تحظى نهائيات كأس آسيا في الدوحة بأعلى نسبة متابعة سواء على مستوى الصحف اليومية أو على مستوى القنوات التلفزيونية، وهو ما دفع مختلف وسائل الإعلام إلى منح البطولة الأولية من حيث الاهتمام والمساحة، ولهذا كان من الطبيعي أن تخصص الصحف ملاحق خاصة لمتابعة أحداث البطولة، ونفس الحال بالنسبة للقنوات التلفزيونية وخاصة الرياضية المتخصصة التي وصل عدد ساعات البث في بعضها إلى ‬18 ساعة يومياً من دون إعادة، وكان من الطبيعي لشغل هذه المساحات أن تتنوع الموضوعات ولا تكتفي بمجرد متابعة المباريات وتصريحات اللاعبين والمدربين، وإنما تعدت ذلك إلى طرح القضايا وكشف الخبايا حتى انه لم يعد هناك أسرار لا يعلمها أحد ولا شيء مستور أمام الإعلام.

* ولكن هل يعني هذا أنه لم تعد هناك حواجز وأصبح كل شيء مباحاً لتناوله إعلامياً، وأصبح من حق الإعلام استخدام كافة الوسائل والأساليب من أجل تعرية المستور، ومن حق كل واحد من الضيوف استخدام ما يحلو له من عبارات بما يظهره في صورة الأقوى حجة والأعلى صوتاً والأقوى شكيمة، للدرجة التي تحولت فيها الحوارات في بعض البرامج إلى مشاحنات واستخدام ألفاظ لا تليق بأي وسيلة إعلامية. لقد تجاوزت الأمور الحدود المسموح بها في بعض البرامج، والغريب أننا نرى نبرة الأصوات تزداد علواً من يوم لآخر وكأن الضيوف في مباراة أمام جموع المشاهدين لإثبات أيهم الأقوى.

* تطوير الخطاب الإعلامي مطلوب، والاهتمام بالبرامج الحوارية المسماة بـ laquo;التوك شوraquo;، أو ما يعرف بتلفزيون الواقع أمر جميل لأنه يضع الضيوف على المحك ويجبرهم على قول الحقيقة بتلقائية دون مواربة أو تزويق، ولكن لا يعني هذا السماح لهم بتجاوز المبادئ العامة للأخلاق والتقاليد التي نشأنا عليها، وعدم الالتزام بميثاق المهنة الذي يفرض علينا احترام الآخر سواء كان مشاهداً أو مستمعاً أو قارئاً. فقد تجاوز شكل الحوار في بعض البرامج الحدود المسموحة ولابد أن نرفع لهم إشارة laquo;ممنوع التجاوزraquo; احتراماً للآخر، وليس شرطاً أن يكون صاحب الصوت العالي والألفاظ المتجاوزة هو الأكثر إقناعاً، فالقناعة لا تتولد إلا بالحجة والمنطق والعقل.

* ولأن الشيء بالشيء يذكر، فالحقيقة تفرض علينا القول بأن التجاوز يحدث بشكل أساسي في البرامج التلفزيونية، ولم يعرف طريقه بعد إلى الصحف اليومية، وهذا ليس دفاعاً عن الصحف، ولكن لوجود عنصر الوقت أمام الصحافي عند الكتابة، فيمكنه مراجعة نفسه أكثر من مرة قبل إرسال مادته إلى المطبعة. كما أن هناك أكثر من مسؤول تمر عليهم الموضوعات قبل أن تصبح نهائية للنشر، ومن واجبهم حذف كل ما يسيء للإنسان والمهنة. بينما البرامج المباشرة في التلفزيون لا تسمح بحذف أي عبارات، ولهذا كل ما نتمناه أن يكون هناك تنبيه على الضيوف قبل الخروج للهواء بعدم التجاوز ومراعاة حق المشاهدين لأنهم في الغالب من كافة الأعمار والأجناس.

جريدة البيان الاماراتية