صباح الخفاجي من بغداد: في مبنى وزارة الخارجية العراقية التي شمل تضرر طوابقها، الطابق الذي يمارس فيه الوزير هوشيار زيباريعمله أثناء تواجده في الوزارة، إلتقته quot;إيلافquot;، وكان ملفتًا جلوس الوزير في قاعة كبيرة تم وضع كرسيين في أحد جوانبها لاستقبال الضيوف الرسميين. وفي الجانب الآخر جلس الوزير على أريكة مجيبًا على أسئلة إيلاف على عجلة، فيما تناثرت صحف محلية وعربية على الأريكة وأرضية المكتب الذي أجرينا فيه هذا الحوار السريع. وقد حرص الوزير على أن يركز في أجوبته على الأزمة المشتعلة بين العراق وسورية التي لم تخمد نيرانها بعد. ورأى أن إيران تتدخل في الشأن العراقي تمامًا كما تفعل بقية دول الجوار مثل سورية وغيرها. مضيفًا بأن الدول ومعارضاتها تتوحد كلمتها في حال تعرضت لتهديد خارجي او داخلي. لكن الأمر بالعراق معكوس، لأن الساسة العراقيين quot;غير متوحدين لا في الكلمة ولا في الموقفquot;، مما جعل العراق يظهر بمظهر الضعيف لأن الناس والدول، لا تحترم بلدًا يتحدث مسؤولوه كل على هواه ومصلحته الشخصية آو مصلحة حزبه وتكتله.
وتحفّظ الوزير في الرد عن التهم التي تلاحقه عن ليالٍ حمراء يقضيها في عواصم عربية وأوروبية. واكتفى بالقول ان القضاء العراقي أمر بأن يدفع من اتهمه ويقصد النائب سامي العسكري مستشار رئيس الوزراء مبلغ 40 مليون دينار كتعويض للوزير... وعبر وزير الخارجية العراقي لإيلاف عن شعوره بالألم والوجع للتفجير الذي أودى بحياة قرابة 42 موظفًا في الوزارة. إضافة إلى حوالى 508 جريح إصابة 80 منهم حرجة.
ولفت زيباري الى انه تم نقل الجرحى الى الكويت، والإمارات، وتركيا، واسبانيا، وفرنسا وألمانيا لتلقي العلاج... وأشار الى ان العمل جارٍ على قدم وساق لإعادة إعمار الوزارة، وان الحكومة العراقية قدمت تعهدات بتوفير المال اللازم لإعادة بناء وإعمار الوزارة.
وعن سبب الضجة التي رافقت تفجيرات أربعاء بغداد الدامي قال زيباري إن التفجير الأخير كان مختلفًا هذه المرة لأنه لم يكن يقصد وزارة الخارجية وحدها، انما كان رسالة دم موجهة الى الحكومة وقلب الحكومة العراقية نفسها-لأن الهجوم التفجيري لم يستهدف قوات عسكرية عراقية كانت او أجنبية. او تجمعات طائفية او غيرها. بل هدف التفجير كان تدمير الحكومة والدولة وشل قدرتها. وأضاف: انه اكبر تفجير حصل في العراق منذ 2003. واستهداف وزارة الخارجية تحديدًا يعني استهداف سيادة واستقلال العراق.
كيف تقيم العلاقات الدبلوماسية بين العراق والعالم؟
يمتلك العراق علاقات متطورة مع دول العالم. حيث وصل الى أعلى مستوى في التمثيل الدبلوماسي. ويمتلك العراق 86 بعثة دبلوماسية و 73سفارة و13 قنصلية عامة... وعلاقات العراق مع العالم وحتى دول الجوار جيدة على الرغم من التوتر الاخير مع سوريا. لكن العلاقات مستمرة لم تنقطع من حيث الزيارات من دول العالم المستمرة المتبادلة،إضافة إلى تزايد أعداد الوفود الزائرة الى العراق حتى لا يكاد يخلو يومًا من تلك الزيارات.
لكن الدول العربية غير متفاعلة مع الحكومة العراقية؟
لو انطلقنا من الأزمة مع سوريا،في ما يتعلق بموقف رئاسة الوزراء يمثل أعلى سلطة تنفيذية بالعراق-والقرار الذي تم اتخاذه لم يصدر من شخص واحد بل من العراق.. نحن نطالب ببعثيين. يقول السوريون انكم كنتم معارضين ولم نقم بتسليمكم للحكومة العراقية.
