بغداد تدعو دمشق لتعاون مشترك ضد الإرهاب الذي يهددهما
مباحثات المعلم تزيل quot;التوجسات والعراقيلquot; في علاقات البلدين

أسامة مهدي من لندن:أكد مسؤولون عراقيون كبار خلال مباحثات أجراها معهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم في بغداد اليوم إن ما وصفوها quot; العراقيل والتوجسات التي كانت تعيق تطور العلاقات بين البلدين قد زالت quot; وأشاروا الى ان المتغيرات الراهنة على الصعيدين الدولي والعربي توفر أرضية جيدة للإنطلاق نحو بناء وإقامة علاقات متطورة بين البلدين وهو موضوع جرى التأكيد عليه والاتفاق على تعاون أمني وسياسي وتجاري ونفطي كما شددوا على اهمية التعاون المشترك لدحر الارهابيين ومنع تسللهم عبر الحدود مؤكدين اهمية التعاون بين البلدين في مكافحة الارهاب الذي يهدد امن العراق وسوريا.

وبحث نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي مع المعلم قبيل مغادرته بغداد مختتما زيارة استمرت يومين، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية اضافة الى موضوع المصالحة العربية والقمة العربية المقبلة المقرر عقدها في العاصمة القطرية الدوحة الاسبوع المقبل. واكد ترحيب العراق باقامة افضل العلاقات مع سوريا مشيرا الى ان quot;العراقيل والتوجسات التي كانت تعيق تطور العلاقات بين البلدين قد زالت، وان المتغيرات الراهنة على الصعيدين الدولي والعربي توفر ارضية جيدة للانطلاق نحو بناء واقامة علاقات متطورة بين البلدينquot;. من جانبه اكد المعلم ان سوريا تطمح لاقامة علاقات استراتيجية متطورة مع العراق وان هذه العلاقات ستكون لها اثر ايجابي على الاوضاع في المنطقة وانها ستخدم مصلحة الشعبين العراقي والسوري.

وغالبا ما كان مسؤولون عراقيون يوجهون اتهامات لسوريا بتسهيل عبور مسلحين عرب واجانب عبر اراضيها الى العراق لتنفيذ اعمال ارهابية مسلحة وهي اتهامات نفتها دمشق اكثر من مرة. وشهدت منطقة حدودية سورية مع العراق في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي غارة اميركية بذريعة تعقب مقاتلين عرب مما عكر العلاقات العراقية السورية. ووصفت سوريا الغارة بانها عمل اميركي ارهابي متعمد ضدها. وأعرب المعلم حينها عن استغرابه لقيام أي مسؤول عراقي بتبرير هذا الهجوم الذي أسفر عن سفك دم عربي. وقال quot;على الحكومة العراقية ألا تسمح بشن هجمات على سورية من أراضيها ونتساءل هل هذه هي الخطة الأمنية؟quot;. ومن جانبه أعلن العراق ان الغارة التي استهدفت المنطقة الحدودية داخل سورية تنطلق منها عناصر مسلحة تنشط في العراق.

واستدعى نائب وزير الخارجية السوري القائم بالأعمال العراقي في دمشق وأبلغه quot;احتجاج وإدانة سوريا quot;لهذا الاعتداء الخطرquot; وطالب الحكومة العراقية بـ quot;تحمل مسؤولياتها والتحقيق الفوري في هذا الانتهاك الخطر ومنع استخدام الأراضي العراقية للعدوان على سوريةquot;. ويبلغ طول الحدود السورية العراقية 650 كم وتتمركز على الجانب السوري منها قوات عسكرية سورية مهمتها منع التسلل والتهريب بين البلدين.

ومباحثات مع طالباني والحكيم وصالح والعيساوي

وخلال مباحثات بين المعلم ونائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح تم بحث quot;مجمل التطورات السياسية والاقتصادية والامنية في العراق والمنطقة والعالمquot; اضافة الى التشاور في آليات التنسيق والتعاون المشترك على الصعيدين السياسي والاقتصادي بين العراق وسوريا وتفعيل اللجنة المشتركة بين البلدين خدمة لمصالح الشعبين الشقيقينquot; كما قال بيان صحافي لمكتب المسؤول العراقي الى quot;إيلافquot;.

واشار صالح quot;الى ان زيارة السيد المعلم لها دلالات مهمة وتمثل عمق العلاقات المشتركة بين البلدين وفي الوقت ذاته اشار الى ضرورة التنسيق الاكبر من اجل تحقيق اقصى فائدة اقتصادية تعود بالنفع للبلدينquot;. وشدد quot;على اهمية التعاون المشترك من اجل دحر الارهاب والارهابيين ومنع تسللهم عبر الحدود مؤكدا ان الارهاب عدو مشترك لنا وان شبكات الارهاب لا تستهدف العراق وحده بل المنطقة بالكامل مضيفا اهمية التعاون الامني لان البلدين يشتركان في مصلحة حيوية واحدة في مكافحة فلول الارهاب الذي يهدد امن العراق وسورياquot;. واكد ضرورة تعزيز التبادل التجاري وتفعيل انبوب نقل النفط العراقي المار عبر الاراضي السورية ومنه الى ميناء بانياس ، منطلقا من قرار الحكومة وسياستها بتنويع منافذ تصدير النفط العراقي.

