واقعية الرئيس قد لا تكون على مستوى طموحات الشارع
البسطاء المصريون بإنتظار طوق نجاة من وراء كلمة أوباما
إيلاف: تواصل اليوم الصحف الأميركية تحليلاتها متباينة الرؤى والزوايا لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الخميس المقبل إلى القاهرة، وفي الوقت الذي يتلهف كثيرون فيه للاستماع للكلمة التي سيقوم من خلالها أوباما بمخاطبة العالم الإسلامي ndash; كما سبق وأن أُعلن ndash; فإنه سيسعى لإحراز بعض التقدم في العديد من ملفات العمل، لكن يُرجح أن تقع ما أسمته صحيفة النيويورك تايمز بـ quot; هداياه الخطابية quot; تحت براثن الضرائب ( في إشارة إلى إمكانية خفض سقف التطلعات الإيجابية بشأن نتائج وأبعاد كلمته ). وفي هذا السياق، أكدت الصحيفة على أن الأمر المؤكد حدوثه الآن هو أن أوباما سيعبر في كلمته عن احترامه للإسلام والعالم الإسلامي، كما فعل من قبل، كما سيعمل على إيضاح أهداف سياسته ذات النطاق الواسع، وتقديم بعض المقترحات في محاولة لتقريب المسافات بشأن الصراع الفلسطيني ndash; الإسرائيلي.
ومع كل هذا، فقد رأت الصحيفة أن اختيار أوباما للقاهرة كي يلقي خطابه منها وضع عليه التزاما ً آخرا ً بضرورة تخصيص جزءاً من كلمته ليخاطب من خلاله المصريين البسطاء الذين يعيشون ndash; شأنهم شأن مواطني باقي الدول العربية ndash; في دولة استبدادية تعمد إلى إنهاء الآمال المهتزة نحو التغيير، وإن توقعت الصحيفة ألا تكون الواقعية التي يسير على نهجها أوباما على مستوى طموحات الشارع المصري بشكل عام. ثم ربطت الصحيفة بعد ذلك بين طبيعة العلاقات التي كانت تسير من خلالها الأمور بين الجانبين المصري والأميركي إبان فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش، وما كانت تبذله واشنطن من مجهودات وقتها في محاولة لتعزيز الديمقراطية وسيادة القانون في مصر، ما استجابت له السلطات المصرية من خلال الانتخابات البرلمانية التي حققت فيها جماعة الإخوان انتصارات مدوية وفازت بنسبة 20 % من مقاعد البرلمان وقتها، لكن السياسة القمعية كان لها دورها بعد ذلك للسيطرة على الأوضاع.
كما أنه من المفترض أن يسير خطاب أوباما quot;القاهريquot; في سياق تلك الحلقة. فقد سبق له أن تحدث خلال فترة ترشحه للانتخابات الأميركية عن سبل تعزيز الديمقراطية داخلياً وخارجيا ً، وسبق له كذلك أن أكد في إحدى المقابلات على ضرورة أن تكون عملية الترويج للديمقراطية جزءاً لا يتجزأ من سياسة أميركا الخارجية. فيما أكدت الصحيفة على أن أوباما نجح في استخدام اللغة الخاصة بالواقعيين والمثاليين ، وهو ما مكّنه من التحدث بشكل مباشر عن طموحات المواطنين العاديين. وفي النهاية ختمت الصحيفة بالإشارة إلى أن أوباما سيواجه موقفا ً صعبا ً في مصر، التي قللت الصحيفة من مستوى الديمقراطية بها، وقالت أن ذلك سيفرض عليه أن يختار، لكن إذا ما كانت مصر أحد الحلفاء المقربين، فإن الاختيار سيكون غاية في الصعوبة.