موقف العراق اليوم مختلف لأن العراق دولة صديقة لسوريا هذا اولاً. وثانيًا المعارضة العراقية في أيام صدام حسين لم تقدم على تفجير الابرياء. نظام صدام حسين كان معاديًا لسوريا ومعاديًا للمعارضة العراقية في سوريا. التنظيمات والمعارضة العراقية الموجودة في سوريا في تلك الايام قد تكون امتلكت مقاومة مسلحة لكنها لم تلجأ للإرهاب يومًا ولم تستخدم المعارضة أيامها السيارات المفخخة او الإرهاب. المعارضة العراقية لصدام حسين، والتي كانت في سوريا لم تفجر سيارات مفخخة في بغداد أو المحافظات. كانت هناك مقاومة تستخدم أهدافًا مشروعة. كقوات أمنية كمؤسسات دولة وأمنية. لكن المعارضة لم تستخدم تفجير الناس لأنها ليست من أخلاق المعارضة.
لكن سياسة سوريا معروفة للجميع ومن سياستها عدم تسليم المعارضة لأي سبب كان-حاول صدام حسين وأغراهم بإمدادهم بعروض سخية من النفط لكنهم لم يسلموه معارضيه؟
لكن الموقف مختلف اليوم. هناك سببان يجب على سوريا الانتباه إليهما في قضية مطالبتنا بتسليم المطلوبين. أولاً هناك أوامر بإلقاء القبض على المطلوب من سوريا تسليمهم. أوامر او مذكرات إلقاء قبض صادرة عن شرطة الانتربول الدولية، وليس من قضاء محلي او عربي. يعني هناك سند قانوني دولي- ثانيًا نطالب سوريا بتسليمنا من تؤويهم، من باب معالجة هذه الأسماء. لأن المطلوبين مطلوبون للقضاء العراقي.
تقصد يونس الاحمد وعزت الدوري.؟
نعم-في حال قامت سوريا بتسليمهم فبالتأكيد سيخضعون للمحاكمة والاستجواب. ولن يتم إعدامهم مباشرة كما يتوقع بعضهم!
تظنون ان الحكومة جادة-بالمضي بمطالبة سوريا بتسليمهم؟
نعم لأن الجريمة الأخيرة كبيرة جدًا ومتورط فيها كثير من الأطراف. منهم من هو خارج الولاية القضائية للعراق. لهذا طالبنا بإرسال لجنة تقصي الحقائق وتشكيل محكمة دولية جنائية، من اجل حماية أرواح العراقيين، ولتكون وسيلة ردع لكل الدول التي تتدخل في الشأن العراقي؟
تقصد أن الحكومة العراقية ممكن ان تطالب دولاً أخرى بتسليم مطلوبين لها؟
نعم-بالتأكيد -العملية ليست مبرمجة ضد سوريا فقط بل كل دولة تتدخل في شأن العراق يجب ان تحاكم.
أرسلتم رسالة للأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن-ما هي آخر التطورات؟
عندما أرسلنا رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة،قام من فوره بتوزيع الرسالة على أعضاء مجلس الامن-يعني لمسنا دعمًا وتجاوبًا مبهرًا. لكن يجب ان نركز في نقطة جوهرية. وهي وحدة الصف والقرار العراقي.يعني ((مو كل واحد يحكي شكل ).
هناك تحرك ودعم دولي.هذا التحرك الدولي يجب أن يرافقه وحدة في القرار العراقي ووحدة في الموقف السياسي العراقي.لأن المسألة ليست هينة او سهلة لكن مع الدعم الدولي ووحدة الموقف العراقي يمكن تحقيق شيء وإحراز تقدم.
لكن القرار السياسي العراقي ليس موحدًا؟
نعم للأسف الشديد. نلاحظ النخب والقيادات السياسية في العراق ليست موحدة-في كل الدول التي تتعرض لتهديد داخلي او خارجي نجد ان المعارضة تنسى معارضاتها، وخلافاتها تضمحل.وتتخذ موقفا موحدا مع أصحاب القرار. الا في العراق نجد إثارة المشاكل والقضايا والتصيد في الماء العكر والأزمات. وكل واحد (يحكي شكل وعلى مزاجه ).خصوصًا فرسان الفضائيات يحكون عن قضايا لا علاقة ولا علم لهم بها.!!
