المراجع الشيعية تلقي بثقلها لصالح إنجاح الإنتخابات العراقية
القادة يستغلون مناصبهم وأموال الدولة في دعاياتهم الإنتخابية

أسامة مهدي من لندن: مع بدء العد العكسي لموعد الانتخابات المحلية العراقية التي لم يبق على موعدها غير عشرة ايام تحتدم حمى التنافس بين قادة القوائم الانتخابية وخاصة بين كبار المسؤولين الذي يتسابقون حاليا على القيام بزيارات للمحافظات العراقية بشكل مكثف لم تشهده البلاد منذ سقوط النظام السابق قبل 5 سنوات وسط تذمر شعبي من نفقات هذه الحملات التي تتحملها الدولة في وقت ألقى مراجع الشيعة الكبار بثقلهم لانجاح العملية الانتخابية من خلال فتاوى تحث العراقيين على المشاركة بكثافة فيها وسط استقطاب طائفي كبير رغم تبرؤ الجميع من المحاصصة الطائفية .

ويقوم المسؤولون الكبار بحملاتهم هذه من خلال استغلال نفوذهم وإمكانات الدولة المالية والادارية والتي تتحمل نفقات تنقلاتهم بطائراتها وقطاراتها والحراسات الضخمة التي تنفق عليها . كما يجري استغلال الموظفين العاملين في مكاتب وادارات هؤلاء المسؤولين ومن يتبعهم من وزراء ومحافظين لصالح دعاياتهم الانتخابية .

فمنذ عشرة ايام ورئيس الوزراء نوري المالكي يحضر مؤتمرات واجتماعات يومية في بغداد وخارجها ويلقي فيها خطابات يركز فيها على الانجازات التي حققتها حكومته تنقلها مباشرة فضائية quot;العراقيةquot; المملوكة للدولة مباشرة . ومن الواضح ان المالكي في استعراضه لهذه المنجزات انما يدرك انها تجير الى حزب الدعوة الاسلامية الذي يقوده . واليوم قام بزيارة مفاجئة الى مدينة البصرة الجنوبية وقبلها الى محافظتي النجف وذي قار وهي محافظات شيعية للمجلس الاعلى الاسلامي بقيادة عبد العزيز الحكيم زعيم الائتلاف الشيعي نفوذ كبير ينافس نفوذ حزب الدعوة حيث خطب في الجماهير مهاجما الطائفية وداعيا الى تقوية الحكومة المركزية مشددا على ضرورة عدم اضعاف الحكومة لحساب الاقاليم والمحافظات . وحضر المالكي اليوم تجمعا جماهيريا كبيرا في البصرة وألقى خطابا اكد فيه ان هذه المحافظة تحتاج الكثير من الخدمات والاعمار quot;ولا عذر لمن يقصر بعد اليوم لأن الظروف الامنية مستقرة والتخصيصات المالية متوفرة ولن نسمح بعودة درهم واحد الى ميزانية الدولةquot; . ودعا العراقيين الى التوجه رجالا ونساء برايات خفاقة واهازيج نحو صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات واصفا الادلاء بالاصوات بأنه شهادة لا يجوز كتمانها . وقال في وعود انتخابية واضحة ان quot;مسؤوليتنا الشرعية والوطنية هي رعاية عوائل الشهداء والجرحى والمحتاجين ونحن ماضون في ذلك وندرك النقص في الخدمات لكننا على يقين بان الطريق الذي قطعناه مضى منه الكثير ولم يبق منه الا القليل وسنكمل المشوار واؤكد لكم اننا قررنا في مجلس الوزراء عدم السماح بترحيل العوائل المتجاوزة على اراضي الدولة حتى نوفر لها التعويض العادل وننصفها وان الزيادات في رواتب الموظفين بدأنا بصرفها وستواصل وزارة المالية ذلك كما سنواصل دعم الزراعة والصناعة وجميع مجالات الحياةquot; . كما وعد بالقضاء على البطالة قائلا quot;سنواصل دعم الصناعة والزراعة وكل مجالات الحياة وسنكمل ما أنجزناه من امن واعمار في العام 2008 ولن يبقى عاطلا عن العمل في عام 2009 quot; . واضاف quot; لقد حققنا الكثير من الانجازات خلال فترة قياسية واستطعنا بهمة العراقيين المخلصين من فك الحصار على العراق والمحافظات وانهاء وجود القوات الاجنبية بجدول زمني محدد ،واستعاد العراق وضعه الداخلي وعاد السفراء والشركات الاجنبيةquot; . وقال quot;نريد انتخابات حرة نزيهة معبرة بصدق عن ارادة الشعب وسنفرح بأي نتيجة ما دامت مبنية على الارادة الحرة البعيدة من الضغوط وبيع وشراء الاصوات التي هي بيع للضمائر ، كما ادعوكم لتساهموا بوضع لبنة اساسية في بناء العراق عبر المشاركة الواسعة في الانتخابات وعدم تصديق الشائعاتquot; . واضاف quot;نريد بناء دولة قوية قادرة على حماية المواطن والسيادة والمحافظات التي نريد لها ايضا صلاحيات واسعة تمكنها من البناء والاعمار والاستفادة من التخصيصات ولن نسمح بعودة درهم واحد الى ميزانية الدولةquot; .

