يفكر الإتحاد الإنكليزي لكرة القدم بالإمتناع عن التصويت في الإنتخابات الرئاسية للإتحاد الدولي فيفا المقررة في الأول من حزيران/يونيو المقبل في زيوريخ مقر الفيفا الدائم. ولجأ الإتحاد الإنكليزي إلى هذا الخيار، بعد فضائح الرشى التي طالت ملف قطر الحائز شرف تنظيم مونديال 2022.


سيجتمع خلال الأيام القليلة المقبلة الاتحاد الانكليزي لكرة القدم لتقرير الشخصية التي يودّ التصويت لمصلحتها في الانتخابات الرئاسية لفيفا، التي ستجري في حزيران/يونيو المقبل.

ولديه مرشحان اثنان يجب اختيار واحد منهما: سيب بلاتر، الرئيس الحالي لفيفا الذي أشرف 13 سنة على النمو التجاري، والذي رافقته باستمرار نفخة من الفضائح...

أو محمد بن همام، رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم عضو اللجنة التنفيذية لفيفا منذ عام 1996، الذي كان لاعباً أساسياً لنجاح قطر في استضافة نهائيات كأس العالم لعام 2022، وهو صديق مقرّب من الوسيط الذي تم اتهامه في الأسبوع الماضي من قبل الرئيس السابق للاتحاد الانكليزي اللورد تريسمان في مجلس العموم البريطاني بتوزيعه رشى باسم قطر بمبلغ 1.5 مليون دولار لأعضاء في الاتحاد الافريقي لكرة القدم.

أو الاختيار الآخر، نظراً إلى الظروف، فإنه ليس من المدهش أن يأتي ديفيد بيرنشتاين، رئيس الاتحاد الانكليزي لكرة القدم، بفكرة وجود خيار ثالث وهو: الامتناع عن التصويت.

وهناك أسباب عدة لهذا الاختيار. فالتصويت لمصلحة بلاتر بعد الضجيج في فشل انكلترا لإستضافة مونديال 2018 عند اجراء الاقتراع في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ليس واردًا مبدئياً. في حين دعمه قد يساعد في بناء الجسور مع الفيفا بعد كابوس زيوريخ، لكنه سيسبب في إطلاق حديث صاخب ولفترة طويلة في محكمة الرأي العام البريطاني، خصوصاً أن الاتحاد الانكليزي قدم الكثير من الاحتجاجات، مطالباً بتغيير أنظمة الفيفا في أعقاب فشله بإستضافة نهائيات 2018. وبكل بساطة، فإن الجماهير سوف لن تقتنع بدعم الرجل الذي يعتبر (صواباً أم خطأ) مسؤولاً عن ذلك الإذلال.

مع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن الشيء الواضح هو دعم بن همام، الشخصية المقبلة والواعدة لإجراء تغييرات في طريقة تسيير أمور الفيفا، مع فتح المنظمة والقرارات التي تتخذها على قدر كبير من التدقيق العام. كما إن لديه علاقات جيدة مع ممثلي الدوري الممتاز في اتحاد الكرة، الذين مما لا شك فيه سيجادلونقرار التصويت لمصلحته.

لكن بعد وجود بن همام في أروقة الفيفا لهذه الفترة الطويلة، فهل سيكون حقاً المصلح العظيم؟ وأياً كانت حقيقة المزاعم الأخيرة التي تنطوي على قطر، فإن الشكوك المزعجة على هذا القرار الاستثنائي سيجعل من الصعب للاتحاد الانكليزي من رمي دعمه الكامل وراء بن همام.