من تقصد صالح المطلق ام عادل عبد المهدي ام من؟
برلمانيون وبعض السياسيين.
لكنكم اتهمتم جهات سياسية معينة وتكلمتم عن تواطؤ مهد طريق تفجيرات الأربعاء الدامي؟
لا.. قلنا ان هناك تواطؤ من أجهزة أمنية. وإلا فمن غير المعقول ان تمر شاحنات حمولة كل واحدة منها أكثر من 2 طن من المتفجرات، بدون ان يلاحظها احد. خصوصا وان هناك قرارا يمنع مرور الشاحنات بعد الساعة الرابعة عصرا؟ والتفجير حصل صباحا كيف مرت ومن سمح لشاحنات مليئة بأطنان المتفجرات بالعبور..ثم على من تقع مسؤولية حماية هذا القاطع؟ هل هي مسؤولية عمليات بغداد ام وزارة الداخلية ام الدفاع ام مسؤولية القاطع المسؤول عن حماية المنطقة الخضراء؟
كيف تقيم العلاقة بين العراق والكويت؟
الكويت خلال التفجيرات الأخيرة أثبتت حسن نية من خلال بادرة طيبة حسنة. حيث سارعت بإدانة التفجيرات.وأرسلت طائرة لنقل الجرحى.وهي بادرة طيبة من أمير الكويت.
طوال عقود والكويت تخشى من العراق-لكن بعد 2003 تغير الوضع فالعراق اليوم هو من يخشى الكويت؟
نعم...لدينا مشاكل عالقة مع الكويت وهي تتعلق بأحكام الفصل السابع. ومحاولة العراق للخروج من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.خصوصا وان كثيراquot; من القضايا في أحكام البند السابع تتعلق بالكويت فمثلا الحدود وترسيمها بين العراق والكويت. ملف المفقودين الكويتيين ومصيرهم، الممتلكات الكويتية ومصيرها وملف التعويضات وملف الديون وغيرها.
طبعا حصل تراشق وتوتر إعلامي كبير. لكن الحقيقة هناك توجه لمعالجة هذه القضايا-قلنا للإخوة الكويتيين ليس معقولا ان تكون دولة الكويت هي الدولة الوحيدة التي تطالب بإبقاء العراق تحت البند السابع. وانتم دولة عربية شقيقة. فيما يطالب العالم اجمع بإخراج العراق من أحكام البند السابع.قلنا لهم قولوا إعلاميا إنكم مع إخراج العراق من احكام البند السابع،لكن تبقى على العراق التزامات تجاه الكويت.
هل ترى ان مستقبل العلاقة العراقية الكويتية مطمئنًا؟
لا أرى العلاقات العراقية الكويتية ستصل الى مرحلة الأزمة-وأنا دائما أقول وربما ينتقدني الناس لهذه المقولة- لكني أبقى أقول quot;انه لولا الكويت لما تحرر العراق من الدكتاتوريةquot;-أقول هذا دائما وأؤمن به..
ودور ايران في العراق؟
من يستطيع إنكار ذلك. نعم هناك دور إيراني موجود. إيران موجودة في العراق.هناك تأثيرات إيرانية واضحة. لدينا علاقات علاقات عالقة مع إيران تتعلق بالحدود وشط العرب.مثلا يجب رسم الحدود. في زيارة وزير الخارجية الإيراني الأخيرة للعراق بعد التفجيرات -كان يجب ان نفعلها وننسقها نحن نسجل كل التجاوزات والتدخلات الإيرانية على حقوقنا والحدود والمخافر-كلها نسجلها ونواجههم بها حسب القواعد الرسمية والأصول والقواعد الدبلوماسية. ولن نترك لهم فرصة اما تفاصيل التدخلات الإيرانية فهي مسؤولية الجهات والوزارات الأمنية المخابرات، الداخلية ووزارة الدفاع. والتجاوزات الأمنية التي تصلنا من الوزارات الأمنية الداخلية و الدفاع التي تثبت ضلوع إيران في التجاوزات نحن نسجلها ونواجههم بها.