وتأتي هذه الجولات مثيلة لاخرى يقوم بها نائب رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم والقيادي في المجلس نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الذي نفذ زيارات متتالية لمحافظات الجنوب والوسط العراقية استمرت اربعة ايام اكد فيها quot;مد اليد للجميع مهما كانت انتماءاتهمquot; . وشدد على ضرورة تقوية الاقاليم ومجالس المحافظات محذرا من quot;دكتاتوريةquot; الحكومة المركزية على حساب هذه الاقاليم والمحافظات وذلك في رفض غير مباشر لدعوات المالكي بحكومة مركزية قوية . وللمجلس الاعلى نفوذ كبير في محافظات الجنوب الشيعية التسع ويخوض صراعا حادا على اصواتها مع حزب المالكي الذي خطا الاسبوع الماضي خطوة مهمة بتشكيل لجنة مشتركة مع التيار الصدري مهمتها التصالح بين الطرفين وهو تصالح لن يكون في مصلحة المجلس الاعلى الذي اصطدمت عناصره المسلحة في منظمة بدر التابعة له خلال السنوات الثلاث الماضية في قتال دام مع جيش المهدي التابع للتيار الصدري بقيادة رجل الدين مقتدى الصدر . وهي مصالحة اذا ما تمت ستشكل ضربة قوية للمجلس الاعلى نظرا للنفوذ الذي يتمتع به التيار الصدري في بغداد والمحافظات الجنوبية .

ومن جهته قام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي زعيم الحزب الاسلامي احد المكونات الرئيسة لجبهة التوافق السنية بجولة انتخابية مطلع الاسبوع في محافظة الانبار السنية (100 كم غرب بغداد) حيث تنافس الحزب هناك مجالس الانقاذ العشائرية التي تخوض صراعا مع الحزب في السيطرة على المحافظة انتخابيا .

كما قام الهاشمي بجولة مماثلة خلال اليومين الماضيين في محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) وهي محافظة يسكنها خليط من الشيعة والسنة وللحزب الاسلامي نفوذ فيها . وقال الهاشمي في حشد من رجال العشائر ضم اكثر من 750 شيخا من مختلف انحاء العراق quot;لقد كنتم صمام الامان في ادامة التعايش الاخوي والمصالحة الحقيقية وسيتواصل دوركم المبارك ان شاء الله في بناء الدولة الحديثة على الاعراف والتقاليد التي تميزت بها العشيرةquot;. واشار الى انه quot;في الوقت الذي كان ينظر في السابق لمجالس المحافظات على انها تختص فقط بالانشطة البلدية فان مجالس المحافظات وادارتها اليوم عبارة عن حكومة مصغرة تنشط بتلبية المتطلبات المحلية لسكنة تلك المحافظات وهو ما اكده قانون انتخابات مجالس المحافظات لذا لابد لمن يمثلكم ان يحمل همومكم وان تكون لديه رؤية لكيفية تغيير واقع الحال مجددا دعوته الى مشاركة فاعلة وواسعة في الانتخابات كونها مسؤولية شرعية ووطنية , وان يكون يوم الانتخابات يوما مفصليا ونقطة تحول في تاريخ العراقquot;. واضاف quot;لن نكتفي بان تمضي حركة العمران والتقدم بالطرق المعتادة لابد من سياسات وسياقات وخطط لاختزال الزمن واللحاق بركب العالم المتقدم فالعراق يمتلك جميع الامكانات والموارد المادية والبشرية، الامر لايتعلق بمشاركتكم فقط انما في توعية الاخرين ومسؤوليتكم اليوم هي ان يصل الى مجالس المحافظات من يستحق المنصب ويكون امينا وقادرا عليهquot;.

