طلال سلامة من روما: هل تلجأ البلديات الإيطالية الى بيع أراضيها للمستثمرين الأجانب بهدف رأب الصدع المسجل في موازناتها؟ ان الجواب على هذا السؤال ليس صعباً لأن رئيس بلدية جز quot;تريميتيquot;، الواقعة في البحر الأدرياتيكي جنوب شرق البلاد ويبلغ عدد سكانها 400 نسمة، مستعد للتضحية بجزيرة من هذه الجزر لتلبية حاجات مواطنيه. وتدعى هذه الجزيرة quot;بيانوزاquot; ويتحرك مجلس البلدية هناك لإنجاز الاستعدادات البيروقراطية بهدف طرح هذه الجزيرة في دوامة المزايدات. ويرسو السعر الأولي لشراء هذه الجزيرة على 10 مليون يورو.

في الواقع، هناك خلفية صلبة لمبادرة رئيس بلدية هذه الجزر، السيد quot;جوزيبي كالابريزيquot;، البعيدة كل البعد عن أي نية استفزازية. إذ سبق له أن طلب مساعدات مالية من الحكومة المركزية بروما وحاكم إقليم quot;بولياquot;، أين تقع هذه الجزر، من دون الحصول على رد مناسب. وهذه ثاني مرة تعرض فيها جزيرة quot;بيانوزاquot; للبيع. في شهر يونيو(حزيران) من عام 1992، طلب رئيس البلدية من السلطات المختصة مساعدته على تدوير النفايات المتراكمة على هذه الجزر، من دون رد مقنع. ما جعله يثور في وجه رئيس الجمهورية آنذاك، quot;أوسكار لويدجي سكالفاروquot;، معرباً عن نيته في ضم جزر quot;تريميتيquot; الى الجمهورية الليبية من دون استشارة أحد. لكن هذه الثورة كانت مجرد كلمات لم تلقى صدى لها، لا هنا ولا بليبيا!

ولا يستطيع الرئيس معمر القذافي الهرب من الاعتراف رسمياً بحنينه وتمسكه الشديد بضم هذه الجزر إليه. في عام 1987، أعلن القذافي عن حق دولته في ضم هذه الجزر بذريعة أن سكانها كانوا متحدرين من ليبيين جرى احتجازهم على هذه الجزر في عام 1911، لدى اندلاع الحرب بين ايطاليا وتركيا واحتلال ايطاليا لطرابلس الغرب، أين لقوا حتفهم من جراء إصابتهم بمرض التيفوئيد. في السنة الماضية، أجرت حكومة روما فحوصاً خاصة بالحمض النووي على سكان هذه الجزر كي تبرهن أمام السلطات الليبية أن هؤلاء السكان غير متحدرين من أصول ليبية.

في حال كان عرض بيع جزيرة quot;بيانوزاquot; جدياً هذه المرة فان القذافي لن يتأخر عن التفكير quot;جدياًquot; بدوره في عرض عشرة مليون يورو، وحتى الضعف، لتحقيق نصر جزئي على حكومة روما. ومن غير المستبعد أن يخوض القذافي مفاوضات الشراء مباشرة مع رئيس بلدية هذه الجزر في ضوء زيارته الرسمية لروما، في الصيف القادم.