أسقطت المحكمة الدستورية الايطالية الحصانة القضائية عن رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني، الذي هزأ من القرار معتبرًا انه لن يهز الحكومة، الأمر الذي تناولته الصحف البريطانية الصادرة اليوم تعليقًا وتحليلاً وسردت خلال متابعتها الخيارات المتاحة أمام برلسكوني وأمام خصومه.

نشرت صحيفة quot;التايمزquot; البريطانية الصادرة اليوم الخميس تعليقًا على قرار المحكمة الدستورية الايطالية نقض قانون يمنح رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني حصانة ضد الملاحقة القانونية خلال توليه مهام عمله على رأس الحكومة. وجاء في التعليق: تصرف سيلفيو برلسكوني وهو ينتظر القرار الحاسم يوم الاربعاء وكأن كل شيء يسير بشكل طبيعي. فهو بحث قضية الشرق الأوسط مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعم معاونون بأن معنوياته quot;ممتازةquot;. ولكن الوضع يمكن ان يُطلق عليه أي وصف إلا بالوضع الطبيعي. وثمة خيارات متعددة متاحة لرئيس الوزراء الايطالي ولخصومه: أن يستمر بصرف النظر عما حدث. ولكن هذا سيكون صعبًا. فإن عددًا من القضايا المرفوعة ضده جُمدت عندما أصدر العام الماضي القانون الذي منح نفسه فيه حصانة ضد الملاحقة القانونية، ولا ريب في أن المدعين سيبعثون هذه القضايا من جديد.

تشمل القضايا اياها الإدعاء بأنه دفع رشوة قدرها 600 الف دولار الى ديفيد ميلز محاميه البريطاني السابق لدى دائرة الضرائب وطليق تيسا جاول (وزيرة الدولة البريطانية لشؤون دورة الالعاب الاولمبية) مقابل ادلائه بشهادة زور دفاعًا عنه في المحاكمة التي جرت إبان التسعينات بتهمة الفساد. وحُكم على ميلز في آذار/مارس بالسجن اربع سنوات ونصف بسبب هذه الجريمة. ومن المرجح ان يجد رئيس الوزراء الايطالي نفسه الآن في قفص الاتهام من جديد.

هناك تحقيقات اخرى قد تؤدي الى ملاحقات قانونية بينها محاولة مفترضة لاقناع اعضاء في مجلس الشيوخ من يسار الوسط بالانقلاب على حكومة رومانو برودي المتداعية قبل عامين ـ ناهيكم عن الاتهامات التي تتحدث عن ارتباطات برلسكوني بالمافيا.

الخيار الثاني ان يستقيل من رئاسة الحكومة ويدعو الى انتخابات. لكن المتحدث باسم برلسكوني يقول انه لن يقدم على هذه الخطوة. فإن شعبيته هبطت خلال العام الماضي من 63 في المئة الى 47 في المئة بسبب الفضائح الجنسية وطلاقه العلني ، ولكن ائتلاف يمين الوسط الذي يقوده حافظ على تقدمه في الاستطلاعات. يمكن ان يتنحى برلسكوني لصالح حكومة تصريف اعمال ويجري انتخابات وطنية تتزامن مع الانتخابات المحلية في آذار/مارس المقبل. وإذا فاز يستطيع ان يدعي نيله تفويضًا شعبيًا لإعادة العمل بقانون الحصانة.

الخيار الثالث ان يقع انقلاب داخلي ضده:يمكن ان يدعي خصوم برلسكوني داخل الائتلاف الذي يقوده بأن قرار المحكمة الدستورية هو القشة الأخيرة بعد اشهر من الفضائح المحرجة والضارة. والقائد البديهي لهذا التمرد هو جيانفرانكو فيني الفاشي الجديد سابقًا، الذي ينتمي الآن الى التيار الرئيس لمعسكر المحافظين وأحد مؤسسي حزب الحرية الحاكم.

شارك فيني مع لوكا كورديرو دي مونتيزيمولو ، رئيس شركة فيات ، في افتتاح مؤسسة ابحاث جديدة يوم أمس الاربعاء. ورفض فيني التكهنات القائلة انه قد يشكل ائتلافًا من الأحزاب الكبيرة أو حكومة طوارئ يشترك فيها رجال اعمال مثل دي مونتيزيمولو، وعناصر من اليسار. ولكن ساعة فيني قد تأتي، إن لم تكن الآن ففي الأشهر القليلة المقبلة عندما يتردى موقع برلسكوني.

الخيار الآخر ان يتنحى. وهذا مستبعَد لأنه يرى نفسه منقذ ايطاليا الذي يحظى بالاعجاب إن لم يكن المنقذ المعبود. ولكنه سبق وأن هدد بالاستسلام من قبل إزاء المد العارم من الاتهامات والفضائح. وإذا تفاقمت متاعبه القانونية أو تعرض الى خطر السجن فانه قد يجد حتى ما يغريه بالرحيل والعيش في المنفى ـ مثلما فعل استاذه بتينو كراكسي ، وهو رئيس وزراء آخر هبطت سمعته الى الحضيض ، في 1994 ، سنة انخراط برلسكوني في عالم السياسة. وقد توفي كراكسي منفيًا في تونس.