القدس: أغلقت صناديق الاقتراع في إسرائيل ليل الثلاثاء بعد نهار طويل شهد منافسة ساخنة، جرت في ظروف جوية شديدة البرودة، وأشارت العينات الأولى التي عرضتها شبكات التلفزة الإسرائيلية إلى أن حزب كاديما، بقيادة وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، تتقدم على حزب الليكود بزعامة، بنيامين نتنياهو، وإن كان ذلك بفارق ضئيل، وفق المعلومات المتوفرة. وستشكل هذه النتائج - في حال استمرت على ما هي عليه - مفاجأة من العيار الثقيل، إذ كانت كافة استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم الليكود، لكن خبراء قالوا إن المعركة لم تنته بعد، وأن الطريق أمام ليفني لتشكيل الحكومة لن تكون سهلة، خاصة وإذا كان إجمالي المقاعد التي ستحصل عليها كتلة الأحزاب اليمينية، وضمنها الليكود، أكبر مما ستناله كتلة اليسار والوسط، بقيادة كاديما.

واعلن نتانياهو انه quot;مقتنع بانه سيكون رئيس الوزراء المقبلquot;. وقال في مقر حزبه في تل ابيب quot;الشعب عبر عن رأيه بوضوح، والمعسكر الوطني بزعامة الليكود يحقق تقدما واضحاquot;. واضاف quot;انا مقتنع بأني سأكون رئيس الوزراء المقبلquot;.

من جانبها اعلنت تسيبي ليفني ان كاديما هو الفائز في انتخابات الكنيست الثلاثاء، داعية نتانياهو الى المشاركة في حكومة برئاستها. وقالت ليفني لانصارها في تل ابيب quot;اليوم اختار الشعب كاديما (...) اني التفت الى بنيامين نتانياهو الان: قبل هذه الانتخابات اقترحت ان تنضم الى حكومة وحدة وطنية برئاستي. قلت: يجب ان يكون القرار للشعب، واليوم قرر الشعبquot;. واضافت quot;علينا الان ان نحترم خيار الناخبين، ان نحترم قرار صناديق الاقتراع وان ننضم الى حكومة وحدة وطنية بقيادتناquot;.

وبينت النتائج الجزئية ان حزب quot;اسرائيل بيتناquot; اليميني المتطرف بزعامة افيغدور ليبرمان سيحصل على 16 مقعدا مقابل 11 في الكنيست السابقة. وبات ليبرمان الذي حل حزبه ثالثا بعد الليكود وكاديما quot;صانع الملوكquot; لان دعمه سيكون اساسيا لاي ائتلاف حكومي. وقال ليبرمان لانصاره quot;لقد اردنا دائما حكومة وطنية، حكومة يمينية، وآمل ان نحقق ذلك (...) لقد اصبحنا الحجر الاساس في تشكيل الحكومةquot;. وطالب الحكومة المقبلة quot;بالقضاء على حماسquot; التي تسيطر على قطاع غزة ورفض التفاوض حول التهدئة معها.

وقال ان على الحكومة التي يريدها ان تعلن القطيعة مع الماضي عبر اعلان انه quot;لن يكون هناك استمرارquot; لهذا النهج، في اشارة الى الاتفاقات الموقعة مع الفلسطينيين.

وفسر المحللون هذا الخطاب بانه دعم لزعيم الليكود بنيامين نتانياهو، رغم ان ليبرمان قال انه quot;لم يتخذ اي قرار في هذه المرحلة بعدquot;.

في هذا الوقت، مني حزب العمل بزعامة ايهود باراك بخسارة كبرى فتراجع تمثيله الى 12 مقعدا في الكنيست، وهو ادنى تمثيل في تاريخ الحزب المؤسس لدولة اسرائيل. وجاءت النتائج مخالفة لاستطلاعات الراي التي توقعت تقدم الليكود على كاديما.

