تفتقد فرق كرة القدم الشعبيّة في العراق إلى الدعم المطلوب والساحات المخصصة لذلك الأمر الذي يضطرها إلى اللعبفي أماكن غير مؤهلة بين الأحياء أو على أطراف المدن لممارسة هذه الرياضة الجماهيريّة.

أحد الفرق الشعبيّة في العراق

على أرض ترابية ، ليست صالحة لتمرينات كرة القدم يتمرن لاعبون عراقيون شباب ثلاثة أيام في الأسبوع ، يشكلون نواة فريق النجمة الشعبي في بابل (100 كم جنوب بغداد) .

وما إن تبدأ المباريات الودية او التمارين اليومية حتى يتصاعد الغبار ، الذي يلف الساحة لاسيما في الصيف . ولأن المكان مفتوح فإن أمر توقف اللعب في كل مرة يبعث على ضجر اللاعبين الذين يرون ان الوعود التي تطلق بإنشاء ساحات مخصصة للعبة، لن تتحقق بعد مضي سنوات من الانتظار غير المجدي .

الرياضة الجماهيرية

ورغم كثرة الفرق الشعبية في العراق حيث تسمى بأسماء مناطقها ، او تطلق عليها تسميات للدلالة على القوة مثل فريق( الأسد ) أو فريق ( السهم الناري ) أو فريق ( القوة) ، فان هذه الفرق تعاني نقصا كبيرا في الساحات المخصصة لكرة القدم ، حتى اضطرها إلى اللعب في أماكن غير مؤهلة لممارسة هذه الرياضة الجماهيرية في العراق .

وفي ظل غياب واضح للمساحات الخضراء في العراق تلجأ الفرق الشعبية التي غالبا ما تعاني غياب الدعم المادي وينقصها التنظيم الإداري ، تلجأ الى المساحات المفتوحةبين الأحياء أو على أطراف المدن لممارسة لعبة كرة القدم .

الرافد الرئيس للأندية

ويشير اللاعب حميد القريشي ، إلى الكدمات في الأيدي واليدين التي يعاني منها اغلب أعضاء الفريق بسبب افتقارهم إلى الأحذية . ويتابع: هذه الساحة تملأها الحصى والحجارة الصغيرة وما ان يسقط اللاعب حتى يصاب بالرضوض والكسور. لكن هذه الفرق الشعبية غالبا ما كانت الرافد الرئيس الذي يرفد النوادي الكبيرة والمنتخبات المعروفة بالمواهب الكبيرة من اللاعبين .

ويقول كاظم حميد من بابل : رفد الفرق الشعبية في الحمزة في بابل المنتخب العراقي بلاعبين كبار منهم اللاعب الدولي رزاق فرحان الذي ترعرع في الفرق الشعبية ، وصار يشار له بالبنان في المنتخب العراقي لكرة القدم لما قدمه من انجازات للكرة العراقية .

لكن حميد يعتب على كبار اللاعبين الذين ما إن يصلوا إلى مراكز مرموقة حتى ينسوا الفرق الشعبية التي علمتهم ودربتهم ،ويبخلوا عليها بأبسط أنواع الدعم.

ورغم المحاولات التي جرت عبر سنوات لضم هذه الفرق الشعبية الى مراكز الشباب بغية حصولها على الدعم المادي ، الا ان ذلك لم يثمر عن نتيجة بسبب غياب الإستراتيجية التي تنظم العمل ، وسيادة الارتجالية في التنظيم .

أطول دوري في العالم

الجدير بالذكر ان الدوري العراقي يعد أطول دوري في العالم بسبب كثرة الاندية المشاركة فيه والبالغة 32 نادياً ، ما يعطي صورة واضحة عن الشعبية الكبيرة لكرة القدم في العراق .

ويقول كريم حسين وهو مدرب فريق شعبي ان اغلب النشاطات الرياضية في العراق حتى الرسمية منها ما زالت أسيرة الارتجالية وغياب استراتيجيات الدعم والتدريب .

ويعتقد اللاعب بارع قاسم ان الجهات المعنية في وزارة الشباب مسؤولة عن توفير الدعم المادي والساحات للفرق الشعبية التي مازالت تتخذ من الكازينوهات والبيوت مقرا لها .

ويقلق بارع كثيرا من المستقبل ، فالمساحات الخالية بين الأحياء تتحول بين يوم وآخر الى بنايات ، او أنها تتحول إلى كراجات ، أو أماكن للخزن أو مقابر للنفايات .