اما بالنسبة إلى القوى العلمانية فقد اكد اياد علاوي رئيس القائمة العراقية الوطنية رئيس الوزراء العراقي السابق خلال اجتماعه مع عدد من شيوخ ووجهاء وائمة الجوامع في بغداد بعد ان قام بجولة في محافظة البصرة الجنوبية quot;ضرورة نبذ المحاصصة الطائفية البغيضةquot; واصفاً اياها بالمرض الخطر الذي استشرى في مفاصل الحكومة ومرافقها العامة . واشار علاوي الى انه تصدى منذ البداية لمشروع المحاصحة الطائفية السياسية لانها ضد برنامجه ومبادئه ومعتقداته وهذا ما اكد عليه جميع سفراء الدول الاجنبية والغربية الذين زاروه واكدوا له احترامهم وتقديرهم له لثباته على برنامجه الوطني والذي اخذت به الان جميع القوى السياسية التي كانت تعتمد على مبدأ المحاصصة الطائفية واصبحت اليوم تنادي بمشروع القائمة العراقية الوطني. واضاف ان الخطر الكبير يأتي من ان الطائفية السياسية والاحزاب التي تتبناها تتلاعب بعواطف الناس وهذا ما تستغله بعض الدول والقوى الخارجية التي تريد التلاعب بمقدرات الشعب العراقي لحساب مصالحها الخاصة.

ومن جهته قام زعيم الحزب الشيوعي حميد مجيد موسى بزيارة انتخابية لمحافظة ذي قار الجنوبية وعاصمتها الناصرية حيث حضر تجمعا جماهيريا حاشدا اكد لهم العمل بان يكون الحزب عاملا من اجل quot;تحقيق كل طموحاتهم في الوطن الحر والشعب السعيدquot;.

وعلى الصعيد نفسه فقد القى مراجع الشيعة الكبار يتقدمهم اية الله السيد علي السيستاني بثقلهم الى جانب انجاح الانتخابات حيث اصدروا فتاوى تحث العراقيين على المشاركة بكثافة فيها واختيار الاصلح لتقديم الخدمات الى المواطنين . واكد المراجع حيادهم في الانتخابات وانهم يقفون على مسافة واحدة من القوائم المتنافسة ومرشحيها . لكن مصادر مطلعة شككت بحيادية المراجع خاصة وان ممثليها في المحافظات العراقية يتصرفون احيانا من وحي تحيزهم لهذا الحزب او ذاك في حث المواطنين للتصويت لمكون معين وخاصة للمجلس الاعلى وبعده حزب الدعوة ثم حركات شيعية اصغر تدين بالولاء لهذا المرجع او ذاك .

ويتنافس في الانتخابات العراقية التي يحق لحوالى 15 مليون عراقي المشاركة فيها أكثر من 14431 مرشحا يتنافسون من اجل الفوز ب 440 مقعدا في14 محافظة عراقية من أصل 18 محافظة عدا محافظات إقليم كردستان الثلاث و كركوك التي تم تأجيل الانتخابات فيها اثر خلافات حول مستقبلها . .

وهيأت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق 6088 مركزا انتخابيا ستتيح فيما ستشارك سبع دول غربية بصفة مراقبين دوليين وأكثر من 100 ألف وكيل سياسي كمراقبين و56 ألف مراقب محلي و270 ألف موظف سيتم نشرهم في مراكز الاقتراع.