ويفترض ان ينتهي فرز الاصوات صباح الاربعاء، ومن ثم يكون امام الرئيس شيمون بيريز اسبوعا للتشاور مع قادة الاحزاب ثم يكلف واحدا منهم بتشكيل الحكومة. وافادت اللجنة المركزية للانتخابات ان نسبة المشاركة بلغت 65,2% من الناخبين المسجلين اي بزيادة 1,7 % عن 2006، رغم رداءة الطقس.

تمثيل الاحزاب العربية يتارجح بين 7 و10 مقاعد في الكنيست

و لم تقدم التوقعات ارقاما حاسمة بشأن تمثيل الاحزاب العربية في الكنيست والتي يتوقع ان تحصل على ما بين 7 و10 مقاعد بعد انتخابات الثلاثاء، مقابل تسعة مقاعد لثلاث قوائم في الكنيست السابقة.

وقال المحلل انطوان شلحت لوكالة فرانس برس ان النتائج لن تعرف قبل منتصف نهار الاربعاء عندما تعلن اللجنة الانتخابية عدد الاصوات الصحيحة وبعدها quot;نسبة الحسمquot; التي تساوي 2% وهي عدد الاصوات التي يحتاجها كل حزب لتمثيله في الكنيست والتي يجب ان تؤمن له ثلاثة مقاعد على الاقل.

واعطت الاستطلاعات التي اجرتها ثلاث قنوات تلفزيونية ما بين مقعدين وثلاثة للتجمع الوطني الديموقراطي، وما بين 3 و4 للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة، في حين تفاوتت نتائج القائمة العربية والموحدة للتغيير ما بين مقعدين وثلاثة واربعة مقاعد.

وقال شلحت ان من المتوقع ان تكون الجبهة الديموقراطية التي تضم عربا ويهودا، quot;القوة الاولى بين الناخبين العرب، ومن ثم القائمة العربية والموحدة، وبعدهما حزب التجمعquot; الذي اسسه عزمي بشارة المقيم في المنفى.

ورجح شلحت ان تمثل كافة القوائم التي ترشحت الى الانتخابات وهذا يعني انها ستحصل على عشرة مقاعد على الاقل من 120 مقعدا.

لكن حزب التجمع يتأرجح رغم ان استطلاعين اعطياه ثلاثة مقاعد وهو قد يخسر تمثيله ان كانت نسبة الحسم اعلى من الاصوات التي حصل عليها.

وقال فاتن غطاس، مسؤول طاقم الانتخابات في الجبهة الديموقراطية، ان نسبة مشاركة العرب بلغت ما بين 52 و53% وهي ادنى نسبة مشاركة في انتخابات الكنيست، في حين بلغت النسبة العامة في اسرائيل 65,2 في المئة.

وفي حين ارتفعت النسبة العامة بنقطتين تقريبا، قد تتراجع نسبة مشاركة العرب بحوالى نقطتين عن العام 2006. وكانت هناك خشية من تراجع اكبر بسبب شعور باليأس لدى الفلسطينيين داخل اسرائيل بعد الحرب على قطاع غزة.

مخاوف فلسطينية من شلل عملية السلام

في المقابل، ابدى الفلسطينيون خشية من دخول عملية السلام في شلل بعد الانتخابات الاسرائيلية التي اكدت فوز اليمين في حين يرجح المحللون ان يتولى زعيم اليمين بنيامين نتانياهو المعارض لقيام دولة فلسطينية تشكيل الحكومة المقبلة.

وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات الثلاثاء لوكالة فرانس برس ان نتائج الانتخابات تظهر انه quot;لن تكون هناك حكومة اسرائيلية قادرة على تلبية متطلبات السلام الفلسطيني والعربيquot;. واضاف quot;واضح ان الناخب الاسرائيلي صوت لوضع شلل في اسرائيل تجاه عملية السلامquot;. وقال عريقات quot;ان نتائج الانتخابات الاسرائيلية تظهر انه لن تتشكل حكومة اسرائيلية قادرة على تلبية متطلبات السلام الفلسطيني والعربيquot;.