وتؤكد الصحيفة أيضاً على أن المعضلة حادة بشكل خاص بالنسبة لأوباما، الذي يعتبره العالم بأسره تجسيدا للديمقراطية الأميركية والذي يفهم جيداً قدرة أميركا على إلهام سواء مشاعر الأمل أو الاستياء. فهل يرغب الآن في أن يظهر للعالم على أنه راعي السياسة التي تعطي للديكتاتور حرية الإمساك بزمام الأمور في مقابل التعاون الاستراتيجي ؟ وهل سيكون ذلك خياراً quot;واقعياً quot; ؟ - وذكَّرت الصحيفة بما قاله توم مالينوفسكي مسؤول منظمة laquo;هيومن رايتس ووتشraquo; في واشنطن قبل عدة أسابيع في إحدى الندوات، حيث أشار إلى أنه يعتقد أن إدارة أوباما ظلت تعاني من مسألة تعزيز الديمقراطية، ولم تعثر إلى الآن على إجابة يمكنها أن تشعر بالارتياح لها.
أما صحيفة ذا فيلادلفيا إنكوايرر، فأعدت تقرير من جانبها عنونته بـ ( أوباما في مصر: خطاب واحد .. وجماهير عدة ) قالت فيه أن شعوب عدة حول العالم تنتظر بشغف ما سيقوله أوباما في خطابه الذي سيحدد فيه قدر كبير من الأهداف التي سيأتي على رأسها، بدء علاقة مبنية على الديناميكية بين الولايات المتحدة والمسلمين بالخارج، والإعلان عن بدء حقبة جديدة مغاير لحقبة الإرهاب على الإرهاب الخاصة بسابقه، بوش، والموافقة بصورة إجبارية على إقامة دولة فلسطينية، ومطالبة إسرائيل بالتوقف عن بناء المستوطنات كما سبق له وأن فعل ذلك، والمطالبة بتدشين حقبة من الشراكة مع الدول الإسلامية في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ونقلت الصحيفة عن تامارا كوفمان ويتس، مدير مشروع الشرق الأوسط للديمقراطية والتطوير في مركز سابان لسياسات الشرق الأوسط التابع لمؤسسة بروكينغز :quot; مهما اتسع نطاق الأهداف التي سيتطرق إليها أوباما خلال كلمته، فهذا أمر ليس مهم، لأن ما سيقوله سيتم تحليله من منظور تلك النقاط الخلافية. وإذا كان لي أغطي الثلاث موضوعات الرئيسية التي أعتقد أنها ستكتسب أهمية لتغطيتها في الخطاب، فإنها هي تلك الخاصة بفكرة الاحترام، والتعاون، وإظهار التعاطف quot;. بينما أكدت الصحيفة على أن اختيار أوباما للقاهرة لإلقاء كلمته يعد أمرا مهما من الناحية الرمزية من حيث المصالح الأميركية.
في حين قال عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية المصري بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي :quot; أعتقد أنه لن يتحدث كثيرا ً عن الديمقراطية وعملية التحرير. وعلى صعيد آخر، ينظر المسلمون إلى أوباما باعتبار أنه يمثل شهادة على ما يقول الناس أنه أكثر ما يعجبهم بالولايات المتحدة، الذي يتبين في نهاية المطاف أنها الجدارة والاستحقاق. ويمكنني أن أؤكد على أن الخطاب لن يتركز فقط على محوري الثقافة والدينquot;.
بينما تطرقت مجلة التايم في تقرير خاص بها إلى أهم النقاط التي اعتبرتها قد تمثل عائقاً أمام إنجاح خطاب أوباما في القاهرة، جاء في مقدمتها اعتقاده بأن خطابات السير الذاتية التي كانت سببا ً في نجاحه داخليا ً، لن تكون مجديه خارج الحدود، فعليه أن يدرك ndash; بحسب الصحيفة - أن القاهرة ليست فيلادلفيا وأن العالم الإسلامي ليس أميركا. وثاني هذه النقاط هي طبيعة المكان الذي سيلقي منه الخطاب، فالحديث في مصر ليس من النوع الرخيص، بل إنه من النوع الخطير، فالكلمات عندما تُنطق من غير المسلمين هناك، ينظر إليها بعين الحذر على أفضل تقدير. وإذا وصلت التوقعات لغايتها هناك، فإنها قد تنهار من خلال النتائج المدمرة. كما توجد شكوك قليلة في الأوساط الدبلوماسية حاليا ً بأن أوباما سيفعل الصواب خلال زيارته للقاهرة.
إعداد أ
التعليقات