احيت برلين الاثنين في اجواء احتفالية كبيرة الذكرى العشرين لانهيار الجدار الذي انتهت بسقوطه الحرب الباردة وتوحدت المانيا ثم اوروبا اواخر التسعينات. وبهذه المناسبة، عبر 30 رئيس دولة مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل بوابة براندبورغ كما تجمع نحو 100 الف شخص تحت المطر على طول قطع quot;دومينوquot; عملاقة نشرت في قلب العاصمة برلين والتي سقطت الواحدة تلو الاخرى كرمز لسقوط جدار برلين بحسب المنظمين، في وقت وجه باراك اوباما الى العالم وسكان برلين رسالة مسجلة غير متوقعة تم بثها خلال الاحتفالات.
برلين: كانت اوروبا باسرها الاثنين على الموعد، للاحتفال عند بوابة براندبورغ، رمز برلين، حيث كان يقام quot;جدار العارquot; الذي بني في 1961 لمنع مواطني المانيا الشرقية الشيوعية من الفرار الى الغرب.
وشارك في الاحتفال ممثلو الدول الاربع الكبرى التي احتلت المانيا عسكريا اثر هزيمتها في 1945، وهي الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا.
واعتبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ان quot;الوحدة الالمانية لم تكتمل بعدquot; لا سيما على الصعيد الاقتصادي لانه لا تزال هناك quot;فروقات بنيويةquot; بين شرق المانيا وغربها.
من جهة اخرى، دعت ميركل الولايات المتحدة الى التخلي عن صلاحياتها لمصلحة منظمات دولية وذلك من اجل اقامة quot;نظام عالميquot; قادر على مواجهة التحديات الحالية مثل الارهاب.
ومساء، اجتازت ميركل والزعيم البولندي النقابي السابق ليخ فاليسا والرئيس السوفياتي الاسبق ميخائيل غورباتشوف نقطة عبور لجدار برلين كانت فتحت للمرة الاولى قبل عشرين عاما امام سكان المانيا الشرقية من دون اجراءات تفتيش.
وقالت ميركل quot;هذا اليوم ليس عيدا فقط لالمانيا بل لاوروبا باسرها وللاشخاص الذين يتمتعون بمزيد من الحرية، من روسيا الى بقاع عديدة في العالمquot;.
وكان فاليسا انتقد في مقابلة مع التلفزيون البولندي الدور الذي اضطلع به غورباتشوف، معتبرا ان القول ان الاخير هو الذي اسقط جدار برلين quot;كذبة كبيرةquot;.
واكد فاليسا ان الفضل الكبير في ذلك يعود الى البابا الراحل يوحنا بولس الثاني ونقابة التضامن التي كان فاليسا على راسها.
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي وصلت الى المانيا الاحد، دعت الى quot;شراكة اقوىquot; بين الولايات المتحدة واوروبا quot;من اجل اسقاط جدران القرن الواحد والعشرينquot; ومكافحة القمع الديني الذي تمارسه حركة طالبان بشكل خاص.
وكان النظام الشيوعي في المانيا الشرقية رضخ في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 1989 لضغوط مئات الاف المتظاهرين المطالبين بالحرية وقرر السماح لمواطنيه بالسفر الى الخارج بحرية.
وعلى الاثر تجمع على نقاط التفتيش الحدودية بين برلين الشرقية وبرلين الغربية الالاف من ابناء الالمانيتين، وما هي الا ساعات قليلة حتى تسلق المتظاهرون الجدار وتنقلوا، لاول مرة في حياة الكثيرين من بينهم، بين شطري العاصمة، بينما كان الجدار يتلقى اولى ضربات المطرقات والمعاول التي ما لبثت ان اسقطته.
وشهدت ميركل، مع باقي الزعماء والشخصيات الذين حضروا الاحتفالات، سقوط قطع الدومينو العملاقة التي يبلغ طول الواحدة منها مترين ونصف المتر والمزينة برسوم وكتابات لفنانين وشبان من العالم اجمع. ووضعت قطع الدومينو هذه في وسط المدينة في الموقع السابق للجدار، كرمز لهذا المعلم الذي لم يبق منه الا قطع صغيرة لا تشبع نهم السواح.