من جانبه، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينه في اتصال من عمان quot;ان السلطة الفلسطينية لن تتعامل مع اي رئيس حكومة اسرائيلية ينتج عن الانتخابات الاسرائيلية لا يلتزم بعملية السلامquot;. وهدد بعدم العودة الى المفاوضات مع اسرائيل. وقال quot;انه لن تكون عودة الى المفاوضات مع اسرائيل من دون تجميد كامل للاستيطان في كافة الاراضي الفلسطينيةquot;.

وتابع quot;ان الحل الوحيد هو تطبيق مبادرة السلام العربية وتدخل اميركي فاعل وجدي لحل النزاع العربي الاسرائيلي يؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف وحل كافة قضايا الحل النهائيquot;.

ومع توقع حصوله على 29 مقعدا، سجل حزب كاديما المؤيد لاقامة دولة فلسطينية ولمواصلة المفاوضات مع الفلسطينيين تقدما طفيفا على الليكود الذي لا يؤيد حل الدولتين ولا يحبذ المفاوضات. لكن سرعان ما اعلن الليكود الذي يتوقع حصوله على 27 مقعدا ان نتانياهو سيكون رئيس الوزراء المقبل. ورغم ان المحللين يعتبرون نتانياهو الاقدر على تشكيل الحكومة وجمع غالبية 61 مقعدا في الكنيست، اعلن كاديما بدوره ان تسيبي ليفني هي المؤهلة لتكون رئيسة الوزراء المقبلة.

وطالب عريقات quot;دول العالم باعتبار اي حكومة اسرائيلية تنتج عن الانتخابات الاسرائيلية ولا تلتزم باتفاقيات السلام الموقعة مع السلطة الفلسطينية والمفاوضات مع الجانب الفلسطيني غير شريكةquot;.

وقال عريقات في اتصال من عمان مع وكالة فرانس برس، quot;ان دول العالم وضعت شروطا على حكومة الوحدة الوطنية التي تضم حركة حماس بان تلتزم بعملية السلام والاتفاقيات الموقعة مع السلطة الفلسطينية والمفاوضات ونبذ الارهاب وغيرها من الشروطquot;.

ولذلك طالب عريقات quot;دول العالم هذه اذا ما تشكلت حكومة من اليمين واليمين المتطرف الاسرائيلي وترفض مبدأ الدولتين اي الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل، وترفض الاتفاقيات الموقعة واستمرت بالاستيطان في الاراضي الفلسطينية، ان يعتبرها غير شريكةquot;. واضافquot; نحن بالنسبة الينا سنعتبر مثل هكذا حكومة غير شريكة (..) فهل ان العالم سيعتبرها غير شريكة ايضا كما تعامل معنا؟quot;

بدوره، قال استاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت علي الجرباوي لوكالة فرانس برس quot;ان نتائج الانتخابات الاسرائيلية تظهر ان اليمين الاسرائيلي هو الذي فاز في الانتخابات مع ان حزب كاديما تقدم في عدد المقاعدquot;.

ولذلك راى الجرباوي انه quot;لن يكون تغير جذري في عملية السلام، والمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية لن تشهد اي حالة انتعاشquot;. واشار الى ان الاطراف التي ستشارك في اي حكومة قادمة ستحاول ان تفرض الشروط الاسرائيلية للحل على الفلسطينيينquot;. وراى quot;ان ما افرزته الانتخابات في اسرائيل يظهر ان الوضع معقد في اسرائيل لانه لا يوجد نتائج حاسمة تبين توجه الشارع الاسرائيليquot;.

اما رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض احمد قريع فقال لوكالة فرانس برس quot;نامل ان تواصل ليفني عملية السلام بقواعدها واصولها حتى نصل الى اتفاق سلامquot;.