الهامة ولدعمكم لجهودنا لتحقيق المصالحة الفلسطينية بين السلطة الوطنية والفصائل في غزة، بما لذلك من أهمية بالغة لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار في هذا القطاع .

واختتم مبارك كلمته قائلاً : quot;إن أمامنا هدفاً رئيسياً وجوهرياً وهو دفع عملية السلام إلى الأمام على نحو عاجل وجادquot;، مشيرا إلى الدور البارز للرئيس الفرنسي واتصالاته الهامة دعما لجهود مصر ومبادرتها .

كما دعا الرئيس المصري والعاهل الاردني والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى تسوية شاملة للنزاع العربي-الاسرائيلي خلال العام 2009.

وقال مبارك في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة التي عقدت الاحد في شرم الشيخ حول غزة، انه quot;يضم صوتهquot; الى العاهل الاردني والامين العام للجامعة العربية اللذين طالبا بان quot;يشهد العام 2009 نهاية للنزاعquot; العربي-الاسرائيلي.

وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون صرح للصحافيين الذين رافقوه على الطائرة التي اقلته الى شرم الشيخ ان quot;هذا النزاع اثبت مرة اخرى الحاجة العاجلة الى التوصل الى تسوية طويلة المدى تمنح الامن لاسرائيل والفلسطينيينquot;.

واضاف quot;اعرف من مناقشاتي مع الرئيس (الاميركي المنتخب) باراك اوباما انه يشاركنا الرغبة في ان يحل امل جديد لدى شعوب المنطقة محل العنف والتدمير اللذين شهدهما العام 2008quot;.

الدور الأوروبي

من جانبه، قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في كلمته: quot;إن السبب الرئيسي لهذه القمة هو دعم كافة الجهود المصرية .. ولن يكون هناك شئ في الإمكان دون الالتزام من جهة الرئيس مبارك والتزام مصرquot; .
ومضى الرئيس الفرنسي قائلا quot;أعتقد أن وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل حتى الآن آمل أن يتبعه تصريحات أخرى لاحقة كخطوة أولىquot; .

وخاطب الرئيس الفرنسي مضيفه المصري قائلاً : quot;سيدي الرئيس إنكم ومع الزملاء الأوروبيين سنستطيع نوجه الكلمة للاسرائيليين لنقول لهم إنه لا يجب البقاء في غزة، وإن الأمور واضحة تماما لا يمكن أن يظلوا في غزة، فهذا لن يؤدي إلى شئ بالنسبة لأمن إسرائيل وسيعطي ذريعة لكل المتطرفين في المنطقة لزعزعة استقرار السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس الذي ندعمه تماما لأنه رجل يدعو للسلامquot;.
وأضاف ساركوزي أنه quot;بدلا من تشجيع التصعيد يجب أن نقوم على التهدئة.. إننا ننتظر من الطرف الآخر أن يقوم بالتهدئة، فيجب على حماس أن تتوقف عن إطلاق الصواريخ، وإسرائيل تقول إنه إذا كانت هناك التهدئة فسيغادرونquot;.

واختتم ساركوزي كلمته بالقول : quot;أقول لإسرائيل لن يكون هناك مستقبل في المنطقة إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية تعيش في سلام، وطالما أن الجيش الإسرائيلي سيظل في غزة فلن يكون هناك سلام في المنطقةquot;.

وفي كلمة له في ختام القمة قال ساركوزي ان اسرائيل يجب ان quot;تغادر غزةquot; اذا اوقفت حماس اطلاق الصواريخ.

وقال ساركوزي quot;سنتوجه الى اسرائيل لنقول لها اننا الى جانبها في تاكيد حقها في الامن ولكن ينبغي على اسرائيل ان تقول الان بوضوح انه اذا توقف اطلاق الصواريخ فان الجيش الاسرائيلي سيغادر غزةquot;.

واضاف quot;ليس هناك حل اخر للوصول الى السلامquot;.

ودعي ستة قادة اوروبيين (فرنسا، المانيا، بريطانيا، اسبانيا، ايطاليا وتشيكيا) شاركوا في قمة شرم الشيخ، الى عشاء مساء الاحد في القدس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت.

وقد شارك في القمة كل من العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والرئيس التركي عبدالله جول، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي سيليفيو بيرلسكوني، ورئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، ورئيس الوزراء الاسباني خوزيه ثاباتيرو، والرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وامين عام الامم المتحدة بان كي مون ، وعمرو موسى امين عام جامعة الدول العربية، وميريك توبولانيك رئيس وزراء جمهورية التشيك، وهي الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي .

القضايا الأساسية

ونعرض هنا لأبرز القضايا الأساسية التي نوقشت خلال محادثات هذه القمة، استنادا الى عدة مقابلات مع مصادر دبلوماسية وسياسية مصرية وأوروبية وفلسطينية على النحو التالي :

مكافحة التهريب

تمحورت المحادثات مع إسرائيل حول ما وصف بتقديم quot;دعم دوليquot; لمصر لمنع المسلحين الفلسطينيين من استخدام أنفاق التهريب في إعادة تسليح حماس، وذلك بعد رفض مصر وحماس تمركز قوات أجنبية مسلحة على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة .

وقال مسؤولون اسرائيليون وأوروبيون إن الدعم الدولي للمصريين قد يأتي في شكل استشاريين أجانب وخبراء في الهندسة وأمن الحدود ومعدات لمكافحة التهريب من بينها أجهزة سونار متقدمة يمكنها رصد الانفاق.

وأبدت الدول الأوروبية استعدادها لتقديم المساعدة لمصر كي تتمكن من اعتراض شحنات الاسلحة على البر والبحر والجو قبل أن تدخل منطقة الحدود وذلك بالإضافة الى الاجراءات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة والتي تمتد مسافة 14.5 كيلومتر وتعرف بمحور فيلادلفي .
وقال مسؤولون اسرائيليون إن مصر عرضت نشر المزيد من قوات حرس الحدود بينهم قوات خاصة على الحدود مع غزة لكن اسرائيل اعترضت لان ذلك سيعني اعادة فتح معاهدة السلام التي وقعتها مصر واسرائيل عام 1979.

وأسقطت اسرائيل قنابل خارقة للحصون على طول ممر فيلادلفي الضيق فدمرت أعدادا كبيرة من منازل الفلسطينيين القريبة. وتقول اسرائيل ان هناك ممرات مبنية أسفل العديد من المنازل في المنطقة الحدودية.

المعابر الحدودية

أما القضية الاهم بالنسبة للفلسطينيين فهي إعادة فتح معبر رفح وهو المعبر الوحيد بين غزة ومصر تحت رعاية قوات الامن التابعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ومراقبين أوروبيين.

وظل معبر رفح مغلقا الى حد كبير منذ سيطرة حماس بالكامل على قطاع غزة في يونيو من العام 2007 ، ويمكن أن تمنح إعادة فتح معبر رفح أمام الركاب وبعض الامدادات الانسانية المحدودة عباس موطئ قدم في غزة، غير أن حركة حماس تعترض على عدم اسناد أي دور لها في إدارة المعابر .

ويريد عباس والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة أن يعاد فتح المعابر الرئيسية بين اسرائيل وغزة أمام البضائع الانسانية. لكن لم يتضح حجم التنازل الذي ستكون اسرائيل مستعدة لتقديمه حتى الآن .

وعرضت عدة دول شاركت في هذه القمة وبينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا ارسال سفن حربية الى الشرق الاوسط للمساعدة في منع حماس في غزة من تلقي شحنات سلاح .\