ينهي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي اليوم ولايته بعد 12 عاما في رئاسة هذه الوكالة التي تمكن من تعزيز دورها السياسي، لكن من دون التوصل إلى تحقيق تقدم في الملفات الكبرى.

فيينا: يتخلى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي الاثنين عن مهامه بعد 12 عاما في رئاسة هذه الوكالة التي تمكن من تعزيز دورها السياسي لكن بدون التوصل الى تحقيق تقدم في الملفات التي اخرجت هذه الوكالة التابعة للامم المتحدة الى دائرة الضوء رغم دورها المحض تقني.

وفي رسالته الوداعية امام مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة استشهد البرادعي المصري الجنسية بصلاة للقديس فرنسيس الاسيزي قائلا quot;يا رب، اجعلني اداة لسلامك، حيثما وجد البغض اعطني ان ازرع الحب وحيثما وجد اليأس اعطني ان ازرع الرجاء وحيثما وجدت الظلمة اعطني ان ازرع النورquot;.

لكن بعد ثلاث ولايات في منصب المدير العام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لم يحقق البرادعي ابرز الاهداف المتعلقة بالملفات الساخنة التي تولى معالجتها. وبعد ست سنوات من التحقيق لا يزال ملف البرنامج النووي الايراني مثار جدل كما كان في اليوم الاول. وتؤكد ايران ان اهدافه محض سلمية فيما تشتبه الدول الغربية في انه يخفي غايات عسكرية.

اما كوريا الشمالية فانسحبت من المفاوضات المتعددة الاطراف حول برنامجها النووي وتتابع برنامجها فيما لم يتم تحقيق تقدم في الملف السوري لا سيما في ما يتعلق بالعثور على اثار يورانيوم في موقع دمره الطيران الاسرائيلي في ايلول/سبتمبر 2007.

ومثل كل مسؤول في نهاية ولايته كان البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2005 يريد انهاء مهامه بالاعلان عن تقدم ما. وبعدما واجه انتقادات منتظمة من الدول الغربية بسبب موقفه الذي اعتبر متساهلا مع ايران، عاد وشدد لهجته مع مرور الزمن.

لكن جهوده للتوصل الى حل بخصوص الملف النووي الايراني لم تكلل بالنجاح. واقتراحه تخصيب اليورانيوم الايراني في الخارج بدرجات اعلى الذي كان ليبدد قلق الدول الغربية حول غايات البرنامج النووي العسكرية، لم توافق عليه طهران. ويبدو انه بعد التصويت على قرار الجمعة يدين بناء موقع نووي في فردو بشكل سري، اصبحت الهوة اكبر بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والقوى الغربية من جهة ومع ايران من جهة اخرى.

وعبر الدبلوماسي البالغ من العمر 67 عاما علنا عن خيبة امله معتبرا ان الوضع وصل الى quot;طريق مسدودquot; في اشارة ضمنية الى عدم تمكنه من احراز تقدم في هذا الملف الذي سيتركه الى الياباني يوكيا امانو خلفه في هذا الموقع.

لكن وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون خففت من مسؤولية المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في هذه المسالة. وقالت ان الوكالة quot;لا تملك لا الادوات ولا السلطة لاداء مهمتها بفاعليةquot; مؤكدة ان الولايات المتحدة ستعمل على تعزيز سلطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا الموقف يشكل تحولا فعليا في سياسة واشنطن التي لم تتوقف في ظل ادارة الرئيس السابق جورج بوش عن انتقاد الدور السياسي الذي يلعبه محمد البرادعي.

وكان البرادعي اثار استياء ادارة بوش حين خلص رئيس فريق التفتيش في الوكالة السويدي هانس بليكس الى عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق في 2003 وهي كانت الحجة الرئيسة للتدخل في هذا البلد. وهذا الامر دفع بالولايات المتحدة الى معارضة اعادة انتخابه لولاية ثالثة في العام 2005.

لكن الوضع تغير مع وصول الرئيس الاميركي باراك اوباما الى الحكم. وقال الموفد الاميركي الجديد الى الوكالة غلين ديفيس امام الصحافيين في ختام اجتماع لمجلس الحكام الجمعة quot;لقد كان بطلا، لم يعمل احد بهذا الشكل ولمثل هذه الفترة الطويلة ومع هذا القدر من المخيلة وبدون كلل مثل محمد البرادعيquot;.