من جانبه اكد المعلم ان الوقت حان لبناء علاقات استراتيجية ومتميزة بين البلدين وانه يزور العراق بتوجيه من الرئيس بشار الاسد. واشار الى ان مباحثاته هذه كانت مثمرة وبناءة وتؤسس لعلاقات قوية ومتينة في المستقبل وستؤتي ثمارها قريبا جدا ما يعود بالنفع على الشعبين الصديقين. واضاف ان سوريا مستعدة للتعاون في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والامنية مع العراق مؤكدا ان زيارته ستتبعها زيارات مسؤولين وفنيين سوريين وعلى مستوى رفيع من اجل تفعيل وتعزيز العلاقات المشتركة.

كما اجرى نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي مباحثات مع المعلم تناولت سبل تفعيل العلاقات على الصعيد الاقتصادي والخدمي وفتح آفاق من التعاون في مجالات النفط والغاز.
واجرى العراق في نهاية كانون الاول (ديسمبر) عام 2007 مباحثات مع شركات سورية لتأهيل حقل عكاز ليُربط بانبوب نقل الغاز العربي المشترك مرورا بسوريا وتركيا ومنه الى اوروبا. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم مع الجانب السوري في نهاية حزيران (يونيو) من العام الماضي لمد الأنبوب داخل أراضي سورية بطول 70 كيلومترا بحيث يصل الغاز إلى مصنع سوري مخصص لإعادة إنتاج الغاز لعدة أغراض. وسيتم ربط هذا الأنبوب مع خط الغاز العربي ومنه تتم عمليات التصدير إلى أوروبا والأردن، بحسب حاجتها من الغاز، بالإستفادة من الأوقات التي يتوقف فيها خط الغاز العربي عن الضخ. وأضاف البيان أنه تم التأكيد على تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية بين البلدين لدعم العراق وتعزيز النجاحات الأمنية وملف المصالحة الوطنية.

ومن جهته بحث رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي زعيم الائتلاف العراقي الشيعي الموحد مع المعلم quot; العلاقات التأريخية بين البلدين الشقيقين سوريا والعراق وضرورة تعزيزها والدفع بها قدما الى الامام في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعيةquot; كما قال بيان اعلامي للمجلس الاعلى. واشار الى ان الوزير نقل تحيات الرئيس السوري بشار الاسد وتمنياته بالسلامة والشفاء للحكيم (الذي يعاني مرض السرطان). وأكد الحكيم quot;حرص أبناء الشعب العراقي على ادامة هذه العلاقات وتطويرها بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الشقيقينquot;.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع المعلم عقب اللقاء قال عمار الحكيم نجل زعيم الائتلاف إن لقاء والده والوزير السوري قد تناول المستجدات في الساحة السياسية والعلاقات الثنائية بين البلدين وتبادل الآراء في طبيعة تعزيز وتعميق هذه العلاقة فضلاً عن استذكار المشتركات التأريخية والجغرافية والمصالح المتبادلة من أجل مزيد من التواصل والعمل المشترك وتعميق العلاقات بين الدول العربية لاسيما مع المتغيرات والتطورات التي تشهدها الساحة الاقليمية والدولية.

ومن جهته اعتبر المعلم أن لقاءه مع الحكيم quot;يزيده خبرة ومعرفة في آرائه مبدياً دعم الشعب والحكومة السورية للشعب العراقي في مشروعه الجديدquot;. وكان المعلم اجرى الليلة الماضية مباحثات مع الرئيس جلال طالباني حيث نقل اليه تحيات quot;الرئيس بشار الاسد وتمنياته بموفور الصحة والنجاح في مهامه المصيرية في قيادة العراق الجديدquot; كما قال بيان رئاسي الى quot;إيلافquot;. واكد طالباني ضرورة بذل الجهود المشتركة لإقامة علاقات إستراتيجية مديدة في المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية والنفطية والثقافية و غيرها من المجالات مشيرا الى quot;وجود أجواء مشجعة مع توفر كافة المستلزمات والمقومات اللازمة لإنجاح هذه العلاقات التي ستكون في مصلحة البلدين الشقيقينquot;.