مراكز ترفيه وتهذيب

ويرى الباحث الاجتماعي كريم حسن ان الفرق الشعبية في العراق ليست منتديات او جمعيات لممارسة الرياضة فحسب ، بل هي مراكز ترفيه وتهذيب ، تعلم الشباب على التعاون ، والتضحية والعمل المشترك.

ويتابع : تطوير الفرق الشعبية والتشجيع عليها يبعد الشباب عن المخدرات والأعمال المخالفة للقانون ، إضافة الى انها تعد جيلا سويا بدنيا وفكريا .

ويرى الشاب كريم فياض ان الشباب العراقي معجب كثيرا في لعبة كرة القدم ، الى حد كبير ، وان علينا الاستفادة من هذه الظاهرة عبر استثمارها في تأهيل الشباب نحو الأهداف الرياضية النبيلة ، في ظل نزوع البعض الى ظواهر الترف السلبية .

الجدير بالذكر ان العراق كان رائدا في تأسيس النوادي الرياضية ، حيث تأسس اول ناد عام 1931 وهو نادي القوة الجوية في بغداد وتلاه في العام نفسه نادي الميناء الرياضي في البصرة واستمر العدد بالارتفاع تدريجياً حيث وصل عام 1959 العدد إلى (17) نادياً ثم ازداد العدد خلال السنوات العشر التالية الى (44) نادياً وخلال الاعوام من عام 1970 لغاية عام 1989 اصبح عدد الاندية 81 نادياً .

وبلغ عدد الاندية في مدن العراق المختلفة حتى العام 2000 حوالى مئتين وعشرين نادياً.

تمويل ذاتي

وبحسب احصائيات، فان كل محافظة عراقية تضم عشرات الفرق الرياضية الشعبية التي تمول نشاطاتها ذاتيا، من دون ان تتلقى أي دعم من الجهات الرسمية . ويتذكر حسين كامل وهو لاعب شعبي مخضرم في مدينة الصدر في بغداد فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي حين كانت المناطق الشعبية في بغداد مثل الكاظمية والكسرة تعجّ بفرق شعبية تمخض عنها اسماء مهمة قدمت للعبة انجازات مهمة .

ويورد كامل أسماء فرق شعبية علقت في ذاكرته منذ تلك الفترة منها فرق الأنوار والاتحاد في الكرادة ، وفريق الشباب ،اضافة الى الفريق الذي نال شهرة كبيرة في مدينة الصدر( الثورة سابقا) ، وهو فريق اتحاد حبيب.

أسماء معروفة

وتخرج من عنفوان الكرة الشعبية في العراق أسماء معروفة بينهم ، فلاح حسن وكاظم وعل ، وكريم صدام ونعيم صدام وحبيب جعفر وراضي شنيشل .

ويضرب المدرب الرياضي كريم حسن، المثال في لاعب نادي النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) سعيد محسن ، الذي هو احد اللاعبين المحترفين في نادي البحرين البحريني ، والذي تمرن وتدرب بين أحضان الفرق الشعبية التي كان لها الفضل في صناعة هذا اللاعب .

ويشير المدرب الكروي حسن الجبوري الى اهتمام الأحزاب السياسية برعاية كرة القدم في فترة الانتخابات فقط ، ويشير الى ان بعض النخب السياسية سعت الى استغلال حب العراقيين لكرة القدم عبر وعود ( دعائية ) معسولة في انجازات لكنها كانت لأغراض انتخابية فقط .

ويدعو اللاعب سعيد حسين الى تأسيس اتحاد الفرق الشعبية بكرة القدم بغية تأسيس قاعدة رياضية تستوعب جميع الفرق الشعبية.

ويقول سعد حسن اللاعب في فريق شعبي في مدينة الثورة في بابل الى عمق الأزمة التي تمر بها كرة القدم الشعبية في العراق ، عبر الحديث عن مباراة فريقه مع فريق الحي العسكري الشعبي حيث افتقدت الى ابسط وسائل إقامة مباراة ناجحة سواء ما يتعلق بأرضية الملعب أو التجهيزات الرياضية .

ويمكن قياس التأثير الكبير للفرق الشعبية حين نعرف ان نحو خمسة آلاف فريق شعبي شارك في البطولة الثالثة للفرق الشعبية في اغلب محافظات العراق عام 2007 .