محمد حميدة من القاهرة: في خطوة غير متوقعة، قد تثير جدلاً كبيراً فى الأيام القادمة، قرر مجلس مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر طبع ونشر وتداول بحث quot; الشيعة وصراع الوجود في ظل فتوى الشيخ شلتوت quot; الذى قدمه الباحث فتحى عثمان إلى مجمع البحوث الإسلامية فى وقت سابق لاستصدار فتوى بعدم جواز فتوى الشيخ شلتوت عن التعبد بالمذهب الشيعي، بدعوى تغير الحال والمكان والأشخاص. وقال المجمع فى حيثيات خطاب الموافقة التى تلقت quot;إيلافquot; نسخة حصرية منه ان المجلس quot;أوكل لفضيلة الدكتور محمد الاحمدى ابو النور كتابة مقدمة لتكون مدخلا للكتاب ليبين فيها المناخ الذى صدرت فيها فتوى الشيخ شلتوت وما كان سائدا من تقارب وتفاهم واحترام بين أئمة السنة والشيعة أنداك حتى تعود الفائدة ويرتفع اى لبس او شك سوء فهم وحتى لا يفهم البعض ان الأزهر الغي فتوى الشيخ الأسبقquot;.

وكان الباحث فتحي عثمان قد قدم البحث الى المجمع وثلاثة جهات إسلامية اخرى مجمع البحوث الإسلامية وشيخ الأزهر وإمام أهل السنة الشيخ محمد مختار رئيس الجمعية الشرعية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية برئاسة وزير الأوقاف حمدي زقزق، للفحص والمراجعة وإبداء الرأى فيه، قبل ان يقوم بنشره. ويرى ان هناك أسبابًا ودواعي وراء عدم صلاحية فتوى الشيخ شلتوت فى الوقت الحالي بسبب اختلاف الحال والأشخاص والمكان والزمان، معتمدًا على فتوى للدكتور محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية لأهل السنة في مصر والصادرة في آب/أغسطس 2008 ، والشيخ حسن الصفار عن توجهات المرجعيات الدينية إبان فترة حكم الشاة الذين ساروا على درب التقريب بين السنة والشيعة والتي تمخضت ونتج عنها فتوى الشيخ شلتوت وإنشاء دار التقرب بالقاهرة وتدريس الفقه الشيعي بالأزهر الشريف بالتعاون مع الشيخ الباقورى وكلها أراء لأقطاب مراجع الشيعة تتلخص فى الأتي حسب ما جاء على لسان الصفار عن حياة الإمام البروجردى.1-عدم الطعن فى الصحابة. 2- تدريس اللغة العربية.3- نبذ البدع عند زيارة الأضرحة. 4- عدم الموافقة على مسمى الخلافة.

ظروف مختلفة

وقال عثمان quot;لإيلافquot; ان البنود التى كان يستند اليها التقارب لم يتحقق منها شئ وخاصة من جانب الشيعة. بل حينما شكّل السيد البروجردي لجنة لتأليف موسوعة (جامع أحاديث الشيعة في أحكام الشريعة) أمرهم أن يثبتوا روايات أهل السنة في ذيل أبواب الموسوعة، وبدءوا العمل على هذا الأساس، لكن أطرافاً ضغطت ضد هذا الرأي، فاضطر البروجردى للتراجع عنه. quot; كانت رياح التعنت والتحزب لدى اقرانه من علماء الحوزة الشيعية في ايران له بالمرصاد، مطيحة بكل مساعيه لتحقيق أفكاره على ارض الواقع، تلك التي لو تحقق منها الجزء اليسير في بلده إيران، لاختلف الحال عما هو عليه اليوم اختلافا جذرياquot;.

وأضاف قائلا :quot; لم يتغير أي شئ على أرض الواقع في البلاد التي تتمذهب بالمذهب الشيعي سواء في أيام الشيخ شلتوت أو حتى بعد رحيله رحمه الله، فلا القوم قد بادروا إلى تنفيذ ما اتفقوا مع فضيلته عليه من نبذ الشقاق والخلاف ولا هم توقفوا عن منابذة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا توقفوا عن ممارسة التقية مع أهل السنة، ولا كف محدثوهم ألسنتهم عن القول بتحريف كتاب الله الكريم، ولا تغيرت عقيدتهم في عصمة الأئمة ومعرفتهم الغيب وسائر صلاحياتهم الإلهية هم ونوابهمquot;. بل استشرت في ايران ما بعد الثورة جذوة العداوة لكل ما هو سني، ولكل ما هو عربي على أرض إيران التاريخية، فنرى اضطهادا لا مثيل له للجالية السنية هناك وصل إلى حد هدم المساجد السنية، والعدوان على الأرواح والممتلكات، والترحيل القسري لتلك الجاليات خارج طهران، بل وعدم السماح باستخدام اللغة العربية لغة ثانوية للمتحدثين بها من أبناء الشعب الإيراني في الأهواز وغيرها. وكذلك تبنيها لمنهج تصدير الثورة، والدعوة إلى تشييع كافة المجتمعات السنية خاصة تلك التي تقع داخل نطاق السيطرة الإيرانية ولو بالقوة، وكذلك الحكم بجاهلية وكفر جميع المجتمعات الإسلامية التي لا تتبنى هذا الفكر الثوري، أو تلك التي لا تدين بالمذهب الشيعي.

