بغداد:حين صحا نزار النعيمي ذات صباح في عام 2006 ووجد ثلاثة من جيرانه السُنة العرب ممدين قتلى عند عتبة داره في الحي الشيعي الذي يسكنه في العاصمة العراقية بغداد أيقن ان الوقت حان للرحيل. أخرج زوجته وأطفاله الثلاثة من المنزل على وجه السرعة وتركت الأسرة السُنية متعلقاتها وراءها وفرت الى حي تقطنه غالبية سنية في منطقة أخرى من المدينة طلبا للملاذ من موجة من العنف الطائفي قتل فيها عشرات الالاف.

وبعد مرور ثلاث سنوات على استئجاره منزلا في حي الجمعية أبدى ثقة في ان سلسلة التفجيرات الأخيرة التي استهدفت عراقيين شيعة لن تفجر موجة من عمليات القتل الثأرية ضد السُنة كما حدث من قبل وهو ما دفع البلاد الى حافة حرب أهلية شاملة. لكن النعيمي رغم ذلك مثله مثل عراقيين آخرين لا يتوقع سلاما. لكنه يتوقع نوعا آخر من العنف تحركه السياسة والصراع على النفوذ والسلطة قبل الانتخابات العامة التي تجري في العراق في نهاية العام.

وقال quot;الكل يحلم ببداية جديدة. لكني أعتقد ان التفجيرات الأخيرة شغلت الساعة لموجة جديدة من الهجمات.quot; أشاعت الهجمات التي وقعت يومي الخميس والجمعة وقتلت 150 شخصا واستهدفت في الأساس زوارا شيعيين من ايران وهجمات أخرى شعورا من الخوف في بغداد بعد ان كانت العاصمة العراقية قد شعرت في الأشهر القليلة الماضية بقدر من الحياة الطبيعية.

وقالت الحكومة العراقية برئاسة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي التي تنامى نفوذها العام المنصرم بعد ان نسب لها الفضل في تحسن الأمن ان تلك التفجيرات لن تقوض ما تحقق منذ الايام السوداء في 2006-2007 . لكن ما حدث من إراقة للدماء قبل وقت قصير من انسحاب القوات الأميركية القتالية من مدن العراق هو تذكرة بالأضرار التي يمكن ان تحدثها فصائل مسلحة حتى بالرغم من إضعافها.

وقال مايكل وحيد حنا وهو محلل في مؤسسة (سينشري فاونديشن) البحثية التي تتخذ من نيويورك مقرا لها quot;في أفضل السيناريوهات سيحدث تصاعد للعنف قريبا. quot;السؤال هو ما اذا كان ذلك سيكون عنصرا مُحَفزا لانطلاق دوامة أوسع من العنف أم ان قوات الأمن ستتمكن من إبقاء العنف عند مستويات يمكن التعامل معها.quot; ويثير انسحاب القوات الأميركية القتالية قلق بعض العراقيين الذين لا يثقون في قواتهم الامنية ويخشون ان يفتح ذلك الباب أمام تمرد نشط او دائرة مفرغة من الاعمال الثأرية المتبادلة.

ووعد الرئيس الأميركي باراك أوباما بسحب القوات القتالية من المدن العراقية بحلول يونيو حزيران عام 2009 وانهاء كل العمليات القتالية في العراق بحلول نهاية اغسطس اب عام 2010 والانسحاب الكامل من العراق بحلول عام 2012 . وقال هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي يوم السبت خلال زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية للبلاد ان حكومته تبذل كل ما بوسعها لضمان عدم حدوث فراغ بعد الانسحاب وان يكون الامن قابلا للتطبيق وان كانت هذه ستكون في نهاية المطاف مسؤولية عراقية.

وتساءلت لبنى كاظم وهي صاحبة متجر شيعية تعيش في حي تقطنه غالبية سنية في غرب بغداد عن الوقت الذي ستحتاجه قبل ان تشعر بالأمان بشكل كامل. وقالت quot;لا أعرف أين ستجيء الضربة التالية. انهم يستهدفون فيما يبدو الأماكن المزدحمة ولدي ولدان في الجامعة. ماذا لو بدأوا يهاجمون المدارس؟.quot; ويعتقد البعض ان عمليات النزوح الجماعي التي حدثت في أعقاب عمليات القتل الطائفي ساهمت في تقليص إراقة الدماء بعد تقسيم بغداد على أساس خطوط طائفية الى حد كبير. فقد قلت في المدينة المناطق التي يسكنها خليط من السنة والشيعة.

وعلى الرغم من تراجع العنف بشكل ملحوظ على مدار العام المنصرم الا ان عمليات رأب الصدع السياسية تسير بخطى متعثرة على أفضل تقدير. فالكثير من القضايا الشائكة لم تحل مثل من سيسيطر على الموارد النفطية وسبل تطبيق قوانين تسمح بعودة أعضاء سابقين في حزب البعث للرئيس الراحل صدام حسين الى العمل في الحكومة. كما تتنامى التوترات أيضا بين حكومة المالكي الشيعية والاقلية الكردية. ويعتقد كثيرون ان الصراع العرقي هو الذي يغذي العنف في شمال العراق.

ورغم كل هذا يعتقد بعض العراقيين ان عمليات القتل الطائفية بلغت منتهاها ويأملون ان تتمكن قوات الامن العراقية التي أصبحت أكثر كفاءة وقدرة من السنوات الماضية وان كانت تحتاج الى المزيد من منع وقوع عمليات اراقة للدماء مثل التي شهدتها البلاد من قبل. وترى سعديد حميد وهي أم سنية لاثنين ان الهجمات الاخيرة هي انحراف مؤسف لكنها لا تمثل تغيرا في المسار. وقالت quot;لست خائفة لان العراقيين أصبحوا متحدين الان مثل قلب واحد ينبض.quot;