يضاف إلى هذا كله، التحقيق الذي سيجريه اتحاد الكرة بنفسه حول مزاعم اللورد تريسمان، بحيث يمكن للمرء أن يرى أن بيرنشتاين يقتربأكثر إلى اتلاف ورقته في اقتراع الشهر المقبل. خصوصاً أن الرئيس التنفيذي السابق آدم كرويز أخطأ على نحو فاضح في آخر مرة واجه بلاتر الانتخابات في 2022، عندما ألقى خطاباً نارياً في مؤتمر عقد في سيول، هاجم فيه بلاتر والفيفا، على أمل أن عيسى حياتو (الذي، بالمناسبة، اتهم بتلقي نصيبه من رشوة الـ1.5 مليون دولار للتصويت لمصلحة قطر) سيحلّ محله، لأنه كان مزوداً بتذكرة قيامه بالإصلاحات.

لم ينس بلاتر ذلك اطلاقاً. ومما لا شك فيه أن الامتناع عن التوصيت والامتناع عن الضجيج ndash; مثلما يريد أن يفعل الاتحاد الانكليزي ndash; سيؤدي إلى تداعيات، أياً كان الفائز في رئاسة الفيفا.

وماذا في ذلك؟ خصوصاً أن المراقب الانكليزي قد يعتقد بأنه مع عدم استطاعة بلاده استضافة نهائيات كأس عالم آخر على الأقل لمدة عشرة أعوام، فإن الاتحاد لا يملك إلا القليل ليخسره. ولكن اتحاد الكرة الانكليزي سيكون في موقف أفضل لتغيير الفيفا من خلاله بقائه داخل الخيمة، ومحاولة تحقيق الإصلاحات من الداخل.

فرصة ضعيفة، فالحقيقة أنه مهما سيفعل هذا الاتحاد، فإنه سيكون بالنسبة إليه قليلاً، أو لا أثر يذكر على نتائج هذه الانتخابات، ذلك بسبب أن عملية الاقتراع هذه ستقرر من قبل أعضاء الفيفا الـ208، كونغرس من الأمم الذي بالكاد يتمتع الاتحاد الانكليزي بفرض أي تأثير عليه، على رغم إنفاقه مبالغ ضخمة على التنمية الدولية في العقد الأخير.

ويحتاج بلاتر في الجولة الأولى، الذي بلا شك هو المفضل، غالبية الثلثين للفوز بالرئاسة ndash; أي 138 صوتاً ndash; وأكد السويسري قبل أيام أنه واثق جداً من حصوله على هذا الرقم. ولكن حتى لو لم يحصل عليه، فسيتم اختيار الفائز على أساس الغالبية البسيطة في الفرز الثاني، ما يعني، في الحقيقة، أنه سيحتاج فقط 105 أصوات للفوز، لأن هناك مرشحين اثنين فقط.

ففي حين بعثت اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم بالفعل رسالة إلى أعضائها (53 صوتاً) لحثّهم على التصويت لمصلحة بلاتر، إدعى الكونكاكاف ndash; اتحاد أميركا الشمالية والوسطى ومنطقة البحر الكاريبي ndash; (35 صوتاً) أنه سيصوّت لبلاتر ككتلة واحدة، كما فعل اتحاد اقيانوسيا (11 صوتاً) وأميركا الجنوبية (10 أصوات).

وينبغي على آسيا (46 صوتاً) أن تكون بالفعل معقلاً لإبن همام، ولكن السويسري قد يضغط بقوة على عتبة القطري على أمل أن يكون هناك انقسام في القارة. أما أفريقيا (53 صوتاً) فإنه من غير المعروف كيف سيتوجه التصويت فيها، رغم أنه يعتقد بأنه هذا هو المكان الذي يتمتع بن همام فيه بدعم أوضح.

وكل هذا يعني أن القرار الذي سيتخذه الاتحاد الانكليزي لكرة القدم في الأيام القليلة المقبلة لن يكن سوى قليلاً من قطعة quot;لفتة سياسيةquot;. ولكن إذا أخطأ في قراره، فإنه سيضيف مزيداً من المرارة على ذلك الشعور العام الذي لا يزال يسبب الاستياء الذي نشأفي أعقاب التصويت لإستضافة نهائيات كأس العالم.