جراد: اجمع العديد من المراقبين والسياسيين على ان الاوضاع والاجواء الحالية التي تعيشها البوسنة والهرسك يمكن ان تؤدي الى اندلاع موجة جديدة من العنف بين التيارات العرقية فيها. جاء ذلك خلال ندوة نظمها حلف شمال الاطلسي (ناتو) تحت عنوان (المراقبون والسياسيون بالمنطقة البلقانية - ورؤية للبوسنة والهرسك بعد 14 عاما على انتهاء الحرب الاهلية) في مدينة (بلاجويف جراد). وقال الرئيس البلغاري الاسبق ورئيس المنظمة البلقانية غير الحكومية جيليو جيليف ان الدراسات والتحليلات الاخيرة والخاصة بتطورات الاوضاع في البوسنة والهرسك تشير الى ان الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة على حافة ان تعود الى حالة الفوضى والعنف.

وأوضح جيليف وهو اول رئيس بلغاري بعد سقوط الاتحاد السوفياتي ان ارتفاع حالة التوتر العرقي مجددا في الجمهوريات اليوغوسلافية السابقة سيتسبب بالعودة الى حالة الفوضى والعنف فيها على الرغم من مرور 14 عاما على نهاية الحرب الاهلية التي شهدت سقوط الالاف من الضحايا المدنيين. من جانبه حث وزير الدولة البلغاري واستاذ تاريخ المنطقة البلقانية في جامعة صوفيا البروفسور بوجيدار ديميتروف المجتمع الدولي بشكل عام والاوروبي بشكل خاص على التحرك فورا لاحباط اندلاع ازمة جديدة في البوسنة التي سيكون لها اثار سلبية على المنطقة البلقانية وبالتالى على سائر اوروبا.

وحذر ديميتروف من ان هذه الاوضاع لها خطورتها اذ قد تحول البوسنة والهرسك الى quot;الحفرة السوداء في اوروباquot;.واستند رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الرومانية الاوروبية واستاذ العلوم السياسية الاوروبية بجامعة بوخارست كريستيان تابيسكو واحد المشاركين في الندوة الى تقرير وزير الخارجية البريطاني في حكومة الظل ويليام هيغ. وبين ان هيغ اشار في التقرير الى quot;عدم ارتياحه وقلقهquot; بعد الزيارة التي قام بها الاسبوع الماضي الى مدينة (سربرينيتشا) البوسنية التي شهدت عمليات ابادة جماعية على ايدي قوات صرب البوسنة 1995 راح ضحيتها 8000 مسلم.

وقال هيغ في تقريره ان لقاءاته التي اجراها مع القيادات المحلية اظهرت ان البلد يسير في quot;اتجاهات مختلفة متضاربةquot;.واشار الى ان quot;الاجواء قاتمة الى حد كبير وسياسيا فان الدولة قد عادت خطوات كبيرة للخلف وانها مازالت مقسمة في واقع الامرquot;.
ويعرب العديد من المراقبين عن خشيتهم من تزايد حالات التوتر في اشكال اكثر سوءا معربين عن اعتقادهم بان البوسنة سوف يتم تجزأتها بشكل او بآخر اذا اندلعت فيها موجة جديدة من العنف وهذا الجانب الذي سيدفع وبشكل بطيء الدولة في السير في اتجاهات مختلفة.

واجمع العديد من المشاركين في الندوة علي توجية الانتقادات للموقف والرد الضعيف المتردد للاتحاد الاوروبي في مواجهة الضغوط الرامية الى تقسيم البوسنة والهرسك متهمين الاتحاد الاوروبي بالتحرك quot;بشكل بطئ في الاتجاه الخاطئquot;.واضافوا انه وعلى الرغم من جميع الجهود التي بذلت ومازالت تبذل ورغم سقوط الالاف من الضحايا فان الاتحاد الاوروبي يواصل quot;تحركه في الاتجاه الخاطئ بشأن حل الاوضاع في البوسنة دون وجود اية علامات للقلق من العواصم الاوروبيةquot;.واكدوا ضرورة الرفض القاطع للتلميحات الخاصة بأن قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الاوروبي يمكن ان تنسحب من البوسنة مشددين على ضرورة عدم مناقشة هذا الموضوع.

من جانبه يرى المحلل السياسي البلغاري ومدير نادي الديمقراطية ايفان كيريستيف ان الازمة وافاقها في البوسنة لن تنعكس على البوسنة وحدها بل يمكن ان تعيق الجهود المبذولة لالتحاق كل من كرواتيا وصربيا وتركيا بعضوية الاتحاد الاوروبي.وقال كيريستيف quot;اذا لم يتم معالجة هذا الامر فان موجة كبيرة وعميقة من السخط سوف تظهر في اوروبا حيث ان سكان المنطقة باتوا يشعرون انه بالرغم من جهودهم في عمليات الاصلاح السياسي والاقتصادي الا ان الاوضاع تعود للوراء وبات يسيطر عليهم شعورا بان اوروبا تتجاهلهم. واكد ضرورة ان يبدي الاتحاد الاوروبي دعمه العملي لآفاق وتطلعات سكان هذه المنطقة للالتحاق بالاتحاد الاوروبي وخاصة البوسنة والهرسك والا فيتعين على الاتحاد ان يتحمل تبعات ما يمكن ان تؤدي اليه الاوضاع المتوترة محذرا من ان quot;تكلفة المعالجة ستكون باهظة الثمنquot;