وتابع قائلا : quot;إنها ثورة شيعية على الإسلام، تريد ابتلاع المسلمين خارج إيران، وإذابتهم داخلها، وكل من يتتبع أحداث إيران اليوم ووقائعها، يدرك تماماً ماذا يقصده القوم، وإلى ماذا يهدفون.فالمظالم التي صبت على الأكراد، والفضائح التي ارتكبت في بلو شستان، والدماء التي أريقت في عربستان، والاعتقالات الواسعة التي جرت في تبريز وما حولها، ليست إلا وسيلة لإبادة أهل السنة نهائياً، أو لدمجهم في صفوف الشيعة دمجاً كاملاًquot;.

مواجهة حادة مع المفتى

وكان مفتى الديار المصرية على جمعة قد ابدى فى تصريح مؤخرا لموقع قناة quot;العربية quot; إعجابه بالمذهب الشيعي، قائلا ان الطائفة الشيعية متطورة quot;وأفتى بجواز التعبد على المذهب الشيعي مذكرا بفتوى الشيخ شلتوت واتهم من ينقب عن الخلافات في كتب الشيعة من جانب علماء السنة بالعمالة.

ما حدا الباحث الى تقديم بلاغ فى المفتى الى النائب العام قال فى حيثياته ان المفتى quot;تجاوز حد الرشاد والسداد وتغليب ميله الشخصي على مصلحة الأمة، بسبب إبداء إعجابه بالمذهب الشيعي وجواز التعبد بهquot;. وطالب بعزل المفتي من منصبه؛ quot;لأنه أخل بأهم مفردات الأمانة العلمية والموضوعيةquot;.على حد قوله. وطالبه أيضا بالتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية.وقال انquot;فتوى فضيلة الشيخ على جمعة تتزامن مع نظر القضاء لدعوى مقامه من جانبه ضد الرقابة المصرية، بسبب رفضها السماح بعرض فيلم الخميني بين الحقيقة والخيال، الذي يتناول مساءل عن الإمام الخميني والشيعة. لكن البلاغ حفظ فلجأ الى المحكمة ورفع دعوى مباشرة جنح الجمالية ضد المفتى، متهما إياه بالسب والقذف، عما تضمنته فتوى المفتي بوصمه وغيره من الباحثين بعدم الفهم والتعثر والعمالة، وطالب القضاء المصرى مؤخرا بمعرفة ما تم بالبحث.

جدل فقهى

ويأتى تأشيرة مجمع البحوث ااسلامية للبحث وسط جدلاً فقهيًا دار فى لفترة الاخيرة حول فتوى الشيخ شلتوت، حيث شكك العلامة يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فى إصدار الراحل شلتوت هذه الفتوى خلال لقاء له بدورة quot;شباب المستقبلquot; التي عقدت بالقاهرة. ودخل في جدل ساخن مع الباحث الشرعي عصام تليمة المقيم بقطر الذي أصر على وجود الفتوى.

ويترافق مع موجه الجدل الفقهى توجه رسمي ضد المذهب الشيعي، تجلى أخيرًا في الاتهامات التي وجهت إلى أعضاء التنظيم الشيعى الذي ألقي القبض عليه مؤخرًا، وتجري التحقيقات معه حاليًا في ضوء اتهامات من بينها نشر المذهب الشيعي وتلقى تمويلات من ايران وسوريا. وهذا التوجه كما يرى المحللون مرتبط بزيادة النفوذ الايراني في المنطقة العربية ومحاولات القاهرة لتحجيم هذا النفوذ، فضلاً عن التصريحات الأخيرة لقيادات ايران والسيد حسن نصر الله امين حزب الله التي تحرض الشعب المصري على القيام بثورة ضد النظام الحاكم والقوات المسلحة على الانقلاب وفتح معبر رفح بالقوة إبان حرب غزة.