وماذا عن العلاقة العراقية السعودية؟
وحتى السعودية كذلك لها دور بالعراق-لكن يجب ان اذكر أن السعودية حاليا أدانت التفجيرات الأخيرة وعرضت المساعدة لمعالجة الجرحى وأبدت رغبة لإرسال طائرة.لكن حتى الآن لا توجد سفارة او سفير سعودي في العراق والأمر يحتاج الى صبر وتأني. و نحن نحتاج الى وقت وصبر لان القضية لن تتحقق في ليلة ويوم.ولن تتحقق بالرغبات فقط. إضافة الى ضرورة تمسكنا كعراقيين بمواقفنا ومصالحنا ووحدتنا..اذا العراق موحد وكلمته واحدة،فان الناس ستحترمه. أما إذا كل واحد يحكي لوحده بالعراق فلن يحترمنا الناس.
لكن كلمة العراقيين ليست موحدة ولاحتى مواقفهم؟
نعم للأسف الشديد هذا كلام واقعي.ان استمر الحال على هذا المنوال فلن نترجى خيرا!!
لماذا غاب الكورد عن الأزمة العراقية السورية.. ما هو موقفهم؟
أؤكد لك أن الموقف الكوردي متضامن مع مواقف الحكومة كليا.
ماذا عن مؤتمر أنقرة، ما هو مضمونه هل يحضر المؤتمر جلال الطالباني؟
الحقيقة لا اعرف ان كان المؤتمر سينعقد ام لا-لكن الرئيس جلال الطالباني سيحضر اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك..
الانتخابات قادمة-ماهو مصيركم ومصير وزارة الخارجية-لا يعتقد الكثيرون انها ستبقى من نصيبك؟
نحن جزء من العملية السياسية وطرف أساسي في العملية السياسية. ومن بناة العراق الجديد وسوف نبقى طرفا في العملية والمعادلة السياسية
ووزارة الخارجية؟
هذا أمر يعتمد على التحالفات السياسية، وحجم نتائج الانتخابات القادمة-وسواء وزارة الخارجية او غيرهاndash; أنا باقي في الدولة والحكومة.
رفعتم دعوى قضائية ضد النائب سامي العسكري،بتهمة التشهير؟
الدعوى القضائية هي دعوى تشهير بسمعة وزارة الخارجية وتشويه سمعتي..
هل استلمتم الـ40 مليون دينار التعويض الذي أمرت به المحكمة؟
دفع سامي العسكري 40 مليون ndash;وهو المبلغ الذي أمرت به المحكمة التي حكمت لصالحي.
هذه تعتبر سابقة في القضاء العراقي؟
نعم هي سابقة-لكن الأمر لم ينتهي بعد-وعندما ينتهي قضائيا ndash;ستكون إيلاف أول من يعلم بالتفاصيل كاملة
هناك تهم لوزارة الخارجية بغياب المهنية،وتغييب الكفاءة-وفساد في السفارات العراقية وكلام كثير لا يسر؟
والله مو صحيح- والله مو صحيح هذه الاتهامات ndash;لسنا مسؤولين عنها.مثلا اختيار السفراء. وافق البرلمان مؤخرا على تعيين 57 سفيراquot; لكننا في وزارة الخارجية رفضنا أكثر من 100 سفير. قمنا بمقابلتهم، كل المقابلات تمت في وزارة الخارجية وبحضور الآخرين ومن لا يتوافق مع الحدود الدنيا لصفة ومواصفات السفير رفضناه.-سواء مرشحي حزب الدعوة او التوافق او التحالف الكردستاني وغيرهم.
سفراء تم اختيارهم وفقًا لنظام المحاصصة الطائفية والسياسية؟
نعم-قولي أنهم خضعوا للمحاصصة. هذا أمر واقع !
ما هي توجهات التحالف الكردستاني للانتخابات القادمة..؟
هذا حديث سابق لأوانه-لكن للتحالف الكردستاني استراتيجيات وتحالفات مع جهات سياسية وصداقة عميقة مع بعض الإطراف السياسية ndash;ولا اظن ان التحالفات الانتخابية القادمة تحيد بعيدا عن هذا الطريق..!!
وماذا عن الاتهامات بشان قضائكم ليال حمراء في عواصم عربية وأوروبية؟
لن أتحدث في هذا الموضوع الآن- لكن الأيام القليلة القادمة ستشهد براءتي من كل هذه التهم من خلال القضاء العراقي.
التعليقات