من جانبه أكد المعلم ضرورة تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين لما لهذا الأمر من أهمية لمسيرة السلام و التطور في المنطقة، مجدداً دعم سوريا للشعب العراقي و تجربته الديمقراطية. وعقب مباحثات مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري امس اكد المعلم استعداد بلاده للمساعدة في تحقيق المصالحة الوطنية في العراق بينما اشار نظيره العراقي الى ان بلاده تتفهم وجود معارضين عراقيين في سوريا.

وفيما اذا كانت سوريا مستعدة لقبول انسحاب اميركي بري عبر اراضيها من العراق قال المعلم ان بلاده تأمل في تنفيذ الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية بهذا الخصوص ويعود العراق بقوة الى العراب لكنه اشار الى ان واشنطن لم تعرض على بلاده ذلك رغم استعدادها للمساعدة في تنفيذ هذا الانسحاب. وفي ما يخص المصالحة الوطنية ووجود معارضين عراقيين في سوريا قال المعلم ان المصالحة شأن عراقي خاص وسوريا لديها امنيات بنجاحها واستعداد لتقديم اي مساعدة لتحقيق هذا الهدف وقال ان سوريا مرتاحة لتطور العملية السياسية في العراق.

وحول تأخر تشغيل خط الانابيب الاستراتيجي لتصدير النفط العراقي عبر الاراضي السورية الى موانئ البحر المتوسط اوضح المعلم ان سبب ذلك هو تأخر الشركة الروسية في انجاز عمليات تأهيله لكنه اكد ان هناك رغبة سياسية عراقية سورية على اعلى مستوى لتشغيله في اقرب وقت. وفي ما يخص اوضاع العراقيين المهاجرين في سوريا قال المعلم انهم ليسوا لاجئين وانما مواطنون اعزاء يعيشون بين اخوتهم وبلدهم سوريا.

ومن جهته اشار زيباري الى انه بحث مع المعلم العلاقات السياسية والامنية والاقتصادية بين بلديهما. وفي ما يخص وجود عراقيين معارضين للحكومة العراقية في سوريا قال زيباري ان العراق متفق مع سوريا على بناء علاقات استراتيجية متينة موضحا ان بلاده تتفهم وجود معارضة عراقية في سوريا ما دامت غير مسلحة موضحا ان الامن كان من بين الموضوعات التي ناقشها مع المعلم والوفد المرافق له الذي يضم مسؤولين امنيين رفيعي المستوى. وتحتضن سوريا معارضين بعثيين للسلطات العراقية التي عرضت مؤخرا استعدادها لمصالحة مع البعثيين الذين لم يترورطوا بارتكاب جرائم ضد العراقيين.

وخلال مباحثات مع المعلم اكد رئيس الوزراء نوري المالكي حرص حكومته على تطوير العلاقات مع سوريا في جميع المجالات. ومن جهته دعا المعلم الى عودة العرب الى العراق قائلا quot;ندعو علنا أن يعود العرب الى العراق بما يعزز علاقته مع محيطه العربيquot;. وجدد الوزير quot;دعم بلاده للحكومة العراقية والوقوف الى جانبها في كل ما تسعى اليه في المجالات السياسية والامنية والاقتصاديةquot;.. مؤكدا quot;ارتياحه للتطورات الحاصلة في العراق في جميع المجالات وبالاخص منها المصالحة الوطنيةquot;.

وبحث المالكي والمعلم ايضا عددا من القضايا وخصوصا التعاون في مجالات الامن والمياه والوقود حيث ناقشا قضايا تتعلق بالتعاون الامني بين البلدين للسيطرة على الحدود المشتركة بينهما.
وزيارة المعلم هذه لبغداد هي الثانية منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2006 عندما اعاد البلدان العلاقات الدبلوماسية بعد قطيعة دامت اكثر من ربع قرن وذلك في الثاني والعشرين من تشرين الثاني في اليوم الاخير من الزيارة الاولى للمعلم الى بغداد بعد سقوط نظام الرئيس السابق صدام حسين عام 2003.

وتسلم الرئيس السوري بشار الاسد منتصف الشهر الماضي اوراق اعتماد السفير العراقي في دمشق علاء حسين الجوادي كاول سفير عراقي في دمشق منذ 28 عاما. وارسلت سوريا سفيرها نواف الفارس الى بغداد في تشرين الاول (اكتوبر) الماضي. يذكر ان سوريا والعراق استعادا جزءا من علاقتهما الدبلوماسية عقب سقوط النظام السابق عام 2003 بعد قطيعة استمرت منذ عام 1981. وفي اواخر عام 2006 تبادل البلدان رفع علميهما في بغداد ودمشق فقد رفع معاون وزير الخارجية السوري أحمد عرنوس علم بلاده فوق مبنى السفارة السورية بحي المنصور في بغداد في حين رفع وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي علم بلاده فوق مبنى سفارتها في دمشق.