قال راعي الكنيسة الكاثوليكية في محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية الأب يوسف سعادة إن المسيحيين والمسلمين في فلسطين وحدة واحدة منذ مئات السنين وليس فقط منذ عشرات السنين. وكشف أن الكنيسة في نابلس وقفت إلى جانب العديد من المقاتلين، وآوتهم في كثير من الأحيان. ويؤكد سعادة ان هناك فرقا بين وضع المسيحيين في فلسطين من جهة ووضعهم في السودان أو مصر أو لبنان.
رام الله: يقول الأب يوسف سعادة في لقاء خاص مع quot;إيلافquot; في مقر كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك في منطقة رفيديا في مدينة نابلس إن الوجود المسيحي في فلسطين ليس وليد بضع سنوات، وإنما كان منذ عهد المسيح عليه السلام، حسب نصوص إنجيل يوحنا في الفصل الرابع حيث ورد حوار تاريخي بين اليسوع والمرأة السامرية على بئر يعقوب في مدينة نابلس قرب مخيم بلاطة الحالي. وقال إن أصل الوجود المسيحي حين يكون على أساس ديني كان له دور مهم في الحفاظ على قدسية فلسطين ونابلس وعلى متانة العلاقة بين أبناء الشعب الفلسطيني.
فلسطين تختلف تماما عن مصر والسودان ولبنان
ويعرب الأب سعادة عن اعتقاده في معرض إجابته على سؤال quot;إيلافquot; حول الفرق بين وضع المسيحيين في فلسطين من جهة ووضعهم في السودان أو مصر أو لبنان، بأنه لا مجال للمقارنة مطلقا، موضحا أنه ومنذ انتقاله في العام 1948 إلى محافظة نابلس وهو يعيش مع أهاليها سواء في المدينة أو القرى أو المخيمات كجزء أساسي وأصيل من النسيج المجتمعي. مؤكدا أنه لا يذكر ولو مشكلة واحدة وقعت بين أبناء الطائفة المسيحية طوال 60 عاما عاشها في نابلس مع أي شخص مسلم من نابلس على خلفيات دينية.
ويوضح أنه يلاحظ وجود علاقة مقدسة بين أبناء عموم الفلسطينيين في نابلس. وأضاف أن النابلسيين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين متدينون بطبعهم، والاحترام المتبادل في ما بينهم هو سيد الموقف، وقال انه على قناعة بان الرب يحبب الفلسطينيين بعضهم ببعض خاصة من ناحية المسلم والمسيحي.
ويشير سعادة الى ان التزاور بين المسلمين والمسيحيين موجود منذ قديم الزمن، موضحا أن المسيحيين على سبيل المثال يقومون خلال شهر رمضان بإعداد بعض أنواع الحلويات مثل quot;القطايفquot; ويقدمونها للضيوف مع التمر كما يفعل المسلمون، ويعلمون أطفالهم احترام حرمة شهر رمضان فلا يجاهرون بتناول الطعام او الشراب طيلة نهار رمضان.
الكنيسة وقفت إلى جانب المقاومة
ويكشف الأب سعادة لـquot;إيلافquot; لأول مرة بأن كنيسته وقفت الى جانب المقاومة الفلسطينية، موضحا أن قادة وكوادر الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987 وانتفاضة الأقصى في عام 2000، كانوا يجتمعون في بعض الأحيان في الكنيسة، وذلك لمناقشة بعض المستجدات والقضايا المتعلقة بظروف الناس الصعبة الناتجة من الاجتياحات الإسرائيلية وأيام منع التجوال المتكررة على المدينة، ويؤكد أن ذلك يأتي في سياق ارتباط المواطن الفلسطيني المسيحي بوطنه وبأنه لا فرق بينه وبين المسلم في تقديم الواجب الوطني. ويكشف أيضا أنه كان أمين صندوق الانتفاضة الأولى، مبينا بأنه كان يشتري المواد التموينية بنفسه ويساهم بتوزيعها على المحتاجين خاصة بالمدينة و المخيمات.
ويوضح الأب سعادة أن الدافع الذي يحمله على القيام بمثل هذه النشاطات التي وصفها بـquot;الإنسانيةquot;، بأنه عانى من ظلم القوات الإسرائيلية منذ العام 1948 حين اضطر الى الرحيل عن مسقط رأسه في مدينة حيفا قهرا، موضحا أنه عاش من عام 1948 ولغاية عام 1950 في كهف بسبب ممارسات الجيش الإسرائيلي في حينه، وقال إنه يروي دائما لحظات الرعب والمعاناة التي عاشها بسبب الإسرائيليين لأولاده وأحفاده ورعيته سواء في الكنيسة أو الجلسات العائلية.
الشيخان البيتاوي ومنصور .. من أعز أصدقائه
ويؤكد سعادة أن من أعز أصدقائه في نابلس هما شخصان من حركة حماس، ويقول لـquot;إيلافquot; إن الشيخ جمال منصور الذي كان من أبرز قادة حركة حماس في فلسطين وتعرض للاغتيال من جانب القوات الإسرائيلية في عام 2001، كان من اعز أصدقائه، مضيفا أن الشيخ منصور كان دائم التواصل معه، وكان حريصا على ملازمته والجلوس إلى جانبه في غالبية الاحتفالات والمناسبات المختلفة، وأضاف سعادة أن من أعز أصدقائه أيضا رئيس رابطة علماء فلسطين النائب عن كتلة الإصلاح والتغيير التابعة لحركة حماس في المجلس التشريعي الشيخ حامد البيتاوي، وقال مستذكرا إن التلفزيون الألماني قدم إلى نابلس في عام 1992 لإعداد تقرير عن نابلس، وأضاف أنه جلس يستمع لخطبة الجمعة في مسجد النصر الذي يخطب فيه الشيخ البيتاوي وسط نابلس، وخلال ذلك وجّه البيتاوي خلال الخطبة التحية للأب سعادة، كما دعاه إلى الغداء في بيته أمام المصلين، وشدد على أهمية العلاقة بين أبناء الشعب الواحد سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين، وقال إنه شعر في حينه بسرور ورضا المصلين من مداخلة البيتاوي بتحيته.
ويفتخر الأب سعادة بأنه تلقى العديد من شهادات ودروع التقدير التكريمية من قبل المؤسسات الفلسطينية، وقال إنه التقى الرئيس الراحل ياسر عرفات عدة مرات، موضحا أن الزعيم عرفات زاره في بيته وفي الكنيسة، وتحدثا معا في الكثير من القضايا المحلية، موضحا أن عرفات كان يقدر المسيحيين كثيرا، ويحرص على تلبية طلباتهم واحتياجاتهم باستمرار، وأضاف سعادة أن جامعة النجاح الوطنية إحدى أكبر وأهم الجامعات الفلسطينية، قامت بتكريمه من خلال تعيينه عضوا في مجلس أمنائها، رغم أن عدد أبناء الطائفة المسيحية في نابلس لا يزيد عن 600 شخص.
التعليقات