وللمناسبة اقيم مساء حفل موسيقي في الهواء الطلق تخلله اطلاق المفرقعات والاسهم النارية، كما عقدت سلسلة بشرية.
وقالت متحدثة باسم الشركة المسؤولة عن تنظيم هذا الحدث quot;تجمع حتى الان 100 الف شخص على طول خط قطع الدومينوquot;. واضافت quot;مئات الاف الاشخاصquot; اتوا لمشاهدة قطع الدومينو الملونة منذ وضعها الجمعة في قلب العاصمة الالمانية.
من جهتها، ذكرت الجالية اليهودية الالمانية بان على المانيا الا تنسى ان التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر ليس فقط ذكرى سقوط جدار برلين، بل هو ايضا ذكرى quot;ليلة الكريستالquot; التي شكلت تمهيدا للمحرقة النازية. وعمد النازيون في تلك الليلة من العام 1938 الى تحطيم املاك اليهود في انحاء المانيا واضرام النار فيها ممهدين بذلك للمحرقة.
رسالة غير متوقعة لاوباما في ذكرى سقوط جدار برلين
توجه الرئيس الاميركي باراك اوباما الى العالم وسكان برلين مساء في رسالة مسجلة غير متوقعة تم بثها خلال الاحتفالات بالذكرى العشرين لسقوط جدار برلين امام بوابة براندبورغ.
وقال اوباما quot;قلائل منا كانوا يتوقعون ان المانيا الموحدة ستقودها يوما امراة اتت من براندبورغ المانيا الشرقية سابقا او ان حليفها الاميركي سيقوده رجل من اصول افريقية، لكن القدر الانساني هو ما صنعه البشرquot;.
كي مون يحيي من ساهموا في اسقاط الجدار
بدوره، حيا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون المواطنين الذين ساهموا في اسقاط جدار برلين قبل عشرين عاما، مؤكدا ان quot;تاريخهم يبقى حتى اليوم مصدر الهامquot;.
وقال بيان اصدره المكتب الاعلامي لكي مون quot;قبل عشرين عاما، بدل سقوط جدار برلين مسار التاريخ وبات رمزا لانتصار المواطنين العاديين في سعيهم الى الحريةquot;.
واضاف quot;من واجبنا الا ننسى ابدا المعركة التي خاضها من ناضلوا من اجل حقوقهم الاساسية وحرياتهم. ان تاريخهم يبقى حتى اليوم مصدر الهامquot;.
وتابع كي مون quot;انه تذكير بفاعلية تحرك الشعوب من اجل الخير المشترك، سواء عبر النضال من اجل حقوق الانسان العام 1989 او عبر التحرك في القرن الحادي والعشرين للتغلب على الفقر واطعام الجياع والتصدي للاحتباس الحراري. ان الامم المتحدة تحييهم اليومquot;.
ساركوزي: سقوط جدار برلين quot;دعوة لاسقاطquot; الجدران الاخرى
كما اعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان سقوط جدار برلين هو بمثابة quot;دعوة لاسقاط الجدران التي ما زالت عبر العالم تقسم شعوباquot;.
وقال امام بوابة براندبورغ، رمز تقسيم برلين quot;اذا كنت سعيدا لاني هنا هو لان سقوط جدار برلين يعتبر اليوم بمثابة دعوة، دعوة لنا جميعا لمحاربة القمع واسقاط الجدران التي ما تزال عبر العالم، تقسم مدنا واراض وشعوباquot;.واضاف الرئيس الفرنسي امام مئات الاف الاشخاص الذين اجتمعوا وبرغم المطر للاحتفال بالذكرى quot;في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 1989، انتم البرلينيون، ادهشتم العالم بتحقيقكم حلمكم الذي هو حلم الحريةquot;.
واوضح quot;البرلينيون هم الذين دمروا جدار الذل هذا الذي كان العالم باسره يعتقد انه غير قابل للتدميرquot;. واشار الى انها quot;الرسالة التي تفتخر اوروبا المتصالحة بتوجيهها الى العالمquot;.
وقال quot;لهذا السبب يشعر الاوروبيون اليوم في قلوبهم ما كان ينشده البرلينيون ليلة التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر قبل عشرين عاما: +نحن اشقاء، نحن البرلينيون اشقاءquot;